- الشيخ أبو العزايم: يقوم بها شيوخ الظلام لمقاضاة الفكر والإبداع.
- جمال البنا: فكر متخلف.. ردة للخلف.. ليتهم يحلون مشاكل المجتمع أفضل!
- انتشارها يؤكد تراجع دور القانون في العصر الحديث.
تحقيق: محمد زيان – خاص الأقباط متحدون
يبدو أن الكلام عن قضايا الحسبة والمحتسبون الذين يقاضون أهل الرأي والفكر والإبداع لن يكون مجديًا إلا إذا سمعنا لرأي أهل الدين ومشايخ الإسلام في العصر الحديث والذين يتصدون للحديث عن قضاياه، فهل الحسبة من قضايا الإسلام التي يهتم المشايخ ورجال الدين برفعها على الكتّاب وأصحاب الأقلام ومنتجي الأدب؟، وهل النص الديني قال بالحسبة؟، ولماذا يقومون هكذا يعلنون الحرب على الإبداع واقفين في وجه القانون مخترقين وضاربين بمواده عرض الحائط؟
سألنا المشايخ والعلماء: هل الحسبة من الدين في شيء؟ فجاء هذا التحقيق:
فكر متشدد
الشيخ علاء ماضي أبو العزايم "شيخ مشايخ الطرق الصوفية" يؤكد أن الحسبة مستمدة من فكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الموجودة في بلاد مثل السعودية، وراجعة إلى الفكر المتشدد المستمد من الوهابية التي سيطرت على الشارع المصري، حيث أصبح المواطن مشحونًا بكم هائل من الطائفية وعدم قبول المختلفين عنه في الرأي والفكر والاعتقاد، وبالتالي فإنه يمارس حقده المدفوع بالطائفية ضدهم من منطلق إلصاق وإرجاع كل شيء إلى الدين رغم أن الدين لم ينص على هذا الكلام.
ويشير أبو العزايم إلى أن الحسبة ورفع القضايا لمصادرة كل ما هو فكر وإبداع مرفوض تمامًا حيث يقوم شيوخ الظلام بمقاضاة المفكرين والمبدعين.
ويذهب إلى وجود خلل في المنظومة التشريعية التي أتاحت للمشايخ محبي الظهور في الإعلام والذين يتربحون من وراء ذلك، حيث كان على المشرع أن يلزم بتفعيل القانون وإصدار حكم بات فيمن يخالف عندما عدل قانون المرافعات وجعل النيابة العامة فقط هي المخولة برفع هذه الدعاوى، منتقدًا أن يقوم اليوم كل من هب ودب بمقاضاة أهل العلم والعقل في محاولة للي ذراعهم ومصادرة على عقولهم.
ويشدد أبو العزائم على خطورة دعاوى الحسبة لأنها –على حد وصفه– تقسم المجتمع وتثير الفوضى فيه، لأن يقوم اليوم من يقاضيك وترى غدًا غيره يقاضيك وهكذا لمجرد أنك تقول رأيًا مخالفًا لما هو سائد ومتعارف عليه، مطالبًا بالغاء هذه الأمور التي تثير المجتمع وتعمل على تمزيقه وفقًا لوجهة نظره.
متخلف
أما المفكر الكبير جمال البنا فيرجع انتشار دعاوى الحسبة إلى الفكر المتخلف الذي سيطر الآن على غالبية الشيوخ ودعا بهم إلى مقاضاة كل شيء ناجح مثل الأدب والإبداع، وهو ما يمكن أن نسميه الردة إلى العصور القديمة للحجر على الفكر والإنتاج الأدبي، ويشير بقوله: "ملوك الحسبة خلوها خل"!.
ويذهب البنا إلى أنه كان على هؤلاء الذين يرفعون دعاوى الحسبة أن يفكروا في المشاكل المهمة التي تجتاح العالم وتعاني مصر منها مثل مشاكل الأمية والبطالة والجريمة والإغتصاب التي زادت معدلاتها في السنوات الماضية بدلاً من أن يمارسوا رفاهية العمل للحجر على الآراء والمصادرة على حقوق الآخرين في التعبير والإعلان عنه.
ويرى البنا أن انتشار هذه الدعاوى يُقصد منها النيل من التطور الحاصل في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير على وجه الخصوص، إذ أن الفكر لا تتم مصادرت أو رفع الدعاوى عليه ولكن يتم الرد على الفكر بالفكر والحجة بالحجة والبرهان بالبرهان والدليل بالدليل وليس بالعودة إلى زمن محاكم التفتيش.
فج
ويشير الشيخ صبحي الرفاعي "أمين عام نقابة الأشراف" إلى أن انتشار قضايا الحسبة في هذه الفترة بهذا الشكل الفج –على حد تعبيره– يؤكد على تراجع دور المثقفين أمام المشايخ الذين نشطوا لمقاضة الأفكار والإنتاج الأدبي.
ويذهب إلى استنكاره للقيام برفع دعاوى ضد الكتّاب والمفكرين للحجرعلى أفكارهم تحت دعاوى مختلفة يرى أنها في مجملها تهدف إلى الشو الإعلامي، ولا تحقق أية مصلحة للوطن والمواطن إلا التقسيم والتمزيق، مشيرًا إلى أن ممارسة التقييد ومطاردة الإبداع والمبدعين تحت بند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يعد أمرًