يرى عراقيون تحدثوا إلى (إيلاف) أنّ وصول الانتخابات المصرية الى مفترق الطرق المتمثل في تساوي الاصوات بين مرشح الاخوان المسلمين والمرشح العلماني المحسوب على نظام مبارك، دليل على ان الشعب المصري في غالبيته لا يحبّذ كلا المرشحين.
يتعاطف العراقيون مع اشقائهم المصريين في الاحوال التي يعيشونها هذه الايام والمتمثلة بالانتخابات الرئاسية التي ستقررمصير البلد في المرحلة المقبلة، مؤكدين في احاديثهم ان الحاكم الذي يصلح لقيادة مصر يجب ان يكون قادرا على انقاذ البلد من ازمته وان لا يعيد مصر الى سنوات بعيدة من التخلف والمشاكل التي تمزق وحدته، مشيرين الى ان وصول الانتخابات الى مفترق الطرق هذا المتمثل في تساوي الاصوات بين مرشح الاخوان المسلمين والمرشح العلماني دليل على ان الشعب المصري في غالبيته لا يريد الاثنين.
لم يذهب العراقيون الى مقارنة ما يحدث في مصر الان وبين ما حدث في بلادهم في المرحلة التي تلت سقوط النظام وسيطرة الاسلاميين على الحكم، لانهم يعتقدون ان هناك فروقات عدة من ابرزها ان التغيير المصري جاء من الداخل وان الشعب المصري لديه حضارة ومدنية ليست موجودة عند المجتمع العراقي، ولكنهم وجدوا ان مصلحة مصر في استبعاد الاخوان المسلمين عن الرئاسة وتأييد احمد شفيق كونه اكثر دراية بأمور الحكم.
فقد قال احمد حسن جاسم الموظف في وزارة الثقافة: لا اعتقد ان الاسلاميين سيخدمون مصر بل انهم سؤذونها اكثر من قبل لانهم سيعتمدون طرقا في السيطرة مثلما استخدمها الاسلاميون في العراق فتكون مصالحهم هي الاهم فيما مصالح الشعب في اخر القائمة، ثم ان مصر بلد الحضارة والثقافة والفن والجمال لابد ان يحكمها شخص يعي كل هذه الاشياء، كنت اتمنى ان يفوز حمدين صباحي ولكن لنقل ان احمد شفيق خيار الاقل خسائر.
المحامي هاشم خلف يقول: ربما اذا غير الاخوان المسلمون من خطابهم وانتهجوا نهجا توافقيا حسب طبيعة المجتمع المصري فسوف ينجحون بأدارة الحكم، اما مسألة السلوكيات الغريبة مثل الاذان في البرلمان واقامة الصلاة وقت العمل والنقاش وتحريم الفن والغناء والسينما والمسرح وتهديد الاخر من المسيحيين الاقباط فأنا اعتقد انه سيعيد مصر الى سنوات التخلف والظلام.
عراقيون يرون في فوز الاخوان في مصر "عودة الى الخلف"
وقال الكاتب شوقي كريم من جانبه: "اولا تهنئة للشعب المصري لهذا الموقف الجميل من الانتخابات ومحاولة زرع ديمقراطية في الوطن العربي ، وتبدو ديمقراطية حقيقية ، ولكن الذي أأسف اليه انا شخصيا هو محاولة تسيد الاخوان المسلمين في الساحة السياسية بعد ان تسيدوا في البرلمان المصري، وفي الحقيقة هذه الهوية ستكشف اذا ما فاز احمد شفيق، وانا ارجح فوز احمد شفيق، وان كان يطلق عليه انه من الفلول، فهو افضل بكثير من فوز محمد مرسي، لان احمد شفيق ذهنية متفتحة استوعبت الحكم سابقا وعاشت تجارب وزارية مهمة من قائد القوة الجوية حتى رئاسة الوزراءٍ، وهو يعرف نبض الشارع المصري وقد يكون وجوده لصالح ثوار مصر بعد هذا التغيير الكبير، وما يقال انه من الفلول فهذه كلمات اعتقد ان الشعب المصري بدأ يستوعب هذه الحالة ويتجاوزها وخاصة في المدن الكبيرة مثل القاهرة، اما القرى والارياف فتأثيرها بسيط ولا يمكن ان يؤثر، وانا كنت قبل ايام في مصر وتعرفت على الكثير من التفاصيل.
