بقلم: أماني موسى
أتى صباح يوم جديد على المواطن الغلبان ولكنه كان سعيد ودة لأنه أول يوم من شهر رمضان والكل مبسوط وفرحان بالصيام والمسلسلات والخروجات وكمان النوم وقلة الإنتاج (يعني الكل فرحان النشيط والكسلان).
نزل (المواطن) من بيته وهو أرفان وحاسس بالإرهاق من سهر أمبارح والصيام، وكان واجهه باسم على كل مَن يراه ليُلقي عليه تحية الصباح ويهنئه برمضان، وبعدها لمح الأتوبيس فجري عشان يركبه ولكنه توقف عن الجري وقال لنفسه (انهاردة أول يوم صيام وأنت تعبان بلاش تتشعبط في الأتوبيسات وهني نفسك وأركب ميكروباص)، وفعلاً توقف عن الجري وظبط لياقة قميصه ومشي بأنعرة لغاية ما وصل لموقف الميكروباصات وركب كأنه مواطن محترم وصدق نفسه للحظات، وأول ما ركب لقي الناس برضه بتزق والمكان ضيق واتفاجأ بأن الأجرة غليت وبقت جنيه ونص، فشعر جواه بندم وحسرة ولكنه بص في الشباك عشان ينسى.
وبينما هو سارح في الوجوه وفي الأكل اللي مراته هتعمله على الفطار تنبه على صوت أدعية دينية وآيات بصوت عالي جدًا يبدو مزعجًا وخاصة بوقت الصباح، وكان السواق مشغل شريط عن عذاب القبر وبيبكي، فشعر (المواطن) أنه هيتعكنن على الصبح، فطلب من السواق يوطي صوت التسجيل، فنظر له السائق بغضب وكان هيقوم يرميه من الشباك وقال له: فيه إيه يا أستاذ عالصبح؟ أنت كافر ولا مؤاخذة؟ أنا مشغل كلام ربنا واللي مش عاجبه ينزل.
فصرخ (المواطن) بوجه السائق: إيه.. أنا مش هنزل واللي أنت عايزه أعمله، وكان المواطن خايف من جواه لا يكون السواق معاه مطوه ويتهور عليه، لكنه فضل يقول لنفسه أنت أسد متخافش).
واشتدت الخناقة بين (المواطن) والسواق وأخذ كلاً منهما يصرخ بأعلى صوته (اللهم أني صائم) وهدأت الخناقة بعد تدخل الركاب وسائقي الميكروباصات الأخرى.
ونزل (المواطن) لمكان شغله، لقى طابور من البشر مستنيه عالصبح عشان يقضي له مصالحه، فضرب كف على كف وقال: أستغفر الله العظيم .... هو أنتوا مبتتهدوش ولا تهمدوش... دة انهاردة أول يوم صيام.
فقال له أحدهم كل سنة وأنت طيب يا (مواطن) رمضان كريم وسهلها علينا يسهلها عليك ربنا، وأهو كلنا صايمين وتعبانين.
فنظر لهم (المواطن) بأرف بعد أن أغلق شباكه الخاص بتعامله مع الجمهور، ووضع على الشباك يافطة (فوت علينا بكرة) وكل ما حد يكلمه أو يطلب منه حاجة يبص له بغضب ويقول (اللهم أني صائم) أنت مبتعرفش تقرا يا أخ؟ ومضت ساعتين وثلاثة إلى أن انتهى يوم العمل كاملاً دون أن يقضي (المواطن) مصالح أخوه المواطن.
وبعدها خرج المواطن من عمله الشاق بالنوم والكسل اللذيذ ثم الصلاة والرغي مع زمايله الموظفين (العاطلين) ليذهب إلى بيته، ولكنه تذكر دفع فواتير الميه والكهربا والتليفون، فقال فرصة أروح دلوقتي أدفع قبل ما أصرف الفلوس... ولكنه أول ما راح لقى كل الهيئات فاتحة ولكنها معلقة يافطة (فوت علينا بكرة) وحين حاول أن يكلم أحد الموظفين ليسدد الفاتورة، كان الموظف يتثاءب قائلاً: إيه حضرتك مبتعرفش تقرا؟ ويكمل: اللهم أني صائم. |