نظرة إلى المرأة كإنسانة

بقلم: نشــأت عدلي
تكلموا كثيرًا عن المرأة وأدوارها المتعددة في المجتمع ولكني هنا أورد رأيًا شخصيًا في المرأة وأحاول أن أراها على المستوى الإنساني، فكثير من الكتّاب كَتب عليها كربّة منزل وآخرين تكلموا عنها كعنصر فعّال في المجتمع والبعض تناولها من ناحية أمومتها، وبعيدًا عن المرأة في جميع الأديان التي أنصفتها والتي لم تنصفها، فالمرأة على المستوى الإنساني "هي مخلوق على درجة من الحساسية.. تستشعر بحواسها كل ما يحيط بها.. وقد حباها الله بذكاء فطري لم يعرف الرجل كيف يستفيد منه أو يستغله لصالحه"... المرأة هي ضلعي المُنتزع من جنبي وبالطبع لابد وأن تكون دائمًا في داخل هذا الجنب وبجواري.   

هي الأم التي تحنو برغم جفاء الأبناء.. فهي التي تحمل بداخل أحشائها نبت صغير يتغذى وينمو ويتكون إلى أن تصبح له مؤهلات تجعله يخرج للدنيا، فيجد الرعاية الملموسة بكل ما فيها من الحنو والمعرفة بكل أنواعها، ولكن ما أن يشبّوا ويضعوا أرجلهم على بدايات مراحلهم الإدراكية يتمردوا ولا تبقى لهم سوى رغباتهم  وأوامرهم التي يلقونها عليها دون أية مراعاة لأية ظروف قد تعانيها سواء مرضية أو نفسية أو أية مراعاة لمشاعر قد تنتابها. 

القدرة الفولاذية على التحمل والصبر تحمل المرأة بداخلها قدرة فطرية عجيبة على التحمّل لم نكتشفها بعد بل وننكر عليها هذه القدّرة في أحيان كثيرة، غير ناظرين للخدمات المنزلية الشاقة والمملة والعنيفة.. وربما نجعل من هذه القدرة مادة فكاهية نتندر بها.

إن قدرة المرأة على تحمّل كل المحيطين بها باختلاف طبائعهم ومجاملاتهم ومسايرتهم، وقدرتها على التوافق النفسي المقصود مع كل ظروف الحياة التي تواجهها دون أي إحساس من جهتنا بمثل هذه التغيرات النفسية التي تحدث لها، قدرة طبيعية لم ننتبه لها أو نُشعِرها بإحساسنا بها وبكل معاناتها ووضع لمسة من الحب للإنسانة التي بداخلها تقديرًا لكل ما تعانيه.

تعاملنا معها كزوجه وأم وليست كإنسانة عليها واجبات كثيرة، وليست لها حقوق إلا فيما نسمح به نحن معشر الرجال ولم نعطي لأنفسنا فرصة نحن معشر الرجال أن نكتشف الإنسانة التي بداخلها.. نستقي من الحب الذي يملـئـُها كزوجة ونهنأ بالقلب الحنون كالأم للأبناء وللزوج وجفائنا وكبريائنا أضاع منّا فرصة كبيرة أن ننهل من حب وحنان الإنسانة وننعم به.
نملئ به قلوبنا بل ونتمرغ فيه ونخرج به من بوتقة أيامنا المشوشة، لم نعطي لأنفسنا فرصة أن نبحث في أعماق الإنسانة جيدًا لنجد لنا مكان نستريح فيه.

الذكاء الفطري... لقد حبا الله المرأة بذكاء فطري تستطيع أن تدافع به عن نفسها تعويضًا عن الضعف البدني قياسًا بالرجل وتستطيع أن تدبر حياة بيتها وأسرتها بما هو متاح لها بحكمة وذكاء شديد ربما لم نعطها نحن الفرصة لإظهار هذا الذكاء في الحياة العامة للأنانية المترسبة في نفوسنا، ولكن البعض منهن نجح في العديد من المجالات نجاحًا ملحوظًا بل هن أكثر نجاحًا في مجال الأعمال الخاصة، فسيدات الأعمال كلهن من الناجحات جدًا في مجالهن.
المثل الذي قاله المصريين أنه (وراء كل رجل عظيم امرأة) لم يكن إلا إيمانًا بهذا الذكاء وبهذه الحكمة الفطرية الموهوبة لها.. وما من امرأة تولت عملاً سواء في الخدمة العامة أو وظيفة ما إلا وكانت جديرة بهذا العمل.. تقوم به بكل ملكاتها الطبيعية وضميرها يعمل قبل منها وهي متميزة في كل ما تقوم به بل وتستغل كل ما عندها من علم وذكاء لخدمة ما أوكلت به، وميادين العمل العام والخدمة العامة سواء على المستوى الكنسي أو غير ذلك، كانت الفرصة التي استطاعت أن تخرج المرأة مخزونها الإنساني العاطفي المكبوت لتشمل به كل الذين تحت رعايتها مُظهرة كفاءة غير عادية.

إن المرأة لديها مَـلَكات إنـسانية غير عادية، ولكننا للأسف لم نعرف كيف نستفيد منها ونستغل هذه المواهب فيما يفيد الأسرة والمجتمع، وذلك للنظرة الأحادية التي تملكت علينا وشوشت أفكارنا... لم نبحث عن الإنسانة في داخل حياتها ففقدناها كإنسانة في حياتنا، والمخزون الإنساني والعاطفي الذي تملكه نريد الاستحواذ عليه في أوقات معينة لنشعر برجولتنا دون أي اعتبار لإنسانيتها.