ويضيف: "ثم ما معنى الفلول ؟ هل تعني ان كل اعضاء النظام السابق كانوا مؤيدين لحسني مبارك مثلا، او انهم يقفون ضد طموحات وتطلعات شباب الثورة المصرية، انا لا اعتقد هذا، فأحمد شفيق جاء في الوقت المتأخر لرئاسة الوزراء وكان محاولا للانقاذ، وتذكرني هذه اللحظة باللحظة التي توزر بها شاهبور بختيار قبل لحظات من سقوط شاه ايران، بنفس المشهد وبنفس الصورة".
واضاف: يمكن اعتبار احمد شفيق اذا ما فاز اهون الشرين بكثير، فهو على دراية بالحكم اكثر من الاخوان المسلمين وبخفايا الحكم وبالعلاقات العربية – العربية ، ولا تنسى ان مصر لديها اتفاقية مع اسرائيل ولديها اشكالية مع اميركا والكثير من المواقف التي يعرف شفيق خفاياها وله مرونة سياسية ايضا ، في الوقت الذي لا يتوفر الاخوان المسلمون على هذه المرونة.
الصحافي ستار محسن يقول لـ(إيلاف): انا احترم رأي الشعب المصري الذي قدم صورة جميلة للمجتمعات العربية المتطلعة نحو الانفتاح على العالم الخارجي وخصوصا ثورتهم البيضاء التي قدروا من خلالها ان يزيحوا نظام ديكتاتوري اى حد ما، انا اعتقد ان الليبراليين، سواء شفيق او حمدين صباحي الذي يمثل جزء من اليسار ويميل للناصرية بشكل خاص، افضل لحكم مصر من الاخوان، اتمنى ان يفوز شفيق لانه افضل لمصر الان، لان السلطة المقبلة التي تنبثق من الديمقراطية ستلتزم بدستور يتفق عليه الشعب، والمصريون عبروا مرحلة كبيرة حين اختاروا كتابا للدستور من خارج البرلمان وهذا باعتقادي يضمن ان يكون الدستور المصري ملبيا لطموحات الشعب المصري نحو غد افضل.
واضاف : تجربة مصر تختلف عن تجربة العراق، ففي التجربة المصرية حدث التغيير من الداخل وكان الشعب المصري البطل هو قائد التغيير، فالمجتمع المصري يختلف عن المجتمع العراقي، فالمصري فيه مدنية وفيه ثقافة ووعي وهو اكثر قربا من التغيير.
اما الصحافي كاظم لازم من جريدة "الصباح" فقال: "انا ارى ان احمد شفيق افضل لمصر حاليا، وانا اعتقد ان غالبية المثقفين العراقيين مع هذا الرأي لسبب بسيط جدا وهو اننا، مع احترامنا للفكر السلفي او الاسلامي او للاخوان المسلمين، نرى ان الصورة القاتمة التي تظهر عليها مصر حين استلام الاخوان للحكم مخيفة، اذ ان احدهم قال (في حال فوزي سأعيد دولة الخلافة) وهذا المنطق وفي عصر ثورة اتصالات والعالم يتغير وفي زمن عولمة، فأية دولة خلافة يقصد هذا، لذلك ارى شفيق هو الانسب، لاسيما ان تصريحاته الاخيرة جيدة، ومن غير الممكن ان يعيد العجلة الى الوراء، زمن حسني مبارك انتهى، وشفيق قال سأسلم الثورة الى مفجريها، للشباب، ومن هنا وبدون مقارنة الرجل يصلح لحكم مصر لانه رجل علماني ومن الممكن ان يبقي مصر على حالها لان مصر هي ام السينما والمهرجانات والموسيقى ومن غير الممكن ان نتصور مصر بدون سينما ولا موسيقى ولا مسرح".
وقال الكاتب اسعد الهلالي: "شفيق، وان كان من رموز النظام السابق لكنه لديه معرفة تامة وتفصيلية بطبيعة المجتمع المصري وما دامه وصل الى هذه المرتبة المتقدمة وقد انتبه قسم كبير من الشعب فهذا يعني ان الشعب المصري ألغى مسألة علاقته بنظام مبارك ونظر الى وطنيته فقط كونه رجلا مصريا وقائدا مصريا ورمزا مصريا، اما الاخوان المسلمون فأنا شخصيا ارى انهم من الممكن ان يعيدوا مصر سنوات الى الخلف، لان مصر بالذات لايصلح لها نظام حكم فيه مسحة اسلامية، وهذا ليس فقط بناء على التجربة العراقية بعد سقوط النظام السابق بل لما نعرفه عن الشعب المصري وطبيعته وتاريخه، بينما تاريخ الاخوان في مصر يثبت كلامي هذا، فمصر الحضارة ومصر الثقافة تحتاج الى حاكم علماني نزيه بعيد عن وجهات النظر المتزمتة الدينية".
اما فائز جواد الصحافي في جريدة "الزمان" فقال: "بما ان الاثنين مختلفان في الاراء والتوجهات وبكل شيء فأن اهم توجه هو للعلماني والديمقراطي الذي يخدم شعبه وبالتالي يتم عليه التوافق، الان الشعب المصري نراه منقسما الى قسمين، القسم الاكبر يقول انه لا يريد هذا ولا يريد ذلك، اي ان نسبة التصويت لمرشح الاخوان يشير الى ان قسما كبيرا من المصريين لايريدون شفيق، وبالمقابل نسبة التصويت الكبيرة ايضا لشفيق تشير الى ان قسما كبيرا من المصريين لا يريدون الاخوان، وهذا يعني ان النسبة الاغلب من المصريين غير موافقين على توجهات هذا ولا ذاك، اذن .. يبقى الخيار الاخير هو اختيار رئيس لا يخدم مصر فحسب بل يخدم الامة العربية بشكل عام، لاننا بدأنا نعاني، وحتى في العراق، نعاني من مسألة الاطراف المتدينة والاطراف الاكثر توسعا في مجال الدين، وهذا الموضوع ينسحب على جميع بلدان الوطن العربي، ثم لا يجوز ان يكون ربيع الوطن العربي موجها دينيا، بل يجب ان يكون علمانيا ديمقراطيا".
ويقول الدكتور صالح الصحن: الاحتكام لرأي العامة هو الحل الامثل لمصلحة مصر، فنحن نرغب ونؤمن ونتمنى ان يكون خيار الشعب هو الرصيد الحقيقي لتحقيق مصير هذا البلد الذي نقلق عليه بسبب تعاظم الازمات السياسية المتولدة جراء الفرق بين هذه الطائفة وتلك، وهذه الكتلة وتلك، وتجارب الشعب العربي المصري العريق ليست بحاجة الى تجارب اخرى كي يصل الى شاطيء الامان، فقد مضى وقت طويل والشعب المصري سجل حضورا حضاريا كبيرا في حياة المجتمعات واصبح مقياسا ومعيارا لتقرب المجتمعات والدول المحيطة به، الان يمر بأزمة سياسية خطيرة نتمنى كثيرا ان يحظى القرار المصري مشبعا بقرار الشعب".
واضاف: "المهم في الاختيار لصالح مصر هو البرنامج المعلن من قبل اية جهة، فأن كان مستوفيا للشرط الوطني والذي يخرج البلد من ازمته فهو الاصلح ، لهذا نتمنى على اية جهة سواء من الاخوان المسلمين او من جماعة احمد شفيق، ان يعلنوا برنامجا مستوفيا للشرط الوطني لانقاذ البلد من المشكلات والصراعات، وهنا نؤشر له بعلامة صح ونؤيده". |