CET 00:00:00 - 03/08/2009

فاقد الأهلية

بقلم: سحر غريب
جارتي الأروبة تستطيع قيادة السيارات مثل أجدعها سائق ميكروباص نزل من بطن أمه وفي يديه عجلة قيادة، وقد اكتسبت مع سنين قيادتها الطويلة في شوارع مصر المحروسة خبرة كبيرة في الطرق وإشارات الطرق، والأهم أنها تعلم كل ما يدور بخلد السائقين المجاورين وتلك ميزة لمن لا يعلم عزيزة، فإحساسها بأن القيادة في شوارع المحروسة حرب حامية الوطيس وفي أجواء الحرب فإن من علم لغة قوم أمن مكرهم.
فهي تعلم لغة الكلاكس وهي لغة جديدة ظهرت مع ظهور السيارات في مصر، فعن طريق تلك اللغة يستطيع قائد السيارة معرفة ماذا يريد السائق المجاور أن يخبره من طريقة ضغطه على كلاكس العربية، فهذا يريد أن يشكر لأنها سمحت له بان يتجاوزها ويمر وهذا يريد أن يمسك زمارة رقبة جاره السائق لأنه نائم في العسل الشمال.
ولقد تعلمت جارتي كيف تستخدم الكلاكس في توصيل وجهة نظرها للسادة قائدي السيارات المجاورة، فهذا تسبه سُبة يعاقب عليها القانون ولا يفهمها غير قائد السيارة (بالسيم يعني) عشان ماحدش يمسك عليها غلطة، وهذا تقلق راحته وتوقظه من نومه العميق، وكله بلا تصريح باللسان فالكلاكس يقوم بالواجب على أكمل وجه.
أما أهم ما تعلمته جارتي في مدرسة القيادة الشوارعية فهو نوعية الإشارات الضوئية التي يرسلها قائدي السيارات المقابلة من تقليب للنور، فتقليب النور في الدائري مثلاً يعني وجود رادار فاحذره، وأخذت تحكي لي عن أهمية فهم تلك البديهيات التي يعتبر الجهل بها من مفسدات ومبطلات القيادة في شوارعنا.
وكم تعجبت من أن هذا الرادار قادرًا بقوة على تجميع قلوب المصريين على قلب رجلٍ واحد في مواجهة هذا البعبع الذي يتربص بالمخالفين على الطريق ويعدهم بتنفيض جيوبهم، وانتعش داخلي الأمل في وجود مثل هؤلاء المواطنين الذين يختلفون على البديهيات المسلم بها ولكنهم وقت الرادار ينسون خلافاتهم ويرمونها وراء ظهورهم ويتحدون، وكم تمنيت أن يظهر هذا الإتحاد في مواجهة عدو فعلي ولكن المواطنين اعتبروا الحكومة والرادار الذي هو سلاحها السري هم الأعداء، وهذا مؤشر لمن يفهم عميق فالمصريين يتحدون في الهيافات وفي الأذى ولكن عند الجد لا أعرفك ولا تعرفني وكل يبكي علي ليلاه.

سحر غريب

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق