بقلم: انطونى ولسن
نعم .. اننا لا نزرع الشوك ولا نريد ان نمشى فوقه أو نحصده..
وذلك لأننا وفى منتهى البساطة والصراحة عندما فكرنا فى الهجرة وترك بلادنا الام كانت اقدامنا تدمى من المشى فوق الشوك ، وايدينا تدمى من حصاد الشوك الذى زرعه نفر من إخوتنا.
حمدنا الله على انه حقق لنا الحلم الذى كان يراود كل فرد ورب اسرة وحر فى الهجرة الى بلد لا شوك فيه .. بل ورود وحرية التى لا تقدر بثمن واحترام لآدميتنا التى قاومنا كثيرا للاحتفاظ بها.
جئنا ( وسأتحدث عن استراليا وان كانت كل بلاد المهجر واوربا متشابهة فيما اتحدث عنه ). اقول جئنا والامل يملأ قلوبنا العامرة بالحب الذى اخترناه داخل افئدتنا وعقولنا ، ووضعنا ايدينا على المحراث وقررنا عدم النظر الى الوراء .. اى ان ننسى الشوك الذى ادمى اقدامنا من المشى فوقه وادمى ايدينا من حصاده حتى يسير خط محراثنا مستقيما لا عوج فيه ويكون الثمر كثير ومشبع.
هكذا صارت بنا الحياة فى عمل جاد لذيذ انعكس على اولادنا ان كان فى المأكل أو الملبس او التعليم. التعليم المدرسى والمنزلى الذى انبنى على الحب لهذا البلد العظيم والحب للانسان الذى يعيش فوق ارض هذا البلد العظيم ( استراليا) الذى لم يشعر احد منا بفارق بينه وبين الآخر لا بسبب الدين او الجنس او العرق. وحقيقة تجاوزات بعض الافراد والتى كنا نرد عليها بكل أدب واحترام .. احترام لأنفسنا اولا واحترام للبلد ( استراليا).
والحق يقال لم تصادفنا اية تجاوزات من رجال الحكومة الاسترالية.
عاش الابيض جنبا الى جنب مع الاسود والاصفر والاسمر والقمحى وعاش المسيحى جنبا الى جنب مع اليهودى والمسلم والبوذى والكنفوشيسى وايضا الملحد الذى لا يؤمن بوجود الله. كنا جميعا نشكل سيمفونية ووحدة كل مجموعة لها ((النوتة)) التى تساهم فى اخراج هذا اللحن الجميل الذى نتغنى به جميعا .. لحن حب الوطن الجديد استراليا الذى لم يبخل علينا بشىء.
لم ننعم طويلا بهذه الحياة الجادة الملتزمة والتى بدأ كل منا يشعر بالحسرة والاسى على ما ضاع من عمره بعيدا عن هذا البلد السعيد الذى لا فارق فيه بين حاكم ومحكوم . ولا بين غنى وفقير .. كل متوفر له الحد الادنى من العيش الكريم دون اراقة ماء الوجه او الاحساس بانه اقل بسبب فقره او مرضه.
نعم لم ننعم طويلا بهذه الحياة فقد حلت بيننا خفافيش الظلام وبدأت تعشش فى حياتنا مستغلة لكل ما هو طيب وجميل من حرية وتعددية حضارية وثقافية ومساواة فى الحقوق والواجبات.
بدأنا نستشعر رياح التغيير .. التغيير الذى دفعنا نحن المسيحيين الى ترك بلادنا .. بلاد اجدادنا واذ به نجده هنا فى بلادنا الجديدة والتى هى بلاد احفادنا فى المقام الاول.
ظننا ان المسلمين بدأوا يستشعرون رياح التغير كما استشعرنا نحن المسيحيين به .. لأننا كنا نعيش قبل مجىء ((خفافيش الظلام)) فى تناغم . وظننا اننا فى الغربة وجد كل منا فى الآخر الاخ المفقود بغض النظر عن الدين.
ويافرحة ما تمت اخدها الغراب وطار .. وطارت معه احلامنا الوردية وبدأنا نخاف على مستقبل اولادنا واحفادنا الذين اندمجوا مع اولاد هذا البلد الكريم استراليا.
خوفنا كان مزدوجا .. خوف من الفكر الاسلامى المتشدد والرافض للغير . وخوف من اهل البلد الكرام الذين لطيبة قلوبهم لا يفرقون بين انسان وآخر بسبب الجنس او اللون او الدين ، نجدهم فجأة يغيرون فكرهم وطيبتهم تجاه كل ما هو شرق اوسطى.
ونشط هذا الفكر الجديد نشاطا مزهلا وملحوظا وساعد هذا النشاط الطرف الماكر المستغلة للحرية والديمقراطية والتى هى نمط حياة هذا الشعب.. تارة يعيبون على هذه الحرية والديمقراطية ويضربون المثل بالمرأة العارية ( وان كنا لم نر ابدا امرأة عارية) ولكن اصحاب هذا الفكر عروا ووصفوها بالمبتذلة ليمهدوا للحجاب ليأخذ طريقه الى النساء المسلمات ليفتخرن على النساء الآخريات العاريات.
وتارة اخرى يستغلون هذه الحرية والديمقراطية للحصول على مزايا خاصة جدا. كما حدث مثلا مع الذى رفع قضية للحصول على وقت خاص للصلاة اثناء العمل. واستغل هذا الفكر ايضا كل معطيات الدولة الاسترالية لجميع المهاجرين والتى منها اذاعة ال (اس بى اس) ومنها البرنامج العربى الذى فتح الباب على مصراعيه لنشر هذا الفكر ليس فقط فى ولايتى نيوساوث ويلز وفيكتوريا فقط لاذاعة البرنامج فهما دون باقى الولايات . بل كان البرنامج يذهب الى بعض الولايات حيث الكثافة العربية وطبيعى بها عدد كبير من المسلمين مثل غرب استراليا واديلايد والاكثر من هذا استغلال رجال السياسة بعد ان عرفوا نقاط الضعف فيهم وهى التمسك بكرسى الحكم. فكانوا يتقربون اليهم ويعدونهم باصواتهم واصوات اخرى لهم سلطان عليهم والمقابل كثير من النفوذ والهيئات والجمعيات والمؤسسات الاسلامية التى استغلها السياسيون كخلايا تنظيمية لتجميع الاصوات.
واشياء كثيرة جدا بدأت تظهر تأثيراتها على المجتمع الاسترالى.
وايضا اشياء كثيرة جدا بدأت تظهر تأثيراتها على الجالية الاسلامية.
الجالية التى عاشت فى سلام وامان داخل المجتمع الاسترالى المتعدد الحضارات والثقافات. بدأت تشعر بانها مميزة عن غيرها. وان استراليا هذه بلد اسلامى وسوف يأتى اليوم – وهو قريب – عندما يتم اعلان الحكومة الاسلامية فى استراليا. وبدأ هذا التفكير ينتقل من الاباء الى الابناء والذين منهم من ولدوا على الارض الاسترالية.
وبدأت الفجوة تظهر فى تصرفات بعض الشباب وبعض الافراد فجوة اخذت تكبر ولا احد يحاول معالجة اسباب هذه الفجوة. وحتى المعتدلين من ابناء الجالية على ما اعتقد لم يستطيعوا الجهر بمعارضتهم لما يحدث بين ابناء الجالية.
وهذا ما حدث ويحدث فى مصر من صمت المعتدلين والوسطيين حتى لا يتهموا بتهم دينية او غير دينية هم ابرياء منها.
استراليا كأى بلد غربى حضارتها وثقافتها لا تتدخل فى الشؤون الفردية الخاصة بالمواطن
والدين احد هذه الشؤون الفردية الخاصة بالمواطن. انما الانتماء والولاء والعمل من اجل رفعة هذا الوطن الذى يفتخر به كل من يعيش على ارضه هو جواز السفر الطبيعى للوصول الى اعلى المناصب. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|