بقلم: رفيق رسمى
عليك إثبات إنك على الدين الصواب، ليس بالأيديولوجية الفكرية المعقدة ولا بالبراهين المنطقية الفكرية الجدلية، ولا بالحجج المختلف عليها دائماً لأنه مجرد كلام في الهواء، بل بالمنهج السلوكي الفعلي العملي الذي لا يختلف عليه اثنان على الأرض من أصحاب أي دين في العالم كله، لأنه هو البرهان الوحيد الذي لا جدال عليه ليثبت إن ما تعتقدة من أفكار هو الصواب، وهذا البرهان هو مساعد المساكين والفقراء والمرضى والمعوزين والمشردين في كافة أنحاء العالم اجمع بلا استثناء واحد ،
ومحبة الإنسان مهما كان في أي مكان وزمان لأنه صنعة الخالق الذي تعبده وهو منهج لا يختلف عليه اثنان، وعليك التسابق إلى ذلك لبرهنة إنك على الدين الصواب على الإطلاق، وليس التسابق على تكفير الأخرلانه يختلف معك فى المنطق والرؤيا والفكر ، وهو امر ضرورى ولازم وحتمى للكائن الحي الذي يختلف حتى مع نفسه من مرحله عمريه لاخرى حسب النضج والخبرة، إذا إنك لا تملك الصواب المطلق وحدك فقط ، ومن يؤمن بغير ما تؤمن به هو كافر وناقص الفهم، ( عذرا وعفوا أيضا ) هذا هو المرض النفسى بعينيه...
فكل الأديان التي عرفها العالم منذ أن وجد وإلى أن ينتهي في يوم من الأيام وبلا استثناء واحد يؤكد كافة أتباعها بشدة أنهم يعرفون الله، وإنهم يعبدونه هم وحدهم فقط الإله الحقيقي الواحد الأحد كلي القدرة الذي لا إله إلا هو، وغيرهم على ضلال وكفر وإلحاد وشرك، هذا هو الإنسان على مر الزمان وفي كل مكان على وجه الكرة الأرضية، يقولها بصدق وورع وتقوى وخشوع وخنوع وقناعة واقتناع، الكل صادق حسب إطاره الدلالي والمرجعي والمعرفي،
الكل صادق لأن الإنسان به خاصية في العقل الباطن ( الأوعى ) توهمه بالغريزة وتقنعه تماماً أن رأيه فقط هو أفضل الآراء جميعاً على الإطلاق، وإن ما لديه في عقله من أفكار هي الأكثر صواباً في مضمونها وجوهرها على الإطلاق، وإن ما لديه من انتماءات فكرية أو عاطفية هي الأرجح والأصح والأصلح في مٌجملها على الإطلاق، ومعلوماته التي يعرفها هي فقط الصائبة فقط لا غير، وما عدا ذلك فهو الخطأ والخطيئة والضلال والكفر والإلحاد والغباء بعينيه والحمق كل الحمق، وكل ذلك بسبب الجهاز الدفاعي الذي داخله الذي يدافع عن ما في محتوى عقله من معرفة معلوماتية وما يتبعها من انتماءات عاطفية وجدانية يعتقد أن في الحفاظ عليها هو حفاظ على استمراريته وشعوره بالقوة وبقاءه ككائن متفرد خارق الذكاء، ووجوده ككيان مستقل متميز، وشعوره أنه على صواب مطلق يحقق له ذاته التي تسعى بكل قوة إلى الانتفاخ والتضخم لأنه لا يمكن أبداً بأي حال من الأحوال أن يعتقد في شيء خطأ، لأنه من الذكاء الكافي والتام كي لا يفعل ذلك، لذلك الاعتراف بالخطأ يعتبر من أعظم الفضائل لأن غالبية البشر لا يمكن أن تفعل ذلك وكلما زاد علم ومعرفة الإنسان عرف أن كل شيء نسبي قابل للتغيير إلا التغيير ذاته،
وعندما فتح حمار الحكيم فاه قال: أنا جاهل أما أنت أيها الإنسان فجهول، ولما سؤل الحمار عن الفرق بين الجاهل والجهول
قال: إن الجاهل يعلم أنه جاهل أما الجهول فيجهل حتى أنه جاهل ولذلك يقول المثل الشائع ( لو جابوا للمجنون مليون عقل فوق عقله هيختار عقله ) ويقول المثل الشعبي أيضاً ( كل واحد عجبه عقله ومش عجبه رزقه ) تأكيداً على قناعته بما لديه من آراء قيمه وأفكار نيرة وعواطف راقية ومشاعر سامية يقدرها حق قدرها، لذا ينكر حظه في الرزق القليل مقارناً بذكائه الألمعي وعلمه الجم ورجاحة عقله التي لا تضاهي لأنها فريدة متفردة ونادرة...
وإن فعل الجهول غير ذلك سيشعر بالتنافر المعرفي الذي سيسبب له التوتر النفسي الذي سيؤلمه كثيراً لأنه سيسبب له القلق والإحباط وصغر نفسه التي هي أصلاً صغيرة ، ولا يتحمل أن يُذكره أبدا أي أحد بذلك، ولا يذكره أبداً بأي نقيصة أو ضعف أو قصور، والسبب في ذلك آن كل ما في ذهنه هو وما في العقل الباطن من غرائز وميول طبيعته ونزعات فطرية لم يتم تقويمها وتعديلها وتهذيبها وترك نفسه منقاداً لها مستسلماً لما تمليه عليه دون أي إرادة منه لمقاومتها، ودون آي رغبة منه في ذلك، لأنه حشر في عقله الواعي ما يؤكد ويدعم ما في العقل الباطن باستمرار من نزعات فطرية فردية أنانية ذاتية متعصبة ومتكبرة يتم تغذيتها ودعمها باستمرار بكافة الطرق والوسائل، ولم يملئوا عقلهم الواعي بالتفكير العلمي المنطقي ولا بالمنهج العملي ولم يعلموهم أبجديات قراءة الواقع بموضوعية تامة وحيادية كاملة،...
وأول هذه الأبجدية أن ( الحقيقة لها عدة أوجه) لأن الله مطلق لم يراه أحد قط لذا فيتخيله كل فرد حسب إطاره الدلالي والمرجعي والمعرفي حسب ما في عقله من معلومات وقت إعلان كلامة هذا وحسب اتجاهاته وميوله واستعداداته النفسية وحسب مشاعره وعواطفه وأحاسيسه لهذا الإله وحسب أيضاً احتياجاته الملحة من هذا الإله التي يتمنى من كل قلبه أن يلبيها له ويحققها له، من آمن وآمان وحماية حياته وذويه وذريته ومكتسبا ته وإنجازاته وكلها احتياجات أوليه جوهرية وأساسية،
والكل يأمل أيضاً أن يحقق له ما يتطلع إليه وما يطمح فيه، إذا صوره الإله الواحد متنوعة ومتعددة بتعدد البشر ومتغيرة في الإنسان الواحد حسب مرحلته العمرية المتعددة والمختلفة، والإنسان يمكن آن يغير معتقداته إذا تغيرت كميه ونوع معلوماته وعواطفه ومشاعره ومصالحه من فكرة إلى أخرى ومن أيديولوجية إلى أخرى ومن دين إلى أخر أو من طائفة إلى أخرى،
وكل هذا تبعاً لدرجة ومستوى ونوع ذكاءه العقلي والعاطفي وحسب مستواه الثقافي والاقتصادي والتعليمي، وحسب قوه ترابطه العائلي الأسري والمجتمعي لأن هناك مجتمعات ( كمجتمعاتنا )الدين فيها ضرورة مجتمعية ملحة ولازمة قصراً وإجباراً لإرهاب شعوبها حتى يسهل السيطرة عليهم سيطرة كاملة ( كفرض قانون معاقبة مزدري الأديان ككل ثم يتم اختزال كل الأديان إلى دين واحد فقط يتم معاقبة قاسية صارمة حازمة لمن يهينه هو فقط لا غير ولا يتم أدنى التفات إلى مَن يسب ويلعن قولاً وفعلاً، سراً وعلناً الأديان الأخرى ) ...
ولكن هل نحن نعبد الله حقا أم نعبد أنفسنا وذواتنا ومجدنا ونفوذنا وسطوتنا وسلطاننا سواء حكومات أم رجال دين أم إناس عاديين فكل فرد له رؤيته عن الله تخدم احتياجاته ويريد منه أن يشبعها له سواء على الأرض أو في السماء ( طمعاً في الحصول على الجنة ) الكل يعتقد أنه كلي الصواب والآخرون كفرة مضلون شاردون عقابهم النار وبئس المصير...
إن كنا نعبد الله حقاً ونتبع الدين الحق علينا الاهتمام بأبنائنا من نفس الدين أولاً بدلاً من خطف فتاة وإكراهها على دين أخر، أين نحن من أبناءنا وبناتنا الذين يعملون بتجارة جسدهم من أجل سد احتياجهم واحتياج أسرهم؟ أين نحن من أبناءنا الذين يحتاجون إلى عمل ؟ ومن فتياتنا اللائي يحتجن إلى زواج ؟...
هل ديننا نحن على صواب ونحن نترك أبناءنا واحتياجاتهم الضرورية الملحة والأساسية الجوهرية الحياتية لنتعارك على الأفكار الأيديولوجية ونضيع عليها عمرنا ووقتنا ومالنا
Rafekrasmy_3@yahoo.com |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|