بقلم: مودي يوسف شحاته
نحن لا ننسى أبدًا أننا مصريون.. وهذا بالطبع ليس بالأمر السيئ.. ولكن على العكس فإحساسنا بوطنيتنا وانتمائنا لهذا الوطن يضعنا أمام مسؤلية الحفاظ عليه ونموه وتطوره وترابط أواصره، ولكن ما أعنيه هنا أننا نتميز عن باقي شعوب العالم في أننا نستطيع أن نرى مخرجًا لكل المشكلات التي نمر بها ونجد المسكنات الكافية لأن نكتم أصوات معينة من أن تصرخ أو أن تطالب بحقها، أو أننا وبسبب أننا لا نريد أن نزيد الجراح فنحاول أن نقوم بعمل ما يسمى "تطييب الخواطر" وذلك بأن نقف في موقف الحياد أو أن لا ننحاز لطرف عن الآخر أو أن ننتقي بعض سلالات الكلمات الجيدة النافعة لتهدئة الأوضاع من حولنا، ولكن هذا ليس الحل النهائي بل وعلى العكس فقد يزيد هذا الأمر تعقيدًا أكثر للأمور ويجعلها تأخذ أكثر من حجمها.
تكررت مرارًا وتكرارًا هذه المحاولات وكان آخرها ما صرح به الدكتور مصطفى الفقي "رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري" والذي اعترف في حديث خص به قناة الجزيرة الإخبارية في برنامجها "لقاء اليوم" بأنه يوجد تمييز ضد الأقباط في مصر ولكنه ليس إضطهاد، وهذا التمييز من خلال عدم إعطاء مناصب في بعض شرائح الوظائف وكذلك بعدم تمثيلهم بعدد كافٍ من الأعضاء في البرلمان، وأنا أحييه تمامًا على شجاعته في التصريح بمثل هذه التصريحات، ولكن توجد مشاكل أكثر بكثير لم ننظر إليها أو أننا لا نريد أن ننظر إليها بعين ثاقبة وهي من وجهة نظري الأهم من أن يحوز الأقباط على مناصب أعلى أو على عدد أكثر مما هو عليه في البرلمان الآن، ولكن الأهم من هذا وذاك ذلك المواطن المصري الذي أصبحنا كل يوم نسمع قصص كثيرة عن تقاسمه لطرفين قبطي ومسلم ونزاعات قائمة ومشاكل متعددة بينهم وبعضهم، لقد نسينا تمامًا أن نسيج هذا الوطن يجب ألا ينقسم ولا يتشاحن ويجب أن تعمل كل القوى السياسية والإجتماعية والثقافية وغيرها من القوى أن تجذب هذه الأطراف لبعضها مرة أخرى.
قد لا أتفق مع ما صرح به الدكتور مصطفى الفقي، وبالرغم من أنني كما قلت أحترم شجاعته ومحاولته التصريح بالحقيقة ولكن هناك مشاكل كثيرة في بناء دور العبادة لأقباط مصر يجب أن نلتفت إليها وتصبح ملفًا يهتم به الجميع، ويكون له قانون واضح الهوية يسير عليه الجميع في إنشاء قانون لدور العبادة موحد يحترمه الجميع ويعمل على تنفيذه الجميع، وأيضاً يجب أن نهتم بالقدر الكافي بصعيد مصر والذي أصبح دائرة ساخنة جدًا في معارك يومية بين الأقباط والمسلمين ولا تنتهي لحل جذري أو قاطع يلزم الجميع باحترام أنهم يعيشون على أرض واحدة تحت سماء واحدة.
كعادتنا دائمًا أن نلقي بتصريحات لتهدئة الأوضاع، ولكن الوضع يحتاج لتدخل يد عليا قادرة على إحداث التغيير وعودة المياة لمجاريها وعودة الحياة لما كانت عليه مسبقُا، وأتفق معه تمامًا في نهاية حواره في نفس البرنامج بمطالبته بقيام دولة مدنية في مصر لا يلجأ فيها القبطي لقداسة البابا عندما تواجهه مشكلة وكذلك لا يلجأ فيها المسلم إلى الأزهر، ولكن الأمور كلها تكون في قبضة القيادة السياسية، وهذا ما أرجوه وأحلم به أن يتم تحقيقه على أرض هذا الوطن. |