بقلم: عماد توماس
عندما نفقد عزيز لدينا نتساءل ونعاتب الله.. لماذا يا رب؟ لماذا أخذته وهو ما زال في عز شبابه أو لديه أطفالاً صغار في سن التعليم الأساسي؟ لماذا يا رب تأخذ المعافى وتترك المريض على فراش المرض منذ سنين عديدة؟!
لماذا يا رب أخذتها وهي لم تفرح بابنتها الصغيرة ومن سيهتم بأولادها الصغار بعد رحيلها؟!
لماذا يا رب تركت هذا المرض اللعين "السرطان" الذي يعجز الأطباء عن التعامل مع وعلاجه أن ينتهك الجسد ويذهب به للموت عاجلاً؟!
لماذا يارب تسمح للألم أن ينال من محبيك والقريبين منك؟ أليس أنت هو "إله المستحيلات" و"صانع المعجزات" فلماذا لم تصنع معهم معجزة شفاء بعد أن فشل الأطباء في تقديم العلاج النافع؟!
لماذا يارب أخذت هذا الملاك الصغير فإن كنت تريده فلماذا أعطيته لوالديه؟!
يمكنك أن تضع العديد من الأسئلة التي يعجز أشهر اللاهوتيين عن تقديم إجابات وافيه لها، لكنها أسئلة مشروعة تعبر عن حالة من العتاب بين الأحباب، بين طرفين صار القرب والحب بينهما يسمح للعتاب فبقدر المحبة يأتي العتاب.
فعندما يعاتب الإنسان الله فكأنه يعلن عن محبته لهذا الخالق ويعلن عن أن الله في العلى أقدر وأعلى، وأن هذا الإله موجود يسمع للصلاة ولأنات أحباءه، وهذا الإله هو "أبوه" بالمعنى الروحي.
قد يعجز الإنسان عن تقديم إجابات نموذجية لأسئلته، وقد يعجز عن فهم الله فما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء، فمعاملات الله مع الإنسان لها معنى حتى عندما تبدو بلا أي معنى!!
إن الله يتدخل في الوقت المناسب، ففي وقته يسرع بطوق النجاة، فأوقاته مضبوطة حتى لو تأخر!!
الإيمان يقول لنا أن الله يقدر أن يشفينا وينقذنا أما تحدي الإيمان هو أن الله إن لم يفعل ذلك، فهل نكون شاكرين غير متذمرين؟
قالها قديمًا رسول المسيحية بولس "فإننا ننظر الآن في مرآة بلغز. وحينئذ ننظر وجهًا لوجه الآن أعرف بعض المعرفة. وفي ذلك الحين سأعرف كما قد عرفت."
نعم، قد لا نستطيع تقديم تفسيرات عقلية لما يحدث، وقد يعجز الأطباء عن تقديم العلاج اللازم للشفاء... لكن الله "صالح إلى الأبد رحمته" يستطيع كل شيء ولا يعسر عليه أمر، فهو يعرف ما يعمل ويعمل ما يعرف ودائمًا يصنع الصالح لنا حتى وإن لم ندرك ذلك في حينه!!
هذه الخواطر داهمتني أمس الأول بعد تشييع جثمان واحد من أعز الأحباء على قلبي بعد أن صارع مرض السرطان لمدة شهرين ونصف وانتقل إلى الموطن السماوي حيث يمسح الله كل دمعة من عيون المجروحين والمتألمين. |