بقلم: محمد عبد الفتاح السروري
الرد على الأستاذ "صفوت حجازي"
الرد على الشيخ "أبو أسحق الحويني"
الرد على قناة "الناس"
نتعفف ويا ليتهم أيضًا يتعففون.
فاز الدكتور سيد القمني بجائزة الدولة التقديرية ومنذ أن أعلن فوزه بها ولم تهدأ ثائرة الثائرين على الرجل وعلى ما يمثله من فكر ومن نهج في البحث العلمي لم نعتاد مثله في واقعنا الإسلامي السعيد..
أظن -وأظن أن ظني صحيح- أن طبيعة الموضوعات التي يتناولها الدكتور القمني في كتبه وأبحاثه بطبيعتها محل خلاف وجدال كبير.. بحكم طبيعتها كما ذكرت وبحكم تغولها في ثنايا التاريخ وأضابير الماضي كما أنها وللأسف الشديد من الموضوعات المسكوت عنها في التاريخ، فإن تجرأ أحد وبحث في هذا المطمور المستتر فيجب علية بحكم فكر الأغلبية أن يحقق ما تم تحقيقه وأن يثبت ما تم إثباته وإذا حدث العكس ولم يجاري السائد ويحقق المعروف ويعترف بما هو معلوم يكون مصابة مثل مصاب القمني ومن ينهج نهجه وتلك –لعمري– لعوار في طبيعة وكنه العقلية الإسلامية لا ينكرها إلا مكابر.
انبرت قناة الناس بالهجوم على سيد القمني واستهجان فوزه بجائزة الدولة التقديرية بل وأخذ بها الخيال مأخذه وجعلت من هذه الجائزة أحد القرابين التي يقدمها وزير الثقافة فاروق حسني إلى العالم كي يفوز باليونسكو وبالطبع لم يجد السيد الوزير –من وجهة نظر القناة– أفضل من التاريخ الإسلامي لكي يقدمه قربانًا (للأوروباويين) حتى يرضوا عنه ويمنحوه رئاسة المنظمة المرموقة... ولم يجد أحدهم من مقدمي البرامج في هذا القناة حرجًا في أن يصرح في نهاية برنامجه أنه يتمنى بالفعل أن يفوز فاروق حسني برئاسة اليونسكو حتى يرحل عن وزارة الثقافة وما يفعله فيها.
وليس هذا فحسب بل أنبرى الأستاذ صفوت حجازي في برنامجه الشهير (فضفضة) في إحدى حلقاته الأخيرة وخصصها بالكامل للدكتور سيد القمني هجومًا وتقريظًا في الرجل وفي أبحاثه، إلى هنا والأمر لا يعدو أن يكون خلافًا مشروعًا في الرأي ولا غبار عليه ولكن الغبار كل الغبار في طبيعة ومنهج الأستاذ صفوت حجازي في برنامجه وأيضًا في نوعية الألفاظ التي كان يستخدمها هو والأشخاص الذين كانوا يتصلون تليفونيًا أثناء إذاعة الحلقة على الهواء مباشرة.
الأستاذ صفوت حجازي يصف الباحث الدكتور سيد القمني بأنه (هذا الشيء أو اللا شيء) ويصف أحد المتصلين بأنه (الرويبضة) ويصفه آخر بأنه أسمه القمني وهذا يذكره (بالقماءة) وأنه (ابن قميئه) هكذا كانوا يصفونه في هذه القناة التي يفترض فيها الرقي وحسن الخلق.. هذا غير أبيات الأشعار التي أنبرى المتصلين في إلقاءها دفاعًا عن الإسلام النبي وآله وصحابته...
صب الأستاذ حجازي جم غصبه على الدكتور سيد القمني وسكب متصليه عليه سيل من الشتائم والبذاءات لكن لا صفوت حجازي ولا أحد من السادة الأفاضل الذين قاموا بالاتصال تعرض لما يكتبه القمني بالنقد والتحليل العلمي.. لا صفوت حجازي ولا غيره في البرنامج واجه أبحاث القمني بأبحاث مناهضة تتبع منهجًا علميًا في النقض والنقد... لم يحدث هذا في برنامج حجازي ولكن كل ما حدث هو ما ذكرته آنفًا من هجوم على شخص الرجل والتعرض لعقيدته بالتشكيك مرة وبالتكفير مرات وكأنه ليس حرًا.. في أن يعتقد أولاً ما يشاء.
إن الموضوعات والأبحاث التي يتناولها القمني في كتبه ومقالاته ليست هي موضوع ومحل حديثنا فهذا موضوع لا يتسع له المقام الآن بل يحتاج لتمهيد مختلف وتناول آخر قد يحين حينه بعد حين ولكننا غرض حديثنا ومرام كلامنا هو رفض هذا الأسلوب الغير متحضر الذي أتخذه صفوت حجازي واتخذته قناة الناس في تناولهما لأبحاث وشخصية الدكتور سيد القمني.
أذكر أن الأستاذ صفوت حجازي قد تعرض ذات مرة للأستاذ جمال البنا والأستاذ جمال البنا كما هو معروف صاحب آراء مثيرة للجدل ولكن عندما تعرض حجازي لما قاله البنا لم يجد حجازي حرجًا هو الآخر في أن يصف الأستاذ جمال البنا بأنه من الشيوخ الذين (شيخهم) (بتشديد الياء) الشيطان.
هكذا... تحدث الأستاذ صفوت حجازي وهكذا تقول على الأستاذ البنا بأنه من شيوخ الشيطان....
أن الهجوم الضاري من طبيعة صفوت حجازي وطبيعة مناهجه... هو حر والآخرين أيضًا أحرار فإذا قابلوا هجومًا بهجوم فلا أظن أنهم في هذه الحالة قد تجاوز حق الدفاع الشرعي عن الذات.
وهو دفاع منكور من الأستاذ حجازي لأنه يظن نفسه ومعه آخرين أنهم وحدهم مالكوا الحقيقة وهم وحدهم الذين يتحدثون باسم أهل السنة والجماعة (شيعة معاوية)... ولنا مع صفوت حجازي وكلامه وآراءه وقفة عندما يحين حينها بإذن الله.
أما الثاني هو الشيخ أبو أسحق الحويني... والشيخ أبو أسحق الحويني لمن لا يعلم هو واحدًا من أهم شيوخ قناة الناس وتحظى برامجه وفتاويه بشعبية كبيرة كما أن لآرائه وتفسيراته نصيبًا وافرًا من القبول لدى العامة.
ولنستعرض سويًا في عجالة وإيجاز بعض من آراء الحويني حتى نعي جميعًا طبيعة الأشخاص ونوعية العقليات التي تدافع عن صحيح الدين وتواجه القمني وأبحاثه العلمية بضراوة حتى لا يتسيد (سيد) علينا.. ولنرحل سويًا إلى آراء وتفسيرات الحويني حيث قال....
عندما تم سؤاله هل صحيح أن بول الطفل (الذكر) لا يبطل الوضوء وبول (الطفلة الأنثى) يبطله أجاب بأن هذا صحيح وأن بالفعل بول الطفل الرضيع الذي لم يرضع غير اللبن لا يبطل الوضوء ولكن بول الطفلة الأنثى تنقضه) إلى هنا والأمر لا يعد وتذكيرًا بحكم شرعي لا ذنب للرجل فيه وإن كان هناك ذنب فالذنب ذنب رواة الأحاديث الثقات أمثال أبو هريرة الذي أسلم قبل وفاة النبي بثلاث سنوات ويقال أنه روى عنه آلاف مؤلفه من الأحاديث أو رواية آخر أسلم وعمره عدة سنوات لا تتجاوز في مجموعها أصابع اليدين.
وروى هو الآخر عدة آلاف من الأحاديث وعندما مات الرسول صلى الله عليه وسلم كان عمره ثلاثة عشر ربيعا ومن بعدهم صارت هذه الأحاديث هي المرجع والمال في تحديد الحرام والحلال على الرغم من أن مجمل هذه الأحاديث قد جرى تدوينها بعد وفاة قائلها (إن كان قد قالها بالفعل) نقول تم توثيقها وتدوينها بعد مرور مائتي عام ونعود للشيخ أبو اسحق الحويني الذي لم يكتف بذكر هذه الفتوى حيث أن الأمر كما قلنا ترديد لما هو مكتوب في كتب التراث المتوارثة ولكن ما لفت نظري هو التفسير الذي ساقه الحويني لتبرير هذا الأمر نوجزه باختصار فيما يلي (نذكر هنا أن هذه الفتاوى ليست هي جوهر حديثنا ولكننا نسوقها فقط للاستدلال على طبيعة ونسق العقليات التي تتصدر المشهد الإسلامي وتتعرض للأكاديميين أمثال سيد القمني ونصر حامد أبو زيد والدكتور محمد عابد الجابري الذي طاله هو أيضًا من شيوخ الوهابية مطال).
ونعود لسياق الحديث مع الحوينى حيث قال...
لأن الطفل الذكر مخلوق من آدم وآدم من تراب والتراب لا ينتن لهذا لا يوجب بوله الوضوء
أما الطفلة فهي (حواء) وحواء من ضلع عظم والعظم من الماء ينتن لهذا وجب الوضوء لبولها
هذا غير أن الطفل الذكر محل فرحه تتناوله الأيادي بكثرة وتيسيرًا من الشرع الحنيف على (الكثرة) جعل من بوله لا ينقض الوضوء حتى لا يشق عليهم على عكس (الطفلة) فهي لا تقابل بنفس فرحة الذكر فمن السهل على القلة التي حملتها أن تقوم وتتوضأ.
هذه هي العقلية (التفسيرية) التي تجابه الدكتور سيد القمني وهذا هو المنهج العلمي الذي يحاربونه به وهذه هي حقيقة الشخصيات التي تتصدر المشهد الإسلامي العام وتقود العامة وتتحكم في عقولهم و(اتصالاتهم)!!! ليست الفتوى والتفسيرات السابقة هي مبلغ حديثنا ولكن الهدف هو تبيان مدى الفرق بين ما يكتبه سيد القمني وما يقوله وبين ما يتقول به أمثال هؤلاء ويؤمنون به.
ولم تسلم جريدة "القاهرة" من ألسنة المتحدثين في قناة الناس واعتبروها تتبنى موقفًا يدافع عن فكر سيد القمني وأمثاله وتعرض من ضمن ما تعرض له الشيخ أبو اسحق الحويني لشعار الجريدة (الحرية الحقيقة هي نشر كل رأي وترويج أي مذهب) وأعتبر الشيخ أن هذا الشعار مدعاة للفوضى... ونسى فضيلته أن المقصود هو نشر كل فكر والترويج لكل مذهب بالطرق المشروعة والمواجهة يجب أن تكون أيضًا مشروعة (سواء باللفظ أو الفعل) أما نفي وجود مثل هذا الشعار المستنير من حياتنا فقد يكون فكر ومذهب الحويني وحجازي هو أول ضحايا الفكر الواحد والمذهب الواحد والحقيقة الواحدة وإذا كانت جريدة القاهرة (وذكر معها أيضًا روز اليوسف) تتبنى موقف سيد القمني فهناك الكثير من الجرائد والمجلات والقنوات وملصقات الميكروباصات تتبنى الفكر المخالف وتروج له (أسوق هنا مثالاً بمجلة التوحيد الناطقة باسم جماعة أنصار السنة وهي مجلة خارج الواقع والتاريخ لو كانوا يفقهون.. ولنا معها هي الأخرى ومع ما تبثه وتروج له وقفة ومعارضة إن قدر الله لنا ذلك).
وفي نهاية قولنا نقول:
عاش السهروردي ومن قتله مات... حيا الحلاج ومن صلبه مات... مطبوعة هي كتب ابن عربي ومن أغتاله في القبر ... فالأفكار لها أجنحة (على حد تعبير فيلم المصير)... تتطير في المكان وفي الزمان أيضًا ولا يحرس العقيدة إلا حرية الاعتقاد ولا يحمي الدين إلا الجرأة على الفقه الموروث الثابت الذي لا يواكب صيرورة الزمان.
من حق سيد القمني أن يكتب وأن يؤرخ ومن حق غيره أن يختلف وأن يعترض ولكن ليس من حق أحد أن يسفه أحد أو يسبه أو يسخر من منهجه وعقليته.. فإذا لم يكن من السخرية بد فنحن جميعًا أعلم أن مشمول فقه وفكر قناة الناس وما ينحو نحوها تعد مرتعًا للساخرين إن أرادوا أن تصبح السخرية والسباب منهاجًا ولكن الكثير لا يسخرون فيا ليت غيرهم يتعففون. |