CET 00:00:00 - 24/08/2009

مساحة رأي

بقلم: د. مصطفى النبراوي
نستكمل معًا في الجزء الثالث من المقالة الخطوط العامة المقترحة لحل إشكالية الجامعة المصرية:
1- ضرورة الاستقلال الإداري والمالي للجامعة والكلية: وهنا يجب إعادة النظر في طريقة اختيار رئيس الجامعة ونوابه وعميد الكلية ووكلائه –بحيث تتسم بمعياري الشفافية والكفاءة لكي تفرز أفضل ما لدينا من كفاءات- وجدير بالذكر أن النظام المعمول به الآن لا يحقق هذا الهدف بل للأسف الشديد يكرس ثقافة الولاء الشخصي والحزبي و يُعلي من شأن الوساطة ومعايير القرابة والنسب والدفعة، مما أنعكس سلبًا على الأداء (هل من المعقول والمنطقي ألا يكون هناك رئيس جامعة و نائب له أو عميد كلية أو وكيل له ينتمي لحزب آخر غير الحزب الوطني؟؟).
ضرورة التعامل مع القسم الأكاديمي على أساس أنه الوحدة الأساسية لكل كلية، ومن ثم يجب أن يتوافر له الاستقلال الكامل من الناحية المالية والإدارية والعلمية، وأن يتولى شئونه (عن طريق الإعلان المفتوح) من يتمتع بأعلى قيمة علمية محكمة دوليًا.

2- الاعتماد على نظام الإعلان الحر الغير مُوصّف بدلاً من التكليف أو التعيين الآلي لاختيار المناسب والأكفأ لوظيفة عضو هيئة التدريس ومعاونيهم (المعيد والمدرس المساعد) بما يضمن عدم الترقية بنظام الزحف، وبما يحفز أعضاء هيئة التدريس على مواصلة البحث العلمي.
3- إعادة النظر في نظام القبول المعمول به الآن بالجامعة، والبديل هو وضع حد أدنى للقبول بالجامعة ثم اختبار حقيقي مَؤهل للقبول بالكلية المرغوبة مع الاسترشاد بمستوى وتوجه وميول الطالب في مراحل التعليم الأساسي وتحديد الأعداد طبقًا لخطط التنمية.
4- إعادة النظر في تصنيف هيئة التدريس بالجامعة (مدرس / أستاذ مساعد / أستاذ) إلى أستاذ محاضر (أكاديمي)، أستاذ باحث (تطبيقي)، أستاذ محاضر وباحث ( أكاديمي وتطبيقي)، ولكل مجال أهميته ودوره الهام والمكمل للآخر، على أن يوضع لكل مجال معاييره الدقيقة سواء عند الاختيار أو عند الترقية أو عند الانتقال من مجال لآخر.
5- إعادة النظر في ضوابط الترقية لعضو هيئة التدريس بما يتطلبه البحث العلمي الجيد (سواء من ناحية أسلوب تقييم البحث، عدد البحوث "فردية أو جماعية البحث" الفترة اللازمة للترقي) على أن يتم التحكيم والنشر خارج الجامعة التي ينتمي إليها الباحث.
6- الاهتمام بالبعثات العلمية للدول المتقدمة على أن تخدم هذه البعثات خطط التنمية، وأن تُعنىَ هذه البعثات بالكادر العلمي والفني والإداري وتشجيع تبادل أعضاء هيئة التدريس بين الجامعات المختلفة لتبادل الخبرات حتى يمكن تقليل الفجوة العلمية الكبيرة التي نعاني منها.

7- إنشاء مجلس أعلى للبحوث.. للتنسيق بين الجهات البحثية المختلفة وخصوصًا التي تعمل في تخصص علمي وبحثي واحد،  يُشكّل من أئمة علماء هذا التخصص على أن تتوافر لديه أحدث الوسائل التكنولوجية وأن يتمتع باستقلالية وحصانة كاملتين.. والأخذ بإستراتيجية الجزر البحثية مع ضرورة تفعيل قيمة الميزة النسبية التي يمكن أن يتمتع بها المجال البحثي في مصر عند رسم الخريطة البحثية المستقبلية.
8- إعادة النظر في ضوابط تشكيل لجان فحص ومناقشة الرسائل العلمية بحيث يتوافر لها التخصص، الحيدة، مع ضرورة عدم الجمع بين عضوية لجنة الإشراف ولجنة التحكيم والفحص.
9- ضمان الحرية والحصانة والمستوى المعيشي المناسب لعضو هيئة التدريس حتى تنطلق إبداعاته ويرتفع مستوى أدائه المهني، والشيء بالشيء يذكر.. هل تعلم أمانة السياسات أن وظيفة "معيد" التي كانت هي أمل كل متفوق ومصدر فخر لأسرته ومجتمعه أصبحت غير مرغوبًا فيها، والأسباب معروفه طبعًا.
10- أن يكون لعضو هيئة التدريس حق الطعن في الجزاء الموقّع عليه من رئيس الجامعة، وأيضًا إعادة النظر في تشكيل مجالس التأديب في حالة اختصام رئيس الجامعة.
11- وضع نظام لتقييم أداء الأستاذ الجامعي بمختلف مستوياته مع ضرورة إشراك الطلاب في آلياته.
12- إنشاء هيئة غير حكومية للمراقبة وتقييم الأداء الجامعي من جميع أوجهه مع نشر هذا التقييم سنويًا لكي يقف (الطالب وولي الأمر والمجتمع) على مستوى ومعدل تقدم أو تأخر كل جامعة، وبالتالي تفعيل آليات السوق في فرز وتصنيف الجامعات المختلفة.
13- الاهتمام بتطوير وتحديث المكتبات ( الكمبيوتر والإنترنت) سواء على مستوى الجامعة أو الكلية أو القسم، وإلغاء نظام الكتاب الجامعي (المذكرات) والعودة إلى "الكتب الأم".

14- التقليل من اللوائح الإدارية المعيقة للعملية التعليمية والبحثية والإبداعية.
15- ألا تشكل القيادات الجامعية الحالية (بمستوياتها المختلفة) الأغلبية في اللجان التي يُعهد إليها تشخيص الأزمة واقتراح الحلول، والاستعانة بوجهة نظر خارجية محايدة (مصرية أو أجنبية) حتى نتجنب عبارة "كله تمام يا فندم" وكذلك تأثير قوى الواقع في إعاقة قوى التغيير.
وهنا فلتسمح لي أمانة السياسات بأن أقترح عليها أن تقوم بزيارات للجامعات والكليات المختلفة وأن تجتمع مع أعضاء هيئات التدريس وطلاب وإداريين حقيقيين، للوقوف على الحقيقة والتعرف عليها بعيدًا عن التقارير.
16- الجامعة والعمل السياسي: مما لا شك فيه أن الحياة السياسية في مصر تعاني من نضوب في إفراز قيادات وكوادر سياسية حقيقية، وهذا لا يرجع فقط إلى حالة الضعف العام التي تعاني منها الحياة الحزبية في مصر بسبب الاحتكار السياسي الذي يمارسه الحزب الحاكم أو لكون أغلب أحزاب المعارضة أحزاب مصنعة، بل ترجع حالة النضوب هذه إلى غياب الممارسة السياسية في المجتمع الجامعي وهو المجتمع الذي من المفترض أنه هو المجتمع المُفرِز للكوادر السياسية والفكرية في المجتمع.

وعن مظاهر هذا النضوب قدم الأستاذ مختار شعيب دراسة نشرت بجريدة الأهرام بتاريخ 7/3/2005- ذكر فيها أن:
* 52% من الشباب بصفة عامة غير مقيدين في جداول الانتخابات.
* 57% من المقيدين لا يذهبون إلى صناديق الانتخابات.
* 71% ليس لهم بطاقة انتخابية.
* 88% من الشباب ليسوا أعضاء في أحزاب سياسية.
* 74% لا يعرفون عدد الأحزاب السياسية في مصر.
* 83% من الآباء يرفضون المشاركة السياسية للشباب.
* 87% من الآباء يرفضون انضمام أبنائهم للأحزاب السياسية.
* عدد أعضاء مجلس الشعب من الشباب (30-40عامًا) في انتخابات 2000 هو 35 عضوًا بنسبة 74و7% من جملة الأعضاء مقارنة بـ 27 عضوًا -أي بنسبة 95و5% في انتخابات 1995-.
* 38% من الشباب لا يقرأ الصحف.
* 52% يعانون الأمية السياسية.
* 75% منهم لا يعرفون متى وكيف بدأ الصراع العربي الإسرائيلي / متى أنشأت الجامعة العربية.

 أما عن أعضاء هيئة التدريس فحدّث ولا حرج، فقد أنقطع الاتصال بل وتزداد المسافة كل يوم بين القاطرة وعربات القطار، والنتيجة الطبيعية هو صدأ القاطرة و تخلف العربات.
لذلك نحن في أشد الحاجة إلى قانون جامعة ولائحة طلابية تسمح بل وتشجع على حرية التعبير. فللأسف الشديد منع حرية التعبير وخصوصًا السياسي منه أعطى فرصة تاريخية لتيارات الإسلام السياسي أن تحتكره داخل الجامعة. 
17- أن الجامعة هي حرية مناخ واستقلالية قرار والمجتمع الجامعي هو أكثر البيئات حاجة إلى المنهج الديمقراطي لكي تقوم الجامعة بدورها، ولكونها تمثل قاطرة المجتمع فهي أنسب دوائره لنشر قيم الديمقراطية بين أفرادها سواء هيئة تدريس، طلاب، موظفين بحيث يكون هؤلاء نواة حقيقة مؤمنة وداعية للديمقراطية كقيم وآلية في مصر والوطن العربي.

أخيرًا أؤكد على أنني قد أطلعت على رؤية لجنة السياسات فيما تعلق بإصلاح الجامعة وأكاد أتفق معها دون أي اختلاف رغم أنها لا تلبي كل التطلعات، ولكني أكرر سؤال وعنوان المقالة مرة أخرى أين يقع إصلاح الجامعة على سلم أولويات أمانة السياسات؟؟؟

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق