بقلم: مجدي نجيب
منذ أكثر من شهرين وقد ترددت بعض الأقاويل في بعض الصحف الخاصة عن امتناع قداسة البابا عن الذهاب إلى الأسكندرية لإلقاء محاضرته الأسبوعية في الكنيسة المرقسية، بسبب ما قيل عن اعتراضه على قيام اللواء عادل لبيب محافظ الأسكندرية بهدم عدة مبان تابعة للكنيسة بدعوى مخالفتها وعدم حصولها على تراخيص، إلا أن في الزيارة الأخيرة لقداسة البابا بمحافظة الأسكندرية بعد عودته من رحلته العلاجية من أمريكا ربما تكشف عن مخزون لم يتم علاجه من بعض المشاكل التي فرضت نفسها على سطح الأحداث، وسواء قرر البابا امتناع قداسته عن الذهاب لإلقاء محاضراته بسبب المحافظ أو بسبب إرهاق جسدي فهذا الأمر متروك وحده لقداسة البابا وليس لأحد التدخل فيه.
ولكن دعونا من هذا وذاك فنحن أمام ثوابت أثيرت في بعض الصحف بل وصدور بعض القرارات التعسفية والمسئول عنها سيادة المحافظ ضد بعض أبنية الكنائس، فقد تم هدم مبنى الخدمات الكنسية بمنطقة سيدى عبدالقادر!!، ومبني كنج مريوط التابع لكنيسة أبو سيفين بالأسكندرية، ومبني كنيسة الأنبا تكلا في الإبراهيمية والذي كان يُعد لإستخدامه كمستشفى لخدمة المنطقة، كما أنه للأسف أن عمليات الهدم دائمًا ما تأتي وكأنها تتم للتشفي من الأقباط وهو ما يُلاحظ أنه يتم تنفيذ القرار دون أدنى دراسات أمنية أو إخطارات بالتنفيذ، بل تتم أثناء وجود الأقباط في الكنيسة للصلاة مما يثير مشاعر الغضب والكراهية ويولد عند البعض حالة من التشفي والسعادة مثل ما حدث فى مبنى الإبراهيمية، حيث نفذ القرار في أسبوع الآلام قبل عيد القيامة مباشرة!!
ورغم مخاطبة الكنيسة للسيد المحافظ عدة مرات إلا أنه كان هناك إصرار بصورة غريبة من السيد المحافظ، وهو ما دعا أقباط ومسلمو الأسكندرية يلجأون لـ"الإدارية" لحماية سانت كلير حيث قدموا طعنًا أمام المحكمة الإدارية العليا طالبوا فيه بإصدار حكم قضائي نهائي يحظر التعامل والحفاظ على مباني دير سانت كلير وملحقاته بالأسكندرية، وقال رافعو الطعن أنهم أقاموا هذا الطعن من أجل الحفاظ على هذه الكنيسة التي صدر لها قرار من رئيس الوزراء في العام الماضي أثبت فيه أن عقار "سانت كلير" وملحقاته مدرج بجول سجل الفيللات والقصور المحظور هدمها، فهو من المباني ذات الأثر الحضاري والمعماري التي يرجى الحفاظ عليها لما تمثله من قيمة حضارية معمارية. وأن قرار رئيس الوزراء صدر إعمالاً لنص القانون 144 لسنة 2006 بشأن العقارات غير الآيله للسقوط والتي تمثل نهجًا حضاريًا وتراثًا معماريًا لمدينة الأسكندرية، ورغم ذلك نجد إصرار من محافظ الأسكندرية على تنفيذ القرار وهو ما يؤدي بالقطع إلى الإحتقان الطائفي ومن ثم إشتعال الحرائق، والأغرب أن يزعم سيادة المحافظ أن الجميع أمام القانون سواء وأن القانون لا يفرق بين المسلم والمسيحي.
هل تناسى السيد المحافظ الأحداث الطائفية الساخنة عام 2005 التي كادت أن تقصف بعروس البحر الأبيض في أسوأ حوادث طائفية لم تشاهدها محافظة الأسكندرية على مر عصور طويلة؟، فهل هدم بعض الكنائس والمنشآت المسيحية هو من أجل تدعيم أواصر المحبة بين أبناء الوطن الواحد؟ وهل يقوم السيد المحافظ بهدم أحد الجوامع بزعم مخالفتها للقانون؟!!
نقطة أخيرة لمن يطلقون الإتهامات ضد البابا والكنيسة.. فقد أكد د. جهاد عودة "أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني" في إحدى مقالاته بأحد الصحف الخاصة أن الكنيسة لديها تصور غير صحيح بأن الضغط على الدولة يأتي بنتيجة إيجابية بغض النظر عن الموقف القانوني، وأرجع هذه السياسة الكنسية إلى ما وصفه بـ"ضعف سلطة البابا شنودة" عن ما سبق واقتسام السلطة في الكنيسة بين العديد من الأطراف مما جعل كل طرف يحاول اكتساب شهرة وقوة ولو على حساب الدولة.
وللرد على هذا الإتهام فنقول للأستاذ جهاد عودة أن مشاكل الأقباط والكنيسة هي جزء من مشاكل المجتمع المصري ويتم عرضها من خلال الصحف ووسائل الإعلام، وللأسف نجد تجاهل من بعض الجهات المسئولة وإصرار وتعنت من السيد المحافظ، فما المطلوب من قداسة البابا... هل يلتزم الصمت ولا يدافع عن المنشآت القبطية حتى لا يتهم بمعاداة الدولة؟، ورغم هذه الإتهامات التي توجه لقداسة البابا إلا أنه فعلاً يفضل الصمت وهو يردد "فلنترك الأمر للرب، فهو يتدخل لحلها".
ورداً على القس إكرام لمعي "رئيس لجنة الإعلام بالكنيسة الإنجيلية" والذى يطالب بضرورة وجود ثوابت قانونية واضحة لا ترتبط بأشخاص حتى لا يقوم البعض بشخصنة الأمور، مشددًا على ضرورة التخاطب بين الكنيسة والجهات الحكومية بالأوراق الرسمية، نقول له أن الثابت من الأوراق والمستندات أن الكنيسة لا تلجأ للشخصنة في أي من أمورها التي تتعلق بمواد القانون، ولكن يبدو أن البنود تفصل حسب الطلب، وبدلاً من توجيه الإتهامات دائمًا للكنيسة
لماذا لا تبحثون عن الحقيقة بدلاً من التصريحات العنترية في الصحف والفضائيات؟
أما الأستاذ الفاضل جمال أسعد الذي يزعم أنه المفكر القبطي -ولست أعلم من أين استقى هذه العبارات الكلاسيكية- فقد صرح في جريدة المصري اليوم بتاريخ 23 يونيو 2009 أن الكنيسة تتعامل بازدواجية مع الدولة، وزعم أن الكنيسة تمارس إدعاءات خاطئة على طول الخط وفق أهوائها الخاصة، وأضاف أن موقف الكنيسة دائم التغير والتلون حسب مصالحها الخاصة مما يتسبب في إشكاليات كثيرة نتيجة تعامل المؤسسة الكنسية بطرق غير قانونية لا علاقة لها بالدين ولا السياسة، ونحن نقول له... يا ريت ترحمنا بقى وتبطل نشر الفتاوى من "كفر دعبس أبو شلتوت"، فالكنيسة تتعامل بشيء كثير من الحكمة وتلجأ دائمًا للصلاة لوقف المهازل والهجوم عليها الدائم من قبل بعض الغوغائيين والمتطرفين والتي زادت أحداثها بكثرة هذه الأيام، وما يجعلنا مطمئنين أن المسلمين والأقباط يقفون في خندق واحد لمحاربة هذه العقارب والحيات، وهناك أقلام كثيرة تشرف الصحافة المصرية، وهناك صحف كثيرة تحارب هذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا، فياريت تبطل تصريحات وفتاوى وكفاية علينا مستر ماكس ميشيل الهارب الواعد من العباسية.
أخيرًا، أسئلة كثيرة لا يجب دفن الحقائق بل يجب إعلانها بالمستندات والوقائع دون محاولة التلاعب بالألفاظ والعبارات الزائفة، فإن أمن الوطن وسلامته هم أهم من المناصب التي تتبدل وتتغير، ولكن الوطن سوف يظل شامخًا وقائمًا إلى أبد الدهر.
مجدى نجيب وهبة
كاتب ورئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
Email: magdy.nagib@hotmail.com
elnahr_elkhaled2009@yahoo.com |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|