بقلم: د. رأفت فهيم جندى
الرئيس مبارك هو الحاكم المصرى الوحيد الذى أتى للسلطة بكفاءته بعد محمد على. كل من أتى للسلطة بعد محمد على كان بالتوريث أو بالإنقلاب, محمد نجيب اتى بإنقلاب عسكرى ثم تبعه عبد الناصر بإنقلاب على محمد نجيب ثم أتى السادات من وسطهم بأختيار عبد الناصر له بتوصية سعودية لاستمرار الدعم المالى لمصر بعد هزيمة 67.
مبارك كان طيارا منذ الخمسينات حتى اوآخر الستينات, ورقى فى مناصب كثيرة بكفاءته الشخصية. ثم شغل منصب رئيس أركان حرب القوات الجوية، ثم قائداً للقوات الجوية في 1972 وفي العام نفسه عُين نائباً لوزير الحربية. وقاد القوات الجوية المصرية أثناء حرب اكتوبر 1973, ثم نائبا للرئيس 1975 ورئيسا لمصر 1981.
كفاءته وحزمه معروفان لكل من عاصره فى القوات الجوية قبل بلوغه المناصب العليا, وعندما كنت طبيبا بالقوات الجوية, كان من بين الذين توليت علاجهم من يُرجع متاعبه النفسية ـ حقيقة ام توهما ـ لحزم وسطوة شخصية مبارك .
عند بداية حكم مبارك كانت مصر قد اجتازت مرحلة عسيرة من حرب وسلام مع اسرائيل وكان الجو ممهدا له أن يكون حاكما عادلا لمصر ولكنه اختار لنفسه عكس هذا.
بالنسبة للقضية القبطية تراخى مبارك فى الأفراج عن البابا شنودة 3 سنوات بالرغم من سرعته فى الافراج عن كل المعتقلين السياسيين بعد ايام من توليه السلطة. ضرب مبارك بيد من حديد علي الاسلاميين بعد قتل السياح ونهب شركات الأموال الاسلامية لمدخرات الكادحين, ولكنه ادار وجهه الناحية الآخرى عند حوادث الاعتداء على الأقباط وقتلهم وحرق كنائسهم.
وضحت قوة وسيطرة مبارك على الأمور فى عدة قرارات له مثل المشاركة فى حرب تحرير الكويت من الغزو العراقى ومثل قفل منافذ رفح ضد مخططات حماس وقت الأعتداء الاسرائيلى على غزة, وكانت قراراته هذه صائبة ولكنها كانت ضد الارادة الشعبية التى غرر بها الفكر المتطرف, وفى نفس الوقت يجعل مبارك نفسه كمن لا يعلم او الغير مسيطر على الأمور عندما يعبث المسؤولين المصريين فى حقوق الأقباط.
موقف مبارك من الكشح وذبح اقباطها كان بالتجاهل التام بالرغم من كل الأحراج العالمى الذى أتى لمصر نتيجة هذا الحادث البشع الذى كان بتدبير من البوليس المصرى, ثم صور نفسه بصورة الذى يعطى للأقباط بعض من حقوقهم وهو يعلن بأن عيد ميلاد المسيح 7 يناير أجازة للدولة, والحقيقة أنه كان يعطى المسلمين أجازة فى هذا اليوم لأنه كان فى الأصل أجازة للمسيحيين, ولكنا ايضا نشكره على هذا.
أهتم مبارك لأول مرة بالشأن القبطى وتقابل مع البابا شنودة لأول مرة بعد عشرين عاما من توليه السلطة وذلك بعد تظاهر الأقباط التاريخى عام 2001 عقب احداث جريدة النبأ وخرج عن صمته لأول مرة بالقول بأن الكثير من المصريين وليس الأقباط فقط لهم مطالب وتظلمات وهو دائما يدرس هذا, ولكن كأنه يدرس بطريقة من يفكر ويفكر ويعود لكى يفكر ويفكر ويستمر يفكر ويفكر, وبينما هو يفكر كـــــــــــان يفكر ويفكر.
قاوم مبارك كل الضغوط الدولية المهتمة بحقوق الأنسان واستنفذت حكومته الوقت الكثير فى الخروج من كل مأزق من جهات دولية عديدة تتهم الأدارة المصرية بالعنصرية والتمييز. ودأبت السلطه المصرية على محاولة تقييد تظاهر الأقباط داخل وخارج مصر سواء بقانون منع التظاهر فى داخل دور العبادة او ارسال الوفود الدبلوماسية الفاشلة لأقباط المهجر وكأن تظاهر الأقباط فى الداخل والخارج هو سبب وليس نتيجة لعدم عدله. ولعلمهم بقوة القيادات الكنسية فى التأثير على الأقباط فى الداخل والخارج كانت وفود من الآباء الاساقفة لأقباط المهجر لعلهم يستطيعون على الأقل أن يخففوا من مشاعر التأجج القبطى ويكون تظاهرهم بأعداد اقل وبطريقة اقل هجومية. الشئ الوحيد الذى لم يخطر على ذهن مبارك أن يكون عادلا مع الأقباط.
ويقول المثل أن ذاك الشبل من هذا الأسد, فسمعنا من جمال مبارك تسويفه أيضا لكل مظالم الأقباط وبأسلوب من يعلن للشعب بأنه لن يكون خيرا عن ابيه. وجمال مبارك تعده الأدارة الحالية ليخلف والده وتلقى الدولة فى قلب الأقباط انه خير لهم أن يأتى مبارك آخر من ان يأتى الأخوان للحكم.
وكما أعد الرب الاله حوتا كبيرا لكى يبتلع يونان كذلك ايضا أعد حوتا من الشر لكى يبتلع كنائس الشرق. وكما كانت صلاة يونان فى قلب الحوت أعمق بكثير مما كانت وهو خارج الحوت, كذلك الأقباط فأن صلواتهم وقربهم للرب الأله أعمق كثيرا وهم مضطهدين داخل هذا الحوت الذى يرى بأن إعطاء الآخرين حقوقهم هو رجس من عمل الشيطان بالرغم من أن هذا الفكر هو الشيطان نفسه, وبهذا تصدق كلمات المسيح فى أنه سيكون لنا ضيق فى العالم ولكننا أيضا نعلم بأن المسيح قد غلب العالم, فطوبى لنا نحن الأقباط من هذه المعاناة مع هذه الشخصيات التى لها اسم مبارك وافعالها غير مباركة. |