بقلم: صبري الباجا
صاحب القداسة/ البابا شنودة الثالث
تحية تقدير ومحبة لقداستكم مصحوبة بالدعوات للإله الواحد الذي نعبده جميعًا بأن يديم عليكم نعمة الصحة والسعادة، وأن يحفظكم رمزًا مخلصًا للوطنية المصرية.
تعلم قداستكم مدى الحب الذي يحمله المصريون (مسلمون ومسيحيون) لقداستكم، بجانب التقدير والإحترام للمواقف الوطنية الشجاعة، ومحبتكم الخالصة لمصر وأبنائها دون تفرقة بين مسلم ومسيحي.
وتعلم سيدي مقدار الإهتمام والمتابعة لكل ما يصدر عنكم سواء في عظاتكم الأسبوعية، أو ما ينسب لقداستكم من آراء تتميز بالحكمة السديدة، ومن هذا المنطلق تابع الملايين من المصريين ما نُشر بجريدة "المصري اليوم" الصادرة بتاريخ 28 يوليو 2009 منسوبًا لقداستكم، وفي مجمله صريح ومعبر عن واقع تعيشه مصر ولا يختلف حوله أي ملاحظ محايد.
وكان ضمن ما نُشر تصريحًا منسوبًا لقداستكم نصـه: "غالبية الشعب يفضلون جمال مبارك".
وقد كان لهذا التصريح المنسوب لقداستكم صدى وردود فعل متباينة، منها:
* من رأيي في ذلك تحريفًا لحديثكم، وأنكم من الحكمة التي ترتفع بمقامك الرفيع عن ذلك الخوض، خاصة وأن الأمر لم يبت فيه بعد، وإن كانت مصر مشغولة بهذا الأمر على نحو أو آخر، وأن وقت ترجيحكم لم يحن، وأن الجريدة لم تتحرى أو تلتزم بحرفية الحديث.
- من استحسن ذلك وسعد به وهلل له معتبرًا ذلك بمثابة مباركة من شخصية لها ثقلها الوطني والديني، واعتبر ذلك بمثابة ضمان لأصوات غالبية الأقباط المسيحيين بحكم ما تفرضه مكانتكم على المواطنين من انصياع وتأييد لتوجهكم السياسي.
* كثيرون -ومعهم الحق- اعتبروا أن ذلك بمثابة دعوة لتصويت مبكر لأصوات (الأقباط المسيحيين) وحسم لاختياراتهم في انتخابات الرئاسة التي لم تبدأ مراسمها بعد، ومع الاحترام الكامل لكم ولحريتكم في إبداء الرأي والتأييد لمن تشاء، علت أصوات رافضة من أقباط مسيحيين يرون في تصريحكم خلط بين السياسة والدين، ولا يوافقونكم علي مقولة "أن غالبية الشعب يفضلون جمال مبارك" ويرون -معذرة وعفوًا- عدم الموافقة على أن تكون لقداستكم الولاية السياسية عليهم أو توجيههم سياسيًا أينما تشاء.
واسمح لي يا صاحب القداسة أن أتساءل مع المتسائلين عن دوافع هذا التصريح -إن صح نسبه لقداستكم- لشخص لم يعلن عن رغبته ولو لمرة واحدة في الترشيح، بل ما زال ينفي ذلك رسميًا في كل مناسبة يظهر فيها من خلال وسائل الإعلام، وكذلك يفعل والده السيد الرئيس.
سيدي قداسة البابا الموقر
لعل قداستكم توافقني الرأي أن المشكلة في مصر ليس من يحكم مصر؟، وإنما الأهم هو كيف تُحكم مصر؟!
الحاكم الفرد، هو فترة ولكن في مصر –للأسف- تُحكم مصر وفقًا لرؤيته وهواه بأكثر مما تحكم وفقًا لقواعد ودساتير وأعراف ثابته، ولعل ذلك ما يجعل فئات كثيرة في المجتمع المصري تعطي الأهمية والأولوية لـ "كيف تُحكم مصر؟"، وهو أمر مدعو لمناقشته كل المصريين على اختلاف توجهاتهم السياسية والفكرية والعقائدية، ودون إقصاء لأحد.
تبقى ملاحظة تعرضتم لها.. أن العلاقات بين المسلمين والمسيحين ليست على ما يرام، وهي ملاحظه صحيحة مائة بالمائة، وقد يكون من المناسب أن نتذكر أيضًا أن العلاقة بين المسلمين والمسلمين أو بين المسيحيين والمسيحيين ليست على ما يرام أيضًا، وأن حالة الإحتقان السياسي كثيرًا ما تعبر عن نفسها بعنف متبادل (بالقول والفعل) بين مسلمين ومسيحيين، وبين مسلمين ومسلمين، وبين مسيحيين ومسيحيين، ونظرة واحدة في صفحة الحوادث في أي جريدة ما يؤكد ذلك، وأن تحسين العلاقات وفك حالة الإحتقان بين أفراد المجتمع لن يتم إلا بقيام دولة مدنية حديثة وديمُقراطية قائمة على أساس المواطنة واحترام القانون، فيها الناس متساوون في الحقوق والواجبات ودون تمييز أو إقصاء بسبب اللون أو الجنس أو الإعتقاد الديني أو المركز الإقتصادي والإجتماعي، ونعتقد أن من يأتي على هذه الأجندة (الوطنية) هو الأولى بالتأييد ممن سيأخذ الوطن بأسرة على أجندته الخاصة.
تقبل قداستكم خالص الإحترام والمحبة.
باحث/ صبري الباجا
قبطي مسلم |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|