CET 00:00:00 - 17/08/2009

مقالات مختارة

بقلم: مايكل منير

ولكن دون الإساءة للأقباط أو استغلاله من مغرضين!
التظاهر السلمى هو حق من حقوق التعبير وتكفله المواثيق الدولية ووقعت عليه مصر، ولذا فهو حق مشروع طالما أنه لا يخرج عن الإطار الأخلاقى الخاص بتنظيمه وسلوكه بحيث لا يتعدى على الآخرين أو يصحبه تدمير ممتلكات، أو استغلاله من فئة مندسة لتحقيق أغراضها الدفينة بعيداً عن الهدف الأساسى للتظاهر.. ولذا أعبر عن موقفى من المظاهرات التى يعتزم الأقباط القيام بها أثناء زيارة الرئيس مبارك للولايات المتحدة الأمريكية، فانا لا أرفض المظاهرات التى تطالب بحقوق الأقباط فقد أساء البعض فهم تصريحاتى تعقيباً على القيام بتلك المظاهرات، حيث لى باع طويل فى تنظيم العديد من المظاهرات ضد النظام المصرى، وكنت آخر من قاد مظاهرة أمام البيت الأبيض عقب أحداث الهجوم على الكنائس بالإسكندرية فى أبريل 2006 وأحداث قرية بمها بالعياط فى عام 2007، وتقدمت بمذكرة للكونجرس وأديت بشهادة أمام لجنة سماع بالكونجرس بشأن هذه الأوضاع التى يمر بها الأقباط فى مصر، لذا فمن يقوم بترويج معارضتى لهذه المظاهرات ورفضها نهائيا ليس له أساس من الصحة، ولكنى أتحفظ على طريقة هذه التظاهرات لهذه الأسباب:

الأول: لقد نجحت بعض عناصر التيار الإخوانى المحظور أو ما يسمى بـ "التحالفات الجديدة " فى أمريكا فى احتضان أحد الأقباط الذى أعلن أنه سوف ينظم إحدى المظاهرات القبطية، ومن خلاله سوف يشاركون فى هذه المظاهرات بحجة الدفاع عن الأقباط، والحقيقة أن هدفهم استغلال هذه المظاهرات والأقباط لتحقيق أهدافهم ورفع مطالبهم السياسية من خلال ثوب الأقباط، ويتجلى ذلك فى المؤتمر الصحفى الذى تعتزم هذه العناصر عقده قبل الزيارة بيوم واحد، ويمثل الأقباط فيه بفرد واحد، ويتوقع أن تتصدره مطالب الإخوان، كما أن هذه الشخصيات لديها علاقات وثيقة بالإدارة الأمريكية مما يسهل عليها تحقيق مطالبها فى هدوء، وباستخدام مظاهرات الأقباط التى قد يندس فيها بعض العناصر الغير وطنية التى تستخدم أساليب تسىء لأقباط الخارج، وتضر بالقضية القبطية.

ثانيا: بمجرد الإعلان عن زيارة الرئيس، استخدمت مجموعة قليلة من الأقباط فرصة المظاهرة للقفز فوق باقى المنظمات والنشطاء الأقباط، وحاولوا تحجيم أو عزل باقى المنظمات الأخرى، كما حدث مع الدكتور منير داود رئيس الهيئة القبطية الأمريكية صاحبة التاريخ الطويل فى العمل القبطى، وتحولت المظاهرة لفرصة للتناحر الداخلى بين الأقباط، بل وصل الأمر بهذه المجموعة أن تعلن أنها ليست متحالفة مع المجموعة الأخرى، كان هذا التحالف هو وباء، وكان عليهم التحالف مع الأقباط بدلا من الإخوان.

ثالثا: إن عملية التظاهر لها قواعد منظمة لا تخرج عن الآداب العامة فى التعبير، وتهدف إلى توصيل المطالب بشكل مشروع يحترمه الجميع ويخاطب العقل، ولكن المخاوف من أن تندس بعض العناصر الغير قبطية داخل المتظاهرين، وتستخدم هذه القلة أساليب الهجوم والسب والقذف، وهذا ما يضر بشكل التظاهر ويعقد من وضع الأقباط مثل ما حدث مع الرئيس الراحل أنور السادات عند استقباله فى واشنطن، عندما قام الفلسطينيون بقذفه بثمار الخضروات والبيض ونسبت الفعلة للأقباط، وهذا لم يحسن من وضع الأقباط، بل قد يدفع للمزيد من التوتر بين الأقباط والحكومة المصرية.

