CET 00:00:00 - 19/08/2009

مساحة رأي

بقلم: ماجد إسرائيل
ظلت حلوان على مدى آلاف السنين تفتح ذراعيها لتستفبل بالحب كل قادم إليها، فما قصة هذه المدينة. في مصر بلدتان متجاورتان تسمى كل منهما حلوان، إحداهما -وهي أقدمها– قرية حلوان التي أنشأها "عبد العزيز ابن مروان" والى مصر (70هـ/689م)، والأخرى مدينة حلوان الحمامات التي أنشأها الخديوي إسماعيل (1874م).
أما حلوان البلد فهي قرية واقعة على الشاطئ الشرقي للنيل، غربى مدينة حلوان الحمامات بمقدار ثلاثة كيلو مترات، وجنوبي القاهرة على بعد عشرين كيلومترًا من مصر القديمة.
ويرجع تاريخ إنشائها إلى ما قبل فتح العرب لمصر 620م، فقد أكدت الأبحاث والدراسات الجيولوجية والحفريات والبرديات الفرعونية التي تم العثور عليها أن مدينة حلوان كانت إحدى المدن الفرعونية التي استوطنها المصري القديم وأطلق عليها اسم (عين آن) وهو الاسم الذي تغير ووصل إلى "حلوان".
وتنسب حلوان إلى "حلوان بن بابليون بن عمرو ابن امرىء القيس" ملك مصر، وأن حلوان هذا كان بالشام على مقدمة جيش "أبرهة ذي المنار" أحد التابعة.
ووصفها ياقوت الحموي فقال: "حلوان قرية من أعمال مصر، بينها وبين الفسطاط نحو فرسخين من جهة الصعيد، مشرفة على النيل، وبها دير (شهران،الأنبا برسوم حاليًا)".
وكان أول من اختطها "عبد العزيز بن مروان" والى مصر وضرب بها الدنانير.

وقد اختار "عبد العزيز بن مروان" المكان الذي أنشأ فيه حلوان لارتفاعه عن الفسطاط وقربه منها وحسن موقعه ونقاء هوائه، ولذا اشتراه وأنشأ به حلوان (70هـ/689م)، ووصفها ابن تغرى بردي حيث قال: "وفيها تجول عبد العزيز بن مروان إلى حلوان، واشتراها من القبط بعشرة آلاف دينار" وربما كان باسلوب من الضغط عليهم لبيعها.
وسرعان ما انتشر اسم حلوان خلال هذا الخليفة، وهو والد الخليفة العادل "عمر بن عبد العزيز بن مروان" الذي انتقل للإقامة بحلوان، وصادف انتقاله انتشار مرض الطاعون خلال الفترة من (685-705م).
ومع تولي "عمر بن عبدالعزيز" الخلافة شهدت حلوان مرحلة جديدة حيث أقام بها، وجعل الحرس والأعوان والشرطة وبنى بها المساجد وأحكمها وغرس كرمها ونخيلها واختار لها اسم "حلوان" لأنها تشبه في موضعها حلوان التي بـ(العراق).
ومدينة حلوان البلد من الناحية الإدارية كانت تابعة لنواحي الأطفحية (مركزأطفيح) ثم تم إلحاقها بمركز (الصف) التابع لمديرية(الجيزة)، ومن الناحية المالية كانت ذات زمام زراعي مستقل.

أما حلوان الحمامات، فقد أنشأها الخديوى إسماعيل سنة (1285هـ/1871م)، وبعد ثلاث سنوات أي في سنة (1285هـ/1874م)، أمر ببناء مدينة حلوان الحمامات، وهي مدينة واقعة في سفح الجبل الشرقي وأغلب سكانها من أهل القاهرة، ومن الناحية الإدارية كانت تابعة لمحافظة (القاهرة) منذ نشأتها، وفي (17 إبريل 2008م)، وفي عهد الرئيس الحالي "محمد حسني مبارك" انفصلت عن القاهرة وأضيف إليها المدن وأصبحت محافظة مستقلة بذاتها.

وقد شهدت حلوان خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر نموًا عمرانيًا اتخذ اتجاهين، تمثل الأول في زيادة رقعة القاهرة من ناحية المساحة، أما الشكل الثاني فتمثل في ازدياد العمران والأبنية المختلفة داخل المساحات الخالية الممتدة في القاهرة أو مكانة البيوت الآيلة للسقوط، ويلاحظ أن ازدياد العمران لم يكن نتيجة خطة مدروسة ومسبقة، ولكنه تم كرد فعل لأنشطة صناعية وتجارية وسياحية وعسكرية وصحية مختلفة.
ولذلك فإن عمران مدينة حمامات حلوان جاء نتيجة لاستغلال عيون المياة الكبريتية، وتعدد إنشاء الحمامات بها، ورغبة الارستقراطيين لسكناهم في الأحياء الهادئة، ولذا كثرت بها المحلات التجارية التي تدر عائدًا ماليًا يسهم في الاقتصاد القومي.
وعندما أمر الخديوإسماعيل (1863/1879م) ببناء حلوان لما تبين من مزايا مياها المعدنية الكبريتية، عنى بعمرانها فشيد بها قصرًا فخمًا عُرف بقصر "الوالدة" نسبة والدته، ويوجد الآن خلف عين حلوان أو بالتحديد خلف "جامعة حلوان" التي أنشئت عام (1975م).
أما عن المواصلات من وإلى حمامات حلوان فقد كانت وسيلة الانتقال هي "الأمنيبوس" وهو عبارة عن عربة تجرها أربعة بغال وتسع لستة مقاعد، و كان يتم رحلة من القاهرة إلى حلوان ثلاث مرات في الأسبوع، وكانت أجرة الفرد (10 فرنكات)، بينما كان إيجار العربة التى يجرها 4 خيول من (50إلى 80 فرنكًا).
وكان لتطور وسائل المواصلات في عهد الخديوى إسماعيل مردوده على حلوان، وخاصة السكك الحديدية التي مدها في أنحاء البلاد، فكان للمدينة نصيبًا، فربطها بخط سكة حديد باب اللوق – حلوان (سنة 1871م).

ولتنظيم حركة استخدام الحمامات حرص الخديوي إسماعيل على ترتيب هذه الحمامات إلى ثلاث درجات تبعًا للأجرة ونوعية الحمام المطلوب، فصدرت تعريفة الدرجة الأولى (12قرشًا) والثانية (6 قروش) والثالثة (3قروش)، ويسمح للأفراد الفئات الثلاثة استخدام المياه العذبة مجانًا، والحمامات البخارية بفائتها الثلاثة بنفس الأسعار.
أما الاستحمام بالرشاشات الصاعدة (الدش) فبلغت الدرجة الأولى عشرة عشرة قروش، والثانية خمسة قروش والثالثة فكانت قرشين، والذين رغبوا في الاستحمام بمنازلهم سمح لهما بشراء المياه بمبلغ (12فضة) لكل (10سم مكعب)، أما من فضل غسل الأرجل مغطسة فكان يدفع اثنين فضة.
ولم يهمل حق الفقراء في الاستحمام بهذه الحمامات، فسمح لهم بذلك على أن يحصلوا على موافقة من دكتور الحمامات (من أشهرهم رايل وبرهان) أو المفتش القائم على متابعة أعمالها، وربما توجب عليهم تقديم شهادة فقر تثبت حالتهم.
ونظر لتوافرالأجانب إلى مدينة حمامات حلوان عمل الخديوي إسماعيل على إنشاء فندق (جراندأوتيل) وهو الآن (مدرسة حلوان الثانوية بنات) وقاعات للجلوس (رجالي وحريمي) وللمطالعة والموسيقى وللعب البلياردو.
وبين عشية وضحاها تحولت المنطقة برمتها إلى واحدة من أجمل وأهم المشاتي العالمية التي يأتيها الأجانب من كل صوب وجدب.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق