CET 08:49:00 - 03/08/2009

مساحة رأي

بقلم منير بشاى
    فى تصورى أن المشكلة الكبرى التى تضعف العمل القبطى فى هذه الأيام هى عدم مقدرة الأطراف المشاركة فى العمل إدراك الدور الذى يكونون فيه أكثر فاعلية. نتيجة لهذا يحدث تناقض وتعارض بين الأدوار قد يصل أحيانا الى التصادم. وبدلا من العمل كفريق يكمل الواحد الآخر تتشتت المجهودات ويضعف تأثيرها.
    السلطات المصرية تعرف هذا جيدا وتستخدمه بذكاء لإحباط العمل القبطى عن طريق بث الإنقسامات بين صفوف الأقباط بحيث يكون هناك دائما صراعا بدلا من التناغم. وللأسف قد خدع البعض بهذا. ومسئوليتنا هى أن نفهم ما يحاك ضدنا ونفوت علي أعداء القضية هذا المخطط. وهذا يكون بأن بعرف كل طرف حدود دوره.

    دورأقباط المهجر
    تحاول الحكومة المصرية وصم أقباط المهجر بأنهم جماعة من الخونة والعملاء والمرتزقة الذين يعملون لصالح أعداء الوطن ويتسببون فى أضرار لوطنهم. ومن ناحية أخرى يحاولون إستقطاب البعض منهم فى محاولة لتحييد دورهم بإقناعهم بالإقتصار على العمل السياسى داخل مصر ويدفعون لهم الثمن باغداق المزايا المادية والمعنوية وتلميعهم وتسليط الأضواء عليهم.
    إن أقباط المهجر لا يملكون سوى سلاح الضغوط الدولية فى مجتمعات تتيح لهم  الحرية والإنفتاح على العالم الخارجى، ومن ثم تعطيهم المقدرة على فضح الممارسات الظالمة التى تحدث داخل مصرعلى العالم الخارجى. أقباط المهجر يعملون هذا ليس بقصد تشويه سمعة مصر ولكن بقصد ايقاف المظالم التى تمارس ضد أخوتهم. ولو كانت الحكومة المصرية يهمها فعلا سمعتها لما سمحت لهذه المظالم بالحدوث ولإتخذت الخطوات لتصحيحها. ولذلك فإن دورأقباط المهجرالحقيقى هو خارج لمصر وإذا خرجوا عن هذا الدور فلا تأثير لعملهم.
 
    دورالكنيسة
    الكنيسة كانت فى تاريخها الطويل ملاذا للشعب يجد فيه السلوى والعزاء والمساندة والتشجيع. فى الماضى كانت الكنيسة تضطلع بدور القائد السياسى. أولا: لسبب غياب دور الشعوب فى ذلك الوقت. وثانيا: لأن مشاكل الأقباط أساسا هى مشاكل دينية تقع بالدرجة الأولى تحت دائرة تخصص الكنيسة. وثالثا: لأن السلطات كانت تفضل التعامل مع الكنيسة على أساس أنها سلطة محددة قادرة على التأثير وتنفيذ العهود. أما فى العصر الحديث ومع بروز مفهوم الديموقراطية، ودور الشعوب فى المشاركة فى الحكم، فقد سبب هذا شىء من الإزدواجية نتيجة عدم وضوح الحدود بين الأدوار. ومن ناحية الدولة نراها ماتزال تفضل التعامل مع الكنيسة. وأحيانا نجدها تستغل الكنيسة بأن تجرها إلى إتخاذ مواقف سياسية موالية لها.  ولكن إذا إتخذت الكنيسة مواقف ضد سياسة الدولة فإنها تدينها وتوجه لها اللوم  بأنها تسعى إلى التدخل فى السياسة. أما الشعب فأيضا ينقسم إلى فئات فبعضهم يفضل أن تمثله الكنيسة سياسيا ويلجأ لها كلما صادف ظلما. والبعض الآخر يرفض تماما أى دور سياسى للكنيسة. أما النوع الثالث فموقفه متناقض فهو يرفض دور الكنيسة السياسى وفى نفس الوقت يلومها إذا صمتت عن الكلام فى القضايا السياسية.

    وفى رأيى أن رجال الكنيسة مثل أى مواطنين لهم الحق فى ممارسة السياسة كأفراد أما الكنيسة كمؤسسة فدورها الأساسى يجب أن يكون روحيا مقتصرا على الصلاة وخدمة الكلمة تاركة الأعمال الدنيوية الى العلمانيين(أعمال 6: 1- 8) . ولكن هذا لا يمنع أن يكون للكنيسة حق ابداء الرأى فى القضايا المطروحة فى المجنمع  خاصة إذا كان لها اتصال بالدين.   فالكنيسة من وظيفتها أن تنادى بالعدل والمساواة وتدين الظلم والإضطهاد وقد قال قداسة البابا شنودة: إذا لم يتكلم رجل الدين ضد الظلم فمن يتكلم؟ وهناك قضايا تهم المجتمع وتمس الدين مثل الإجهاض والشذوذ الجنسى والأحوال الشخصية.  كما انه من صميم دور الكنيسة  تصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة التى تؤثر فى حياة الناس. من واجب الكنيسة أن تشرح معنى المبادىء  المسيحية التى تنادى بمحبة الأعداء وتحويل الخد الآخر وتمجيد الألم وقبول الظلم وإطاعة الحاكم. هذه المفاهيم تفسر أحيانا بطرق خاطئة عندما تؤخذ من سياقها ومن واجب الكنيسة أن تحسم هذه الأمور يطريقة صحيحة.

