بقلم: أماني موسى
إن نجاح أي دولة وتقدمها يُعرَف ويُقاس من مدى نجاح مؤسساتها –صغيرة كانت أو كبيرة- إذ أن تلك المؤسسات هي مرآة كاشفة وواقع مصغر لمنظومة الدولة بشكلها الأكبر والأعم، ومن ثم فإن نجاح الدولة وتقدمها يتأكد من خلال مدى قدرتها على إدارة مؤسساتها بنجاح، وهذا ما نجده عن حق في كل أو معظم مؤسسات دولتنا وقدرتها على إدارة الأزمات من أصغرها لأكبرها.
فمنذ ما يقرب من حوالي شهر كان انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة ومفاجئة سمة واضحة لمنطقتنا، بشكل يجعلك تتساءل عن هذا الانقطاع المتكرر، خاصة في هذا الحر الشديد لتجد نفسك تجلس بحجرة مظلمة ودون نسمة هواء وكأنك بأحد السجون للتعذيب، هذا إلى جانب تعطلك عن القيام بمهامك اليومية والتي قد تكون مضطر لإنهائها في وقت معين، بالإضافة إلى أن ذلك الانقطاع المتكرر والمفاجئ قد يسبب تلف بعض الأجهزة الكهربائية.
ولهذا شعرت بالغيظ والاستياء الشديد وخاصة بعد تكرار حدوث ذلك ولفترات تغدو عن الساعتين، فقررت أن أفهم ما سبب العطل ومدة الانتهاء من إصلاحه، واتصلت بخدمة الشكاوى الخاصة بهيئة الكهرباء وكان الاتصال كالآتي:
أنا: مساء الخير
الموظف: السلاموا عليكم ورحمة الله وبركاته. شركة أعطال الكهرباء معاكي يا أخت أتفضلي.
* حضرتك إحنا تبع منطقة كذا والنور بيقطع وقت كبير جدًا وكذا مرة في اليوم، هو إيه العطل أو ممكن يتصلح أمتى؟
** واللاهي مش عارف يا أخت إيه سبب العطل بالظبط ، لكن هيتصلح إن شاء الله.
* أيوة حضرتك طيب مش مهم السبب، لكن هيتصلح في وقت أد إيه؟
** مش عارف يا أخت... أهو المهندس شغال وربنا يسهل.
* طيب معلش تقلت على حضرتك.... يعني ممكن النور يجي كمان أد إيه؟ وهل هيتكرر قطعه تاني ولا لاءة؟
** أنا معرفش هياخد وقت أد إيه.... قدمي المشيئة وكله بإذنه يا أخت ..... سلاموا عليكم.
وانتهت المكالمة ولم أفهم شيئًا عن سبب العطل أو حتى مدة إصلاحه واحتمال تكرار حدوثه من عدمه!! ولم أخرج بشيء من المكالمة سوى بكلمة (إن شاء الله- قدمي المشيئة).
ولم أفهم ما علاقة الله بانقطاع التيار الكهربائي؟ وهل دور الموظف أن يُعلّم الناس تقديم المشيئة بدلاً من إخبارهم بكلام علمي تقني عن سبب العطل ومدة إصلاحه؟ واستمر الحال بعد هذه المكالمة كما هو عليه لعدة أيام إلى أن عادت الأمور كطبيعتها دون أن تفهم السبب!!
وبنظرة سريعة على الكثير من مؤسسات دولتنا تجد أن حالها من التخبط وعدم الإدارة والتخطيط لا يختلف كثيرًا عن حال مؤسسة ذلك الموظف الهمام، وحتى المؤسسات الكبيرة كوزارة الصحة مثلاً وتعاملها مع أزمة أنفلونزا الخنازير التي انتهت بتصريحاتها عن دخول الفيروس في مرحلة صعبة مع ارتفاع يومي لعدد المصابين والضحايا، وخطتها المُحكمة لمواجهة أزمة فيروس أنفلونزا h1 n1)) من حيث نشر القوافل الطبية بأنحاء البلاد وإعطاء أدوية خافضة للحرارة لمدة ثلاثة أيام فيمن يشتبه بإصابتهم بالمرض دون إجراء الفحص والتحليل الخاص بفيروس أنفلونزا الخنازير، وإن لم تستجب الحالة للعلاج واستمرت أعراض الحرارة وغيرها يعطىَ المريض عقار (التامفلو) الخاص بعلاج الفيروس!! علمًا بأن علاج أنفلونزا الخنازير ببداياتها يُمكن المريض من الحصول على فرصة أعلى للشفاء في حين التباطؤ في علاج الفيروس يؤدي إلى الوفاة!!
ولا أفهم أيضًا تلك الخطة المُحكمة لوزارة الصحة؟ ولكن على ما يبدو أن مؤسسات بلادنا تسير بخطط ومناهج دائمًا ما يكون صعب فهمها على المواطن البسيط من أمثالي، ولكن بالنهاية ما رأيكم بمؤسساتنا وإدارتها للأزمات ومن ثم حال بلادنا. |