تقرير: إسحق إبراهيم – خاص الأقباط متحدون
أوصت دراسة صادرة عن مركز ماعت للدرسات الحقوقية والدستورية بضرورة قيام منظمات المجتمع المدني العربية بتنظيم حملات الضغط وفتح حوارات مجتمعية بهدف دفع الدول العربية إلى مراجعة مواقفها بشأن المواثيق الدولية والإقليمية التي لم تنضم إليها وخاصة تلك المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام، وضرورة صياغة حد أدنى من المعايير والضمانات الواجبة لتطبيق عقوبة الإعدام تكون بمثابة مدونة سلوك للدول العربية عليها أن تراعيها في إجراءاتها التشريعية والتنفيذية عند تبنيها للعقوبة، كما أوصت الدراسة بضرورة قيام الآليات المعنية بالأمم المتحدة بتحديد نطاق الجرائم الأكثر خطورة وتعريفها وحصرها بدقة حتى لا يكون الأمر فرصة للتأويل والتفسير بشكل يوسع من نطاق هذه الجرائم.
جاءت الدراسة تحت عنوان "الحد الأدنى من المعايير لتطبيق عقوبة الإعدام: مصر حالة تطبيقية"، وقام أيمن عقيل منسق التحالف المصري لمناهضة عقوبة الإعدام بعرض هذه الدراسة في مؤتمر "نحو الإلغاء العالمي لعقوبة الإعدام: حالة الدول العربية" الذي عُقد في العاصمة الأسبانية مدريد في الفترة من 14 إلى15 يوليو 2009.
وأكدت الدراسة أنه رغم ما أقرته العهود والمواثيق الدولية والإقليمية بغرض التضييق من نطاق تطبيق عقوبة الإعدام أو إلغائها كلية، إلا أننا في عالمنا العربي نتراجع خطوات للخلف عن هذا التوجه العالمي ولا نكتفي بمجرد بقاء العقوبة في تشريعاتنا ولكن نزيد على ذلك عدم الالتزام بالحد الأدنى من المعايير اللازمة لتطبيق العقوبة. وتناولت عقوبة الإعدام في القانون الدولي الذي يحدد فئات الأشخاص الذين يتم الحكم عليهم بالإعدام والحالات التي يجوز فيها فرض عقوبة الإعدام أو تنفيذها، وتعرضت الدراسة للصكوك والمعاهدات الدولية التي تكفل حق الفرد في الحياة والمواد التي ورد بها النص على هذه الحقوق، وركزت على الصكوك التي وضعت خصيصًا لإلغاء العقوبة وأهمها البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن إلغاء عقوبة الإعدام، والبروتوكول السادس الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان بشأن إلغاء عقوبة الإعدام، البروتوكول رقم (13) الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان، والبروتوكول الخاص بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لإلغاء عقوبة الإعدام.
ثم تعرضت الدراسة للمعايير الرئيسية التي تشكل الحد الأدنى من المعايير اللازمة لتطبيق عقوبة الإعدام، وهذه المعايير هي معيار الجرائم الأكثر خطورة، ومعيار المحاكمة العادلة بكل مشتملاتها، ومعيار استثناء القصر والحوامل من تطبيق العقوبة، وتناولت كل معيار من هذه المعايير بالتفصيل ومدى مراعاة التشريعات المصرية المعاقبة بالإعدام له.
كشفت الدراسة عن أن الجرائم التي تراها مصر "الأكثر خطورة" هي القتل والاغتصاب وقضايا تهديد أمن الدولة وقضايا المخدرات، ولكن تلك الجرائم الأكثر خطورة قد ازدادت وارتفعت لتصل إلى 105 جريمة يعاقب عليها بالإعدام. كما كشفت الدراسة عن أنه رغم وجود نصوص دستورية كثيرة في التشريع المصري توفر ضمانات للمحاكمة العادلة، إلا أنه على مستوى القوانين تظل هذه الضمانات غير كافية في حالة عقوبة الإعدام، فالضمانات المتوافرة في القضاء الجنائي فيما يخص العقوبة غير كافية، حيث أن رأي المفتي غير ملزم قانونًا، كما أنه لا يجوز الطعن على أحكام الإعدام الصادرة عن المحاكم الجنائية إلا عن طريق طلب إعادة النظر أو الطعن فيها أمام محكمة النقض. بيد أن الأسباب التي يمكن أن يستند إليها الطعن محدودة ويجب أن تقتصر على النقاط القانونية وليس على وقائع القضية إضافة إلى ذلك فإن ضمانات المحاكمة العادلة تُنتهك بصورة روتينية عند تقديم المدنيين إلى المحاكم العسكرية.
وأوضحت الدراسة أن قانون الطفل المصري الجديد أعفى الأطفال من هم دون سن الثمانية عشر من تطبيق عقوبة الإعدام عليهم وتخفيفها، طبقًا لنص المادة (111)، بينما تنص المادة -476- من قانون العقوبات المصري على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام على الأم الحبلى إلى ما بعد شهرين من وضعها، وهو ما يتعارض مع الحد الأدنى من معايير تطبيق العقوبة.
وتناولت الدراسة أهم ملامح ومظاهر عقوبة الإعدام في مصر عام 2009 مركزة على أحكام الإعدام الجماعية، والمطالبات بجعل تنفيذ أحكام الإعدام علنًا، والمطالبات بنقل الأعضاء البشرية للمحكوم عليهم بالإعدام، والاهتمام الإعلامي الزائد بالقضية، والمطالبات بتأجيل عقوبة الإعدام في مصر على المرأة الحامل لمدة عامين بعد الولادة. |