CET 00:00:00 - 25/08/2009

مساحة رأي

إعداد: نبيل المقدس
لا شك أننا كمسيحيين نشترك جميعنا بتقديرنا للشيخ محمد سيد طنطاوي رئيس أكبر مؤسسة دينية إسلامية في العالم وهي مؤسسة الأزهر ... لأنه يتصرف بطبيعته الإنسانية , ولا يتصرف طبقاً لمهنته  ... إنقلبت الدنيا في العالم الإسلامي لأن سيادته تصرف التصرف الطبيعي الذي وضعه الله في قلوبنا منذ بدء الخليقة ,  إذ مد يده وبكل سلامة النية لكي يصافح السيد شيمون بيريز رئيس الدولة الإسرائيلية , في إحدي المؤتمرات وكان يرافقه فيها السيد وزير الخارجية . وعندما عنفوه ولاموه لدرجة تكاد تكون تكفيرا لسيادته ... إضطر سيادته أن يقول (  لقد صافحته دون أن أعرف شكله، وهذه المصافحة كانت [عابرة، عابرة، عابرة]، لأننى لا أعرفه أصلاً، بالإضافة إلي قوله بعدم علمه بالحصار المضروب حول غزة في نفس توقيت المصافحة  لرئيس الدولة الإسرائيلية , ونتيجة للضغط الذي كان عليه من الحاقدين عليه , إضطر أن يستغيث بتصريحات كلها عفوية وعن طيب خاطر قائلاً .. هل هذه شغلتي أنا؟ ما تسألوا وزير الخارجية")...  أليس هذا نوع من الإرهاب أوقعوه علي سيادته لأنه تصرف تصرفا إنسانيا طبيعيا . كم شعرت بالأسف الشديد , عندما كان يؤكد لهم بأنها مصافحة عابرة وكرر كلمة [عابرة] عدة مرات مما يشير أنه أحس أمام  خطر عظيم يهدم تاريخه الطويل في الخدمة , ويتهمــــوه بالتكفيـــــــــــر ....!

ومما أزاد الطين بلة ... فقد حدث  قبل هذه المصافحة أنه فاجيء العالم الإسلامي أنه أعطي الحق الشرعي بصفته الشرعية الرسمية
لوزير الداخلية الفرنسي في منع الفتيات المسلمات من إرتداء الحجاب , تحت عنوان الإضطرار . وكأن شيخ الأزهر ـ من خلال هذا التصريح ـ يقول لكل الدول غير الإسلامية، بل حتى الدول الإسلامية غير الملتزمة بالإسلام: اصنعوا للمسلمين ظروف الاضطرار ليكون ذلك مبرراً لهم للخروج من التزاماتهم الشرعية.. وكأنه يقول للمسلمين في فرنسا وفي العالم: ليس من حقكم الاعتراض حتى على مستوى الحوار الموضوعي العقلاني مع الدولة الفرنسية وغيرها، أو التحدث عن الإسلام في التزاماته الدينية، بل عليكم الطاعة للحق القانوني حتى لو منعكم من الصلاة في المساجد، أو الصوم في شهر رمضان!!
    في نظر حُماة الدين الإسلامي أن شيخ الأزهر أساء إلى الإسلام والمسلمين، عندما أعطى الدولة الفرنسية الحجّة الشرعية الإسلامية في إصدار القرار بإعتبار مبدأ الحق، والمطلوب منه الاعتذار للمسلمين والوقوف إسلامياً من أجل حماية الإسلام من كل ضغط في الداخل والخارج ...  ومن وجهة فكر الأزهر أن رئيسه لم يأخذ درسا من مصافحته لرئيس دولة اسرائيل , فنجد الشيخ طنطاوي وبكل الإحساس بالمسئولية يذهب إلي مؤتمر حوار الأديان  الذي عُقد في كزاخستان مؤخراً مما جعل نواب في البرلمان المصري يطالبون بعزل شيخ الأزهر الشيخ محمد سيد طنطاوي من منصبه على خلفية جلوسه مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في هذا المؤتمر الدولي الهـــام.!!  فقام بعض من نواب في البرلمان المصري بتقديم أسئلة لرئيس الوزراء أحمد نظيف باعتباره الوزير المسؤول عن شؤون الأزهر- مستنكرين حضور طنطاوي هذا اللقاء وجلوسه مع بيريز على منصة واحدة، وطالب بعضهم بعزله لأنه أساء لصورة مؤسسة الأزهر التي أظهرها كأداة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

واضح أن الدكتور الشيخ محمد سيد طنطاوي واقع تحت صرامة المادة الثانية من الدستور غصب عنه ... فهو يريد أن يتحرر من الأفكار السلفية التي تحوّل الحياة الطبيعية الإنسانية إلي حياة ظُـُلم وغُـُبن علي الأقلية الموجودة والتي تشارك مشاركة فعالة في بناء الوطن الواحد. لكن هناك سلاح التكفير موضوع علي رقبته وهو سلاح ضد أي شخص لو حتي لمّح بالسماح للأقلية أن يمارسوا حياتهم الروحية بحرية وعدم قيد كما يدّعون . وهذا ظهر جليا بطهارة هذا الشيخ الجليل ومحاولته المستميتة في تجميل ما يعتقد فيه حتي انه وضع نفسه في جدل ومواقف محرجة مع مساعديه ... لكن شريعتهم أقوي بكثير من الحياة الطبيعية والتي ارساه الله لمخلوقاته والتي تتركز في العقل بالنسبة للإنسان ... وها أخيراً يقع الشيخ طنطاوي تحت طائلة المسائلة والتعنيف واللوم والذي يكاد يصل إلي توقيع أقصي العقاب عليه وهو اتهامه بعدم السير علي كتبهم ,,,فبأسلوب المحبة وطهارة القلب وبلسان طبيعي وبعقل متفتح وردا علي إحدى الصحف المصرية الخاصة التي نشرت فتوى منسوبة الى دار الافتاء جاء فيها أن [الوصية ببناء كنيسة هي نوع من المعصية وتشبيهها ببناء ناد للقمار..]... يقول الشيخ طنطاوي : لا أعتقد أن المفتي علي جمعة يوافق على ذلك، فهو رجل فاضل، وقد ردت دار الافتاء على الفتوى وأصدرت بياناً شرحت فيه الفهم الخاطئ لها، وأياً ما كان فدار الافتاء ومشيخة الأزهر يكنان كل تقدير ومحبة الى الاخوة المسيحيين وإلى قداسة البابا شنودة الثالث وهو صديق عزيز لي وأخ فاضل أعتز به وبكل المسيحيين" والغريب ان الفتوى قديمة تعود الى العام الماضي ولا يعرف سبب مناقشتها من جديد بحسب دار الافتاء المصرية التي تحدّث مستشارها الاعلامي عنها لإحدي المواقع الألكترونية .

ولم يكن خافياً أن بعض من منظمة الاتحاد المصري لحقوق الانسان زاره بعد الفتوة المنسوبة إلي دار الإفتاء  في مكتبه , و أوضح سيادته  لهم  رأيه بل أبدي إستنكاره لهذه الفتوي قائلاً : (لا أعتقد أن المفتي علي جمعة يوافق على ذلك، لأنه رجل فاضل . وطالب مفتي الجمهورية بمحاسبة من وقّعوا على هذه الفتوى .)  وهنا انفجر الغضب علي الشيخ الجليل وخرجت الفتاوي التي تعاكس ما تكلم به ... ولا شك فإن كلام الشيخ طنطاوي كان مصدره الحب الطبيعي الذي وهبه الله لكل البشر لأن الله محبة . لا يميز بين أبنائه ... هكذا تكلم الدكتور طنطاوي وهو في لحظة صدق مع خالقه ونفسه  ... لكن علي الجانب الآخر ... (جانب الشريعة)  أكدت "سعاد صالح" أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر وهذا ما نشره موقع الأقباط المتحدون  أن يتصدق المسلم بشيء من ماله  لبناء كنيسة فهو لا يجوز شرعًا، وذلك يتصادم مع عقيدة الإسلام التي تبني المساجد للصلاة لله حيث يتم توحيد الله ولا يجوز أن يشارك المسلم في بناء أي كنيسة لأن المسيحيين لا يعترفون بدين محمد (ص) ولا بنبوته ولا أنه خاتم المرسلين، فيكف يتم التبرع لبناء كنائسهم في هذه الحالة؟!
وأضافت: إن الفتوى الأخيرة التي تقول ذلك هي من صميم الشريعة الإسلامية.....!!!!!! 

من هنــــــــــــــا صمت أكبـــــــــــــر رجل دين إسلامي , وتراجع عن كل ما ذكـــــــــــــره من تصريحــــــــــــات ,
    فقد وجد نفسه بين السندال والمطرقة .... إحداها تتمثل في حرفية شريعتهم والتي ربما تؤدي به إلي التكفيــــــــــر , والأخري  تتمثل في روح الشريعة والتي  وبدون شك تؤدي إلي الحيــــــــــــــاة الأفضــــــــــــــل ...!!!!!!
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٢ صوت عدد التعليقات: ١٤ تعليق