بقلم: مجدي نجيب وهبة وعلى صعيد آخر صرح مايكل منير برفضه لكلمة أقليات ورفضه مطالب بعض الأقباط بتخصص كوتة للمرأة والأقباط تحت قبة البرلمان، ولأن وطنية الأستاذ مصطفى الفقي لا يستطيع مصري واحد أن يزايد عليها، وهو ما يجعلنا نتساءل هل المشاكل التي يتعرض لها الأقباط داخل الوطن تحل قانونيًا بعيدًا عن الملف الأمني طبقًا للدستور والقانون؟!!. وقد تنبه المستعمر البريطاني منذ مطلع هذا القرن إلى أن أشد ما يؤذي شعور الأقباط هو التعامل معهم كطائفة، إذ نشرت صحيفة "التايمز" في عددها الصادر بتاريخ 26 يناير 1911 برقية لوكالة رويترز صادرة من القاهرة وكان نص البرقية "زار سير الدون جورست الأقاليم التي يوجد بها أقباط وحقق تمامًا في مسألة المظالم والشكاوى القبطية المزعومة، ولكنه اكتشف أنه لا توجد خارج القاهرة أية شكاوى ذات بال وأعلن أن المسلمين والأقباط يعيشون معًا بهدوء واطمئنان بصفة عامة إذا ما تركوا وشأنهم، وأن أسوأ خدمة يمكن أن نقدمها –يعنى الإنجليز– للأقباط هي أن تكون معاملتهم كجماعة أو طائفة منفصلة". لقد اعتبر بعض المخبولين أن القلة العددية للأقباط تعني أقلية بالمعنى الأنثولوجي، لكن علم الإجتماع لا يضع إعتبارًا للقلة العددية، فلكي يشعر المواطن بأنه ينتمي إلى الأقلية لا بد أن يكون هناك "جيتو" –لغة خاصة وبعض السمات الثقافية– لكن هذا كله غير موجود في مصر، فالأقباط والمسلمين ينتمون إلى ثقافة واحدة بالرغم من تعدد الخصوصيات، فمستقبل الأقباط في مصر هو نفسه مستقبل المسلمين... هو مستقبل المصريين، وفي زيارة فضيلة الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف لقداسة البابا شنودة صبح عيد الميلاد في 7 يناير 1996 قال "إن المجتمع المصري لا يعرف كلمة أقلية في نسيجه لأن مصر لا تضم بين طياتها سوى شعب واحد ومواطنين يتمتعون بكل الحقوق بدون أي تفرقة"، وكتب الأستاذ الكبير مصطفى أمين "لم تعرف مصر شيئًا اسمه الأقليات ولا حقوق الأقليات"، وعندما أراد الإنجليز أن يذكروا في تصريح 28 فبراير 1922 نصًا يبيح لهم حماية الأقليات رفض الأقباط أن يكونوا في حماية الإنجليز وقالوا أنهم في حماية المصريين.. "كل المصريين". ولذلك كان مثيرًا لغضب الأقباط ودهشتهم تلك المحاولات المبذولة لدفع الكونجرس الأمريكي إلى التدخل في شئون الأقباط، كما أكد البابا شنودة أن أية مسائل متعلقة بالأقباط يجب مناقشتها في داخل مصر، وكتب الأستاذ محمد حسنين هيكل مقالاً نُشر بصحيفة الأهرام 22/4/1994 تحت عنوان "أقباط مصر ليسو أقلية وإنما جزء من الكتلة الإنسانية الحضارية للشعب المصري"، لا بالمعنى العرقي مثل الأكراد في العراق والبربر في المغرب العربي، ولا بالمعنى الطائفي مثل الدروز أو الأرمن في إسرائيل أو لبنان، ولعل تماسك هذه الكتلة الحضارية هو القصد المقصود في التعبير المأثور عن اللورد كرومر "لم أجد فارقًا بين مسلم وقبطي غير أن أحدهما يصلي في مسجد والآخر يصلي في كنيسة"، كما أعلن قداسة البابا شنودة أكثر من مرة باسم الأقباط "نحن مصريون جزء من شعب مصر ولسنا أقلية في مصر، ولا أحب أن نعتبر أنفسنا أقلية، ولا أن يسمينا البعض أقلية، فكل من عبارة أغلبية وأقلية إنما تدل في أسلوبها على التفرقة والتمييز والتمايز بالنسبة للبعض، وهذا لا يليق بالنسبة لأبناء الوطن الواحد وبخاصة في مصر المحبوبة". وكتب الدكتور مصطفى محمود "إن النصارى والمسلمين في مصر ليسو أقلية وأغلبية يمكن تفريقهم بالمؤتمرات والفتن التي يثيرها الماكرون حول الأقليات، ولكنهم سبيكة حضارية واحدة تتصرف دائمًا في الأوقات الصعبة كأنها جسم واحد متماسك للمصلحة الواحدة، ومصر محفوظة بأمر الله من الدمار، الأرثوذكسية المصرية غير الأرثوذكسية الأوروبية والكنيسة الشرقية على خلاف مع الكنيسة الغربية، وقد وقف أقباط مصر في الماضي ضد الحملة الصليبية الأرثوذكسية وقادوها مع مسلمي مصر والقبطي المصري يعلم أن هؤلاء الأعداء ليسو كاثوليكًا وليسو أرثوذكسًا وليسو يهودًا بل أصحاب مصالح وهواة رياسة". وقد أكد الرئيس محمد حسني مبارك وحدة الشعب المصري وقال "مجتمعنا لا يعرف التمييز في العرق أو الدين أو الطائفة أو الطبقة، مجتمعنا إتحدت مكونات سكانه منذ فجر التاريخ، مجتمعنا انصهرت في بوتقته كل التيارات والمذاهب وتماسك فيه النسيج المصري فلا مكان لطائفية ولا موضع لتعصب أو طبقية". لقد صارت تلك الأحداث متتالية سمحت بها الدولة أو تقاعست عن التعامل وإلا لما تتكرر هذه الأحداث يوميًا، ونتساءل هل من حق بعض الأقباط الاعتراض على جار لهم مسلم يقوم بالصلاة داخل منزله أو عمل ذكر لله وسط أحبائه وأصدقائه.. أعتقد أن من حرية أي مواطن أن يمارس شعائر صلاته طالما لا يؤذي الآخر ولا يستعمل مكبرات الصوت لإزعاج الآخرين، وأعتقد أن هناك بعض الجهات المسئولة والإعلام والصحف مسئولة عن إستمرار هذه المهازل، فأي مواطنة تتحدثون عنها وسط هذا الركام من التطرف والإرهاب، فهل يحتاج الدكتور مصطفى الفقي أن يذهب للكونجرس الأمريكي ليقول "حققنا جزءًا من مطالب الأقباط لكن الصورة ليست وردية" وإلى أن تتحقق الصورة الوردية ما هو المطلوب من الأقباط أن يكفوا عن الصلاة ويمتثلوا لبلطجة الإرهاب أو أن تقوم الدولة بدورها لتفعيل القانون ومنع التعدي على الآخر والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الخروج عن الشرعية. لقد تآلف الجميع حول مائدة واحدة في شهر رمضان في جميع قرى ونجوع المحروسة لرسم صورة للمحبة والتسامح الذي يعجز عن التعبير عنه أعتى الفنانين حيث تقام موائد الإفطار ويحتفل الجميع بعيد الفطر، وكذلك في عيد الأضحى يقوم الميسورين من المسلمين بنحر الذبائح في الساحات الصغيرة ويتشارك فقراء القرية من مسلميها وأقباطها في الإحتفال بعيد الفطر أو عيد الأضحى وتبادل التهاني، وفي أعياد الغطاس والعذراء والنيروز يحتشد ما يقرب من 2 مليون شخص في أغسطس من كل عام في القرى المحيطة بكنيسة العذراء بجبل أسيوط يحتفلون، ولا يجرؤ أحد أن يسأل الآخر عن هويته الدينية. هذه هي مصر، وهذا هو شعب مصر الذي لا يعرف التعصب ولا يفرق بين الأديان السماوية.. "الله محبة".. نعم هي مصر المحبة، فما كان من الدكتور مصطفى الفقي للإجتماع بأقباط المهجر، نعم هناك مشاكل أصبحت تحدث يوميًا في القرى والنجوع الآمنة حيث نجح الإرهاب والتطرف في التسلل إلى عقول البسطاء في غفلة من النظام والأمن، فما أحوج هذه الأماكن أن يقوم بزيارتها الدكتور مصطفى الفقي وأمثاله للتخفيف من الصدمات التي تحدث بين أبناء الوطن الواحد وليس أقباط المهجر، ما أحوج القافلة التي ذهبت إلى واشنطن لشرح سماحة الإسلام لأقباط المهجر أن تذهب إلى قرية الشورانية بمحافظة المنوفية لكشف ألاعيب المتطرفين وتغلغلهم داخل العقول، ما أحوج قافلة د. مصطفى الفقي الذهاب إلى قرية بشرى الشرقية بمحافظة بني سويف وإزالة آثار اعتداء الإرهاب على منزل القمص إسحق قسطور كاهن كنيسة عزبة بشرى، ما أحوج قافلة د. مصطفى الفقي وأمثالها الذهاب إلى كفر البربري في قرية ميت غمر لوقف نزيف الشحن المستمر بسبب خلاف نشأ بين إثنين من المواطنين أحدهم مسيحي والآخر مسلم، اشتد النزاع على جنيه واحد رهن زجاجة كوكاكولا.. خلاف عادى يمكن أن يحدث في أي زمان ومكان وليس مقصودًا، ولكن بسبب الجهل والتربص بالآخر تندفع الجموع ويندلع القتال وتشتعل النار في غيبة من الوعي والفكر والثقافة، ويتكرر نفس السيناريو في قرية الفقاعي التابعة لمركز ببا محافظة بني سويف لمحاصرة مبنى تابع للمطرانية وقذف المبنى بالطوب بزعم إقامة صلاة، ولأن القانون لا يحكم هذه الأعمال الغوغائية ولا يتم القبض على الجاني والمجني عليه أعطى البعض الذريعة للهجوم المستمر على الأقباط، وهو ما تكرر في قرية الحواصلية مركز المنيا بسبب إقامة شعائر ديينية في منزل أحدهم دون الحصول على ترخيص ويتم قذف المنزل بالحجارة وأنابيب الغاز.. فأين القوافل التي تراقب وتهدأ وتكشف العناصر المتطرفة التي أصابت معظم قرى ونجوع المحروسة لتقديمهم للعدالة لمحاكمتهم على أفعالهم الدنيئة. لقد تكررت هذه الأحداث بصورة مرعبة منذ أحداث قرية بني والمس، ثم نتساءل هل من وراء تلك الأحداث تسرب جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى قرى ونجوع مصر لتتحكم وتحكم في المواطنين وتزرع الفتن الطائفية تمهيدًا لتصديرها إلى محافظات مصر؟ ما أحوج هذه الأماكن إلى تلك القوافل والذهاب إلى بؤر الفساد والتطرف لمحاربة الجهل والتعصب الذي يقوده أعوان بن لادن وأيمن الظواهري. أخيرًا ومع احترامنا الكامل لأحبائنا من أبنائنا المصريين العاملين بالخارج وتقديرنا لحبهم ومشاعرهم إلا أنه ليس هناك أوصياء على أقباط مصر في الوطن، فمشاكلنا سيحلها أبو محمد مع أبو مينا.. مشاكلنا ستحلها أم نبيل مع أم حسين.. أم جورج مع أم محمود حتى لو اعترض الجهلاء والفاسدين، ورغم أنف الحاقدين سيجلس الجميع حول مائدة واحدة في محبة وسلام تجمعهم أطباق العدس والبسارة وطبق عاشوراء في حب وسعادة. إنها مصر الشامخة والعظيمة بأبنائها وأحفادها.. ما أحوج أماكن بؤر التطرف أن تذهب إليهم قوافل الدكتور مصطفى الفقي لبحث المشاكل ونزع فتيل الأزمات الطائفية بل وغلق هذا الملف إلى الأبد ووضع حد للإعتداء على الآخر باسم الدين.. شكرًا لإخواننا وأبنائنا العاملين بالخارج مسلمين وأقباط.. فأنتم شركائنا في الوطن ولن يفصلكم عن الوطن بضعة كيلومترات، فمصر سوف تظل فخورة بأبنائنا داخل الوطن وخارجه.. لقد ارتووا جميعًا من مياه النيل، رافعين شعار واحد "الدين لله والوطن للجميع"... |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت | عدد التعليقات: ٢ تعليق |