بقلم: عساسي عبدالحميد
رأيته ذات صبيحة يجالس الناس على قارعة الطريق، وكانت بعض من البنات يتحلقن حوله ويستمعن لكلامه باهتمام، ورأيت بينهن مـيـريـام، نعم ميريام التي طالما سحرت جنود روما برقصها وجدائل شعرها، وأطربت أغنياء اليهودية والسامرة بعذوبة صوتها ورنين أساورها، ميريام الغجرية، التي كانت تسقي سمارها بآنيتها الفضية، فيطرحون الأصفر الرنان تحت قدميها ويمنحونها عطر دمشق و نينوى ومكدونية...
وحدث أن مر فريسيون في تلك اللحظة التي كان يسوع يتكلم فيها عن التوبة والخلاص والملكوت، ثم اتجهوا نحو يسوع وخاطبه أحدهم قائلا، بالأمس رأيناك تستهزئ بشريعتنا وتهتك حرمة السبت مع رفاقك الأفاقين واليوم نراك تجالس السكيرين و الخطاة فما أضلك!!!... فالتفت إليهم يسوع بهدوء وقال، أنا جئت لأكمل لا لأهدم وحري بنا أن ننير السبت جميعا لكي نبتهج في حضرة الرب، صمت يسوع لحظة ثم رفع رأسه ثانية وقال للفريسي: إن كنتم تحسبون أنفسكم أصحاء فلا حاجة لكم بي، أنا جئت لأمد يدي للمتعبين والثقيلي الأحمال لكي أريحهم، جئت ليحملوا نيري عليهم، فنيري هين وحملي خفيف كجناح طير وديع، نعم، لقد جئت لأطرق الأبواب بلطف فمن رغب في فتح لي بابه وتناولت معه العشاء وكلمته بأمثال ثم أنصرف تاركا له ولأهل بيته بركة وسلاما ، ومن لم يرغب في اليوم سأعود إليه غدا وأقرع باب بيته من جديد لكي أمنحه سلامي وأفتح له أنا كذلك أبواب مملكتي السماوية العامرة فيتناول من مائدتي و يشرب من معتقتي ....
كان كلام يسوع عذبا كمياه الجبال، ومشعا كأنوار الغروب، ورقيقا كرنات وتر على قيثارة ذهبية... حقا، لقد كان يسوع صديق الخطاة يداوي أسقامهم و يشفي كلومهم و يمنحهم السلام والوداعة ... وحتى على خشبة الصليب فقد منح يسوع السلام للص صلب عن يمينه .. لقد كنت حاضرة يوم الصلب العظيم صحبة بنات أورشليم، يوم أظلمت السماء و أبرقت و تمخضت الأرض بموتاها و تمزق ستار الهيكل ... وبعد مرور كل هذه السنين أدركت أن يسوع كان أقوى من صالبيه... وكان ملكا ليس كسائر الملوك، يتبعه جيش قادر على تحطيم سيوف محاربيه وهتك صروح القياصرة والأباطرة، جيش سلاحه الكلمة الحية التي لا تغلب ...
عساسي عبدالحميد - المغرب
Assassi_64@hotmail.com |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|