بقلم: د. مصطفي النبراوي نعم هناك تصاعد مستمر لظاهرة التدين الظاهري أو الشكلي في مصر له مؤشرات عديدة منها: - تزايد أعداد الجوامع والمساجد والزوايا في كل محافظات مصر. الأسئلة التي يجب أن نحاول الإجابة عليها... لماذا انعكس التدين في مصر والمنطقة العربية سلبًا على شعوبها.. وانعكس إيجابًا على مجتمعات ومناطق أخرى؟؟ لماذا لا توجد دولة مسلمين واحدة تُعد من الدول المتقدمة.. ولا تُعد من المائة دولة الأولى؟؟ لماذا لا توجد دولة مسلمين واحدة يمكن أن توصف بالمعايير الدولية بأنها دولة حريات وديمقراطية؟؟ لماذا تدنت الأخلاق بصفة عامة وتراجع الضمير العام؟؟... لماذا... لماذا؟؟ (مع تقديرنا لتجارب ‘سلامية غير عربية مثل تركيا/ ماليزيا/ اندونيسيا...) إن الدين -أي دين- كان في زمن النشأة رؤية مستقبلية جاءت احتجاجًا على الواقع ودعوة للتغيير وبناء مستقبل أفضل، المشكلة في تقديرى تكمن في أن المتدينين أكتفوا بالدين كونه نموذج تغيير وتركوا كونه آلية للتغيير.. ولم يكتفوا بذلك بل أعتقدوا أن نموذج النشأة هذا هو التغيير الأخير. إذًا الدين -أي دين- هو في المقام الأول آلية للتغيير... تغيير الواقع من أجل مستقبل أفضل. إن الإيمان والدين في تاريخ النشأة كانا شكلاً من أشكال الأحتجاج الإيجابي على الواقع من خلال تقديم رؤية مستقبلية تدفع بالإنسان والمجتمع إلى الأمام، ولذلك لكي يستعيد الإيمان والدين قدرتهما على التغيير والإصلاح والتقدم لا بد أن يكون لهما دائمًا وباستمرار رؤية مستقبلية تتفاعل مع الواقع ومتغيراته، وأن يتم التعامل مع الماضي من باب المعرفة وليس من باب الإتباع، علينا أن نحترم تراثنا لا أن نقدسه، إن الذين أنتجوا التراث كانوا رجالاً ولكل عصر رجاله ومن هنا تبرز أهمية وضرورة أن يكون هناك دائمًا وباستمرار مرجعية معاصرة تتفاعل مع العصر (زمانًا ومكانًا). إن النص المقدس ثابت أما فهمه فهو متغير ويجب أن يكون متغيرًا وباستمرار حتى يستطيع النص إدارة حركة المجتمع ويدفعه دائمًا إلى المزيد من التقدم، إنه لا يوجد تناقض بين النص المقدس من جهة والعقل والحقيقة من جهة أخرى، ولذلك يجب رفض القول بأن هناك نصوص غير قابلة للفهم، ففهم النص المقدس عمل بشري/ تاريخي/ نسبي/ مرحلي. هناك فارق كبير ونوعي بين السلفية والأصالة –فالمصطلح الأول سلبي عقيم وهو يعني اتباع خطى السلف بغض النظر عن متغيرات الزمان والمكان، أما الثاني فهو إيجابي مثمر فهو كالشجرة العتيقة ذات الجذور العميقة التي ما زالت تعطى ثمارًا حتى يومنا هذا لكونها تتفاعل مع زمانها ومكانها-. إن انتشار ثقافة التواكل والأتكال على الله –وأن الله هو المسئول على كل أفعالنا حتى الشرير منها– أضعف قيمة تحمل المسئولية في الشارع العربي، ولذلك لكي يستعيد الإيمان والدين قدرتهما على دفع المجتمع إلى التقدم والمنافسة لا بد من التأكيد على أن عمل الدنيا هو أساس جزاء الآخرة والعمل الصالح أحد أهم أركان الإيمان بغض النظر عن صبغة الأخير. إن استعذاب البعض للخنوع والخضوع شكل من أشكال العبودية تلك القيمة السلبية التي جاء الإيمان والدين ليخلص الأنسان منها، إن هذه القيم السلبية ليست قيم فطرية في الشعب المصرى بل هي صفات مكتسبة أفرزتها ثقافة الاستبداد بصورها المختلفة. إن الخوف من الإختلاف مخافة الإنشقاق والفرقة والمبالغة والتأكيد على اتفاق الأمة رغم تنوعها الثقافي تكريسًا لفكرة الدولة الأنصهارية كرّس ثقافة الطاعة العمياء لولي الأمر (السياسي والديني). إن الإيمان هو الحرية، وإن قيمة الإختيار عند الله من أسمى القيم ويسعده ممارسة الإنسان لها بغض النظر عن نوعه واتجاهه، وبالتالي فلكي يستعيد الإيمان والدين قدرتهما على التغيير الإيجابى عليهما الإعلاء من ثقافة الإختيار من خلال الحس على تفعيل العقل والموضوعية، إيمانًا بأن كل إنسان مشروع مستقل بذاته. إن إعلاء ثقافة الأختيار سوف تفرز الإختلاف والتنوع الخلاق وهي أحد أهم القيم التي اعتمدت عليها الدول التي تقدمت وتقود الحضارة الإنسانية الآن... |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت | عدد التعليقات: ٢ تعليق |