بقلم: عادل عطية
بأي ثقافة تنتظر وتعاين بزوغ هلال رمضان؟
هل تراه مقبلاً عليك بوجه آمر، معاقبًا جسدك وحاملاً لك الجوع والعطش القاسي؛ فتفقد أعصابك مع أقل ملامسة، وتقودك إلى الخصومة والنزاع والضرب بكلمة الشر، ثم تصيح في وجه الناس: "اللهم إني صائم"، وبينما زوجتك مشغولة: "بالتهجد المطبخي"، تنتظر أنت بفارغ الصبر عند منحدر الشمس أمام الغروب وفوهة الوقت؛ لتطلق عنان الحرية لشرهك ونهمك واسرافك وبذخك؛ حتى تجعله: "الشهر المبُذّر"، و"مشروع تدليع صائم"؟!..
هل تجده الشهر، الذي يليق فيه النفاق؛ فتغيّر وجهك ولهجتك؛ لكي تظهر للناس عابدًا صائمًا ثم تواجههم وكأنك من موظفي الله وتبدأ في محاذراتك لهم ومعاقباتك للذين تتهمهم: "بهتك حرمة الشـهر"، وكأنك تخشى أن يفلتوا من عقاب الله، وتهاب أن تفاجئ وتجدهم معك في الجنة؟!..
هل هو الشهر، الذي توثق فيه علاقتك مع خالقك، والسمو بالقلب والعقل والجسد والروح إلى السماويات، أم هو فرصة للالتصاق بتلفازك الذي لا ينغلق أبدًا، وكأنك لا تشاهده إلا في أيامه الثلاثين، وقد أدهشك إعجاز رمضان، الذي في يومه الأول، تكون المسلسلات كلها الحلقة الأولى والعرض الأول؟!..
هل هو شهر اختبار، تجتاز فيه ارادتك امتحانها، وتنتصر فيه على شهوات جسدك وارتباطاته الأرضية، وإن كان كذلك، فكيف يصبح اختبارك اختبارًا وامتحانك امتحانًا وأنت لا تخوض وجهًا لوجه معركتك الروحية مع الإغراءات، ولا تمنح الحرية لغيرك -ممن لا يخضعون لصومك-؛ ليأكلوا وليشربوا دون أن تفقد صيامك؟!..
هل هذا الشهر يؤجج الأمانة والإخلاص في العمل، أم هو يؤدي إلى الدلال والكسل والإهمال والنوم في العسل؟!..
هل شهر رمضان، موسم للخشوع والتصوف والسكينة، يفرح فيه أولادك بحمل الفوانيس المضيئة والتناجي الملائكي مع الناس، أم هو موسم للعبث والإزعاج والأذية، وأنت تشتري لهم المفرقعات؛ ليلقونها بجوار المارة، وعلى رؤوسهم؟!..
،...،...،...
إن ثقافتك الروحية هي التي ستحدد طريقة ممارساتك الصائبة أو الخاطئة في شـهر رمضان، وهي في صوابيتها ستساعدك على اعطائك وجهة نظر جديدة لما يجب أن يكون عليه الصوم!
adelattiaeg@yahoo.com |