بقلم: أماني موسى
جاءت ليالي الصيف بحرارتها الشديدة إلى جانب حرارة الأسعار وحرارة الفساد ومن ثم يلجأ الناس للاستجمام والراحة من الأعباء اليومية والمشاكل الحياتية من خلال الذهاب للمصيف الذي قد يساعدهم على التقليل من الشعور بحرارة الجو وتناسي الهموم، وكواحدة من الشعب ذهبت لقضاء يوم بأحد المصايف القريبة وأنا أُمنّي نفسي بقضاء وقت طيب ورطب خالي من الحرارة وسنينها. وأتوقع أن أرى الناس هناك على الشاطئ يرتدون ملابس البحر ويتمتعون بالحرية، إذ لكل مكان ما يناسبه من ملابس، فلا نجد مثلاً أحدًا يرتدي ملابس النوم في مناسبة رسمية وإلا كان شخصًا غير طبيعيًا!!
ولكني وجدت أن معظم المصريين أصبحوا وكأنهم بالفعل غير طبيعيين ومخالفين لكل ما هو منطقي، إذ وجدت العديد من الإخوات المنتقبات وأخريات يرتدين الحجاب والخمار ويجلسون على الشاطئ لا تبدو عليهن علامات التمتع بالجو والمكان أو حتى علامات الضيق والضجر إذ أن كلاً منهن كانت تتخفى تحت نقاب أسود اللون ولا يظهر منها سوى العينين بالكاد، وبجوارهن يجلس البودي جارد الخاص بها ليحميها من الذئاب البشرية (الزوج).
في الحقيقة شعرت للوهلة الأولى حين رأيتهم مصطفين بجوار بعضهم البعض أننا في عصر الحريم وبأن كل بعل متدلي الكرش يجلس بجوار نعجته هو سي السيد، ولم أهتم كثيرًا بالمنظر لاستكمل متعتي بالمكان، وبينما نحن جالسون على الشاطئ ونمرح بالألعاب فإذ بمجموعة من أؤلئك ينزلون البحر جماعة (كلاً مع زوجته) وهذا أمر طبيعي ولكن المدهش ومدعىَ العجب أنهم نزلوا البحر بكامل ملابسهم، فالزوجة نزلت بالنقاب أو الخمار وملابسها كاملة لا ينقصها إلا الحذاء! وكذا الأزواج نزلوا بالشورت الشرعي (تحت الركبة) والـ تي شيرت.
وحين خرجوا جميعهم من الماء كانت ملابسهم ملتصقة تمامًا على أحسادهم لتبين أدق تفاصيل الجسد -للمرأة والرجل- في شكل مشمئز. فتشعر وكأنك في استعراض لإظهار الأنوثة والذكورة بشكل مقزز ولكنه مستتر تحت غطاء التدين!
فأي منطق هذا الذي يتفكر به أؤلئك الناس؟ هل لا يدرون أن لكل مكان ما يناسبه من ملابس؟ هل لا يعون أنهم حين ينزلون البحر بكامل ملابسهم سيخرجون وهي ملتصقة على أجسادهم بشكل فاضح؟؟ أم أنهم يعرفون ذلك جيدًا ولكنهم يتغاضون عنه بحجة التدين والسترة؟ أي سترة هذه؟؟ وأي تناقض هذا أن تتناول المرأة طعامها وشرابها من خلف أسوار النقاب لتخفي حتى وجهها وتنزل البحر لتخرج وكأنها عارية؟؟
صرفت نظري عن ذلك المشهد المثير للسخرية والضحك ولكني تذكرت على الفور أن ذلك المشهد المتناقض والتدين المظهري هو مشهد طبيعي جدًا بالشارع المصري وليس بالمصايف فقط، فأنظر حولك بوسائل المواصلات أو الجامعات أو النوادي لتجد انتشار حجاب الرأس والنقاب بشكل كبير جدًا تشعر معه وكأن ذلك الوضع هو الطبيعي وما عداه فهو شاذ (أي عارية الرأس) ولكنك على الجانب الآخر تجد التحايل الواضح على ذلك التدين المظهري، إذ تجد الفتاة ترتدي حجاب للرأس لتستر شعرها على اعتباره مصدر للفتنة وإثارة الرجل ولكنها تضع معه المساحيق الشديدة الوضوح واللمعان والحلى المعدنية التي تتدلى من غطاء رأسها ذو الألوان الصارخة بشكل منفر وترتدي معه (الجينز) الشديد الضيق مع (البادي)!!!!
بالنهاية أتساءل: أيهما أفضل؟ أن ترتدي غطاء للرأس مع وضع مساحيق كألوان الطيف على الوجه وارتداء الضيق والفاضح من الملابس أم ارتداء ملابس عادية ولكن دون غطاء الرأس؟ أيهما يثير الذئاب البشرية الشعر أم الجسد؟ أيهما أولىَ بالغطاء الشعر أم الجسد؟؟
قد يتهمني البعض ربما كثيرين بعدائي للحجاب، ولكن هذا غير صحيح، فأنا لست ضد الاحتشام لأن الجسد ملكية خاصة وغير مباحة للجميع ولكني ضد التناقض والتدين الشكلي من الطرفين (المسيحي والمسلم). |