    ولكنى شخصيا أرى أنه غير صحى أن تصبح الكنيسة هى الممثل السياسى للأقباط.  وربما تكون الكنيسة قد أضطرت فى الماضى الى الاضطلاع بهذا الدور نظرا لغياب القيادات العلمانية. وعلي الكنيسة أن تتخلى عنه تدريجيا وتسلمه إلى القيادات القبطية المدنية. وهذا طبعا إذا سمحت الدولة للقيادات القبطية المدنية المستقلة أن تنمو وتأخذ دورها الطبيعى. فمن الملاحظ أن الدولة تقاوم هذا الإتجاه من ناحية ومن ناحية أخرى تحاول أن تخلق عينة من القادة الأقباط الموالين لها من اليهوذات الذين لا يهمهم خير الأقباط والذين يدينون بالولاء للدولة فقط.

    دورأقباط الداخل
    أقباط الداخل هم الأساس. هم المعنيون بالعمل القبطى الحقوقى وبدونهم لا تكون هناك قضية ولا يكون هناك نضال. وتنجح الدولة إذا إستطاعت أن تقنع أقباط الداخل أن أقباط الخارج هم أعداء لهم وبذلك تبث الوقيعة بين الإثنين.  أقباط الداخل يعيشون فى عرين الأسد ولذلك فهم محدودون فيما يستطيعوا أن يعملوا. ولكن مع صعوبة موقفهم فقد  كانت هناك ظروفا فى الماضى إضطرتهم إلى تنظيم مظاهرات الإحتجاج خاصة عندما مست مقدساتهم وقد أنتهت هذه الاحتجاجات بأنهم حصلوا على ما يريدون.  أمثلة لهذه الإحتجاجات الناجحة : أزمة جريدة النبأ وتطاول الجريدة على رجال الدين المسيحى، ومشكلة السيدة قسطنطين التى طالت زوجة كاهن، ومشكلة تغيير إسم قرية دير أبو حنس وهويتها القبطية الى اسم وادى النعناع. فلا تستطيع قوة مهما كان جبروتها أن تقف فى وجه انسان يصر على أخذ حقه. أذكر أنه عندما أراد محافظ أسيوط هدم سور كنيسة أن مطران أسيوط الأنبا ميخائيل رفض الاستسلام وجلس أسفل السور قائلا لعمال الهدم أنهم اذا أرادوا هدم السورفليهدموه فوق رأسه. توقف الهدم وتصاعدت الأزمة وتناقلتها وسائل الإعلام العالمى . وكانت النتيجة صدور قرار من الحكومة بوقف اجراءات هدم السور. حتى رجلا واحدا شجاعا مثل الأنبا ميخائيل استطاع ان يتحدى الظلم بمفرده وينتصر.

    بالإضافة إلى الإحتجاج فإن اقباط الداخل يستطيعوا أن يستخدموا قوتهم الإنتخابية، على الأقل حاليا بترجيح كفة المسلم المعتدل الذى يراعى مصالحهم وإستبعاد المسلم المتعصب. وطبعا عليهم  أن يعملوا على إنجاح أقباط فى المجالس النيابية خاصة فى الأماكن التى بها تجمعات قبطية كبيرة. ولصعوبة نجاح القبطى المسيحى فى الوقت الحاضر نتيجة تفشى آفة التعصب الدينى فى مصر فإن مسئولية الدولة أن تبتكر آلية يمكن بها إنتخاب القبطى سواء عن طريق القوائم أوغلق بعض الدوائر لصالحهم. بالإضافة إلى ذلك يستطيع الأقباط إستخدام قوة القانون برفع دعاوى قضائية ضد المظالم وعدم التفريط فى حقوقهم. وإذا ساءت الأمور يمكنهم القيام بعصيان مدنى جماعى سلمى حتى تسمع الدولة صوتهم وتنصفهم. وإذا إرتفع صوت الأقباط فسيجدوا فى العالم الخارجى من يتفهم مشاكلهم ويضم صوته لهم. وللأسف إن العالم لا يستمع إلا لمن يصرخون، وكما يقول المثل الإنجليزى: العجلة (اللى بتزقزق) تحصل على الزيت.The squeaky wheel gets the oil
    خلاصة القول انه على كل قبطى أن يقوم بالدور الذى يتناسب مع موقعه وامكانياته. ومثل الفريق الذى يلعب مباراة كرة القدم، ليس المهم أن تكون أنت هو من يطلق الركلة الأخيرة التى تضع الكرة فى الجون، ولكن المهم هو الفوز. والذى ضرب الركلة التى أحرزت الهدف عليه أن يدرك انه ليس هو صاحب الفضل الوحيد فى النصر فهناك ركلات كثيرة سابقة أوصلت بالكرة لقدمه ولولاهم لما استطاع هو أن يحقق شيئا.  وعند النصر فإن أفراد الفريق كلهم قد أسهموا فى النصر. بل أن هناك أفرادا من غير اللاعبين قد ساعدوا أيضا فى النصر مثل الممولين والمشجعين والمدربين والإداريين.. وغيرهم، هؤلاء أيضا يجب الإعتراف بدورهم.
 فلتسقط السلوكيات الذاتية والأنانية والنرجسية وليحيا العمل بروح الفريق...
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ١٠ تعليق