تقرير: إسحق إبراهيم – خاص الأقباط متحدون
اتهم تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية العربية للعام 2009 دولاً عربية بممارسة انتهاكات لحقوق المواطنين في الحياة والحرية من خلال التعذيب والاحتجاز غير القانوني. وأكد التقرير الذي جاء تحت عنوان "تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية" أنه في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001 أصدر معظم البلدان العربية قوانين لمكافحة الإرهاب تقوم على تعريف فضفاض لمفهوم "الإرهاب"، ومنحت هذه القوانين الأجهزة الأمنية في الدولة صلاحية واسعة في بعض المجالات التي تشكل تهديدًا للحريات الأساسية في مواضيع أخرى".
وأضاف التقرير أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان دونت أمثلة على ممارسات التعذيب في ثماني دول عربية بين العامين 2006 و2008.
اعتمد التقرير في تقييمه لحالة أمن المواطن على أربعة معايير؛ وهي (مدى قبول المواطنين لدولتهم، والتزام الدولة بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وكيفية إدارتها لاحتكار حق استخدام القوة والإكراه، ومدى قدرة الرقابة المتبادلة بين المؤسسات على الحد من إساءة استخدام السلطة).
وأكد التقرير أن "العلاقة بين الدولة وأمن الإنسان ليست علاقة سليمة؛ ففيما يتوقع من الدولة أن تضمن حقوق الإنسان نراها في عدة بلدان عربية تمثل مصدرا للتهديد ولتقويض المواثيق الدولية والأحكام الدستورية الوطنية.
وقال "شهدت دول عربية عديدة فترات طويلة جدا من الأحكام العرفية أو حكم الطوارئ التي تحولت فيها الإجراءات المؤقتة أسلوبًا دائمًا لتوجيه الحياة السياسية. وغالبًا ما يكون إعلان حالة الطوارئ ذريعة لتعليق الحقوق الأساسية وإعفاء الحكومة من أية قيود دستورية مهما كانت محدودة أصلاً». وأشار إلى أن كثيرين من مواطني البلدان العربية يعيشون في حالة من «انعدام الحرية» ولفت التقرير الانتباه إلى أن الأمن الشخصي للمواطنين في البلدان العربية مشوب بالثغرات القانونية وتراقبه وتتولى تنظيمه مؤسسات تتمتع بسلطة الإكراه وتقوم على مصادرة الحريات.
وتطرق تقرير التنمية البشرية إلى مسألة العنف ضد النساء حيث دعا البلدان العربية إلى «سن القوانين الكفيلة بحظر زواج الفتيات قبل بلوغهن سن الرشد أي الثامنة عشرة». وذكر التقرير بأن الدراسات تشير إلى أن الزواج المبكر والحمل في فترة المراهقة يهددان صحة الأمهات والأطفال ويزيدان من تعرض الإناث للعنف.
كما أفاد التقرير بأن هناك 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر, وجاء في التقرير أن معدلات الفقر العام تتراوح بين 28.6% و30% في لبنان وسوريا في حدها الأدنى ونحو 59.9% في حدها الأعلى في اليمن ونحو 41% في مصر.
وأشار إلى أن البطالة تعد من المصادر الرئيسة لانعدام الأمن الاقتصادي في معظم البلدان العربية, وحسب بيانات منظمة العمل العربية لسنة 2008 كان المعدل الإجمالي لنسبة البطالة في البلدان العربية 14.4% من القوى العاملة مقارنة بـ6.3% على الصعيد العالمي.
وأشار التقرير إلى أن الثروة النفطية الخيالية لدى البلدان العربية تعطي صورة مضللة عن الأوضاع الاقتصادية لهذه البلدان لأنها تخفي مواطن الضعف البنيوي في العديد من للاقتصادات العربية وما ينجم عنها من زعزعة في الأمن الاقتصادي للدول والمواطنين على حد سواء.
وأشار إلى أن هناك حظرًا كاملاً على تشكيل الأحزاب السياسية في ست دول عربية بينما تجعل القيود المفروضة على النشاط السياسي والمنظمات المدنية هذا الحظر حقيقة على أرض الواقع في البلدان العربية الأخرى.
يذكر أن الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمؤلف الرئيسي لتقرير التنمية الإنسانية العربي للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لعام 2009 انسحب من التقرير قبل صدوره بأسبوع اعتراضا على بعض التغييرات التي أحدثها موظفو البرنامج.
مشيرًا إلى أن هذه التغييرات كانت جوهرية وغيرت من البنية الفكرية له ومن أبرزها إسقاط الفصل المتعلق بصراعات الهوية.
وكشف السيد أن الجزء المتعلق بالهوية والذي كان يحمل عنوان «القنبلة الموقوتة: صراع الهوية» تم إسقاطه وإضافة صفحتين منه فقط إلى الجزء المتعلق بالدولة، وكان هذا الجزء يشير إلى أن هذه مشكلة يجب التنبه لها لأن ضحاياها في الوطن العربي أكثر من ضحايا الحروب الخارجية، إضافة إلى التقليل من أهمية الاحتلال الأجنبي على أمن الإنسان العربي. وأن التغيير الذي أدخل على التقرير مس الفصول التي لها طابع سياسي وترك بقية الفصول. |