رابعاً: قمت خلال الشهر الماضى بزيارة للقاهرة ممثلاً عن المجلس القبطى الدولى التقيت فيها بمسئولين رفيعى المستوى لدفع عجلة القانون الموحد لبناء دور العبادة، كما شاركنى الدكتور شريف دوس عضو المجلس القبطى فى زيارة لقيادات كنسية بهدف تقريب وجهات النظر بين الحكومة والكنيسة، وأقول إننا قد نجحنا إلى حد كبير فى إرجاع هذا المطلب القبطى الكبير إلى مقدمة الأولويات على الأجندة، لاسيما بعد زيادة الأحداث الطائفية التى استهدفت الأقباط البسطاء نتيجة ممارستهم للشعائر الدينية وتفهمت الحكومة وجهة النظر، وأخشى أن تحدث أية إساءة شخصية للرئيس تعرقل ما تم بذله من مجهودات فى هذا الأمر.

ومن هنا تأتى وجهة نظرى بشأن هذه التظاهرات التى لا أرفضها ولكن لا يجب أن نعطى الفرصة من خلالها لتشويه سمعة الأقباط فى الخارج أو الإضرار بأقباط الداخل من خلال العناصر المتطرفة التى تصطاد فى المياه العكرة، وتنتظر الفرصة لتحقيق مكاسب على حساب الأقباط وترويج أفكارهم هذه وسط العامة وإبعادهم عن الكيان الوطنى، وهو ما يدعونا للحذر من طريقة تنظيم هذه التظاهرات وإعداد المطالب بشكل يؤكد الانتماء للوطن، ويخدم مواطنين مصريين هم جزء لا يتجزأ من الكيان المصرى ويعطى صورة حقيقية لأقباط الخارج بأنهم يعملون من أجل وطنهم حتى لو لم يعيشوا فيه، لاسيما أن الحكومة المصرية لم تغلق باب الحوار بشأن أوضاع الأقباط وحرية الاعتقاد.

ما أريد تأكيده أنه لا يوجد خلاف من حيث الهدف مع شركائى فى الحركة القبطية بالخارج بالدفع بتحسين أوضاع الأقباط فى مصر التى تدهورت فى السنوات الأخيرة، وتعرضهم لعمليات اعتداء من قبل الغوغائية وتدمير ممتلكاتهم، وآخرها أحداث عزبة بشرى الشرقية بالفشن وعزبة جرجس وعزبة الفقاعى وقرية باسيليوس ببنى مزار والحواصلية بالمنيا، ومساواة الظالم بالمظلوم من خلال المعالجات الأمنية التعسفية الخاطئة لتحقيق لعبة التوازنات دون معاقبة الجناة الأصليين فى هذه الأحداث، وإهدار حق القانون ووضع الجلسات العرفية بديلاً له، وهو ما ندينه بكافة الأشكال ولا يختلف عليه أحد أن هناك مطالب شرعية للأقباط يجب تحقيقها بتطبيق مواد المواطنة التى ينص عليها الدستور فى مواده "الأولى والأربعين والسادس والأربعين" وتوفير مناخ يتيح لهم المشاركة السياسية وتقلد الوظائف العليا، وإزالة المواد القانونية بالدستور التى تميز بين المواطنين، وهذا ما نسعى إليه من خلال حوار مستمر مع النظام المصرى ونتمنى الاستمرار فيه للوصول للهدف الحقيقى بدعم فكرة مصر للمصريين دون تميز على أساس الدين، وهو هدف مشترك لنشطاء الحركة القبطية بالخارج، والذى يسعى البعض لضربها بإثارة الخلافات بينهم والتشكيك فى عملهم، فالاختلاف وارد حصوله، ولكن الهدف قائم ومشترك وهو تحقيق واقع أفضل لأقباط مصر بما يتناسب مع حقوق المواطنة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى وقعت عليها مصر.

نقلا عن جريدة اليوم السابع

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ٩ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع