CET 00:00:00 - 14/08/2009

فاقد الأهلية

بقلم: سحر غريب
لم أتشرف بمعرفة فأر عن قريب طوال حياتي إلا من خلال جيري ورغم أني عاشقة لجيري الفأر الجميل الصغير الذي يشاغب القط توم إلا أن الفأر على الطبيعة له طعم وشكل ورعب تاني خالص، رعب لن تجده حتى في أفلام الرعب المستوردة.
فقد تكرم عليا الزمان وهاداني بفأر صغير لم ينبت شاربيه بعد، يبدو أنه قد ضل طريقه إلى شقة المصيف المستأجرة وجعل من مصيفي مصيف الرعب الصيفي، وأصابني بعقدة المصايف فقد جعل حياتي جحيمًا لا يُطاق.

فعلاقتي به يمكن اختصارها بخوف من أول نظرة وحتى آخر نظرة، ولكي تعلم مدى صغر حجم هذا الفأر المتناهي فما عليك إلا أن تسمع وصفي له عندما صرخت على زوجي منادية عليه لينقذني من بين براثنه فقد رأيته أولاً كصرصور صغير يشاغبني فهو ينطلق جيئة وذهابًا بسرعة الصاروخ متجولاً في الحجرة الصغير، حتى وقف لبرهة صغيرًا موجهًا نظره الثاقب ناحيتي وكأنه يلومني على حبسي لحريته في العدو الصباحي وكانت نظرة أعلن من خلالها عهدًا جديدًا من التحدي: يا أنا يا أنتي يا ست هانم.
وبدأت المعركة بصرخة مدوية من حنجرتي معها اصفرار وهربان سريع للدم مع هروب وكر وفر من جهته، ثم وضع زوجي لاصقة فئران وهي لمن لا يعلم عبارة عن لصق يوضع فوق قطعة من الكارتون يتوسطها طعام يحبه الفئران فيدخل الفأر الخية ويلتصق بها.

ولكن زوجي العزيز الذي أخذ على عاتقه مهمة تخليصنا من غزو الفأر الصغير وضع للفأر قطعة من الطعمية مؤكدًا على أن الفئران يحبون الطعمية، ورغم أننا تعلمنا في المدارس أن الفأر يأكل الجُبن إلا أن زوجي العزيز كان في حاجة مُلحة إلى محو أمية فأرية، فالفأر أبن الذوات رفض الرمرمة وترك قطعة الطعمية تعاني الوحدة ولم يفكر في أن يمتد إليها بالأكل.
وبعد عدة وصلات من الصويت الأوبرالي من جهتي مع تجوال أكثر ونظرات تحدي من جهة فأرنا الغازي المقتحم أخذنا نتساءل من أين جاء الفأر الغريب؟ وهل هو عدو أم حبيب؟ ومن أين دخل؟ من الباب أم من الشباك أم من داخل البالوعة المفتوحة على مصراعيها؟ وهل هو بطل سباحة مخضرم ليغوص داخل البالوعات ويصل إلينا بلا نقطة ماء واحدة؟

أما كونه صغير الحجم فقد جعلنا ننهي أجازتنا سريعًا فمعنى حجمه الصغير هو أنه مازال طفلاً معولاً من والدين محبين سيسارعون بالبحث عنه وقد يشرفونا ويقضون معنا في مصيفنا عدة أيام حتى يأتي صغيرهما معهما!
وتخيلوا ماسيفعله فأرًا بالحجم الطبيعي وليس بالحجم الكارتوني في شخصي الضعيف، فحزمت حقائب السفر مع بحث دائم ومستمر وتنفيض عنيف لكل قطعة ملابس حتى لا يعلق بها الفأر ويسافر معنا إلى القاهرة ليقضي على البقية الباقية من أعصابي المنفلتة.  

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق