بقلم: مايكل فارس
بعد مطالب جهابزة حرية النقل وقمع العقل بسحب جائزة الدولة من المفكر العلماني سيد القمني بدأ الصراع يشتعل مرة أخرى بين هؤلاء الذين أحبوا النقل فقط وإخراجه من قمقمته القابعة؛ هؤلاء الذين قاموا بتقديس التراث وجعله أعلى من مرتبة الدين فأصبح التراث دينًا والدين نقلاً ولا هناك ما يسمى بإعمال العقل.
أعتقد أنهم طالبوا بسحب الشهادة لأنه قام بالإجتهاد والبحث في أعماق الموروثات التي أصبحت دينًا، فالمطلوب أن يكون العقل نائمًا والفكر هائمًا في ملكوت الله، هولاء الذين يعتقدون أن رموز العلمانية في مصر هي رموز الكفر والتي يجب استئصالها يرون أن العلمانية ضد الدين؛ يعتقدون أنها التي ستنحي الدين عن الحياة وعن الفكر وستجعله في سبات عميق مدى الدهور.
هؤلاء الذين لايعرفون أن سبب كل مشاكل مصر على مدى الدهور هو دمج الدين في السياسة والدولة، ولم يتعظوا من العصور المظلمة في القرون الوسطى في أوروبا عندما انهارت الحضارة الأوروبية عندما أصبح الدين هو المسيطر؛ عندما أصبح الباباوات والكرادلة هم من يتحكمون في مصائر الشعوب فانهارت الحضاره الأوروبية، وعادت مرة أخرى وبقوه لتشكل العالم وتصنع ما نحن فيه من إنجاز بقاعدة بسيطة وهو تنحية الدين عن العمل السياسي وجعله في إطار الكنيسة لتهذيب الروح وليس في ديوان الرئاسة وليس الحاكم فتقدمت أوروبا، فكم من علماء قتلوا باسم الدين؛ وما أن فاقت أوروبا من "صدمة الدين" حتى علمت جيدًا ما ارتكبته في حق هؤلاء العلماء الأفاضل.
ونحن لا زلنا هنا لم ولن نفهم الدرس؛ لم ندرك أن سبب تخلفنا هو إقحام الدين في كل عمل سياسي وحكومي، فلو نظرنا مثلاً في إقرار القوانين المصرية فكم من قانون لم يوافق عليه مجلس الشعب بسبب اختلاف في آراء الفقهاء واجتهادهم، مثل قانون نقل الأعضاء وقانون دور العبادة الموحد الذي لولا ثقافة الأغلبية المتردية لكان تم إقراره منذ اقتراحه، تلك الثقافة التي ترى أن بناء الكنائس مثل الجوامع يعد معضلة كبيرة؛ فمن ناحية القانون والسياسة معًا فالمواطنون سواسية ولكن بإقحام الفكر الديني فالمواطنون ليسو سواسية..
ولكن الفصل بين ما هو ديني وسياسي قادم وعجلة العلمانية دارت ولم يوقفها أحد في مصر، فلو نظرنا إلى الوضع المصري منذ 10 سنوات فكانت الدنيا مظلمة، أما الآن فهناك الآلاف من الكتب التي تحمل الأفكار العلمانية لكل الشباب في مصر وهناك الآلاف من المفكرين الذين خرجوا من صمت طويل ليحاربوا التخلف والرجعية ويحاربوا هؤلاء الذين يسيرون عكس التاريخ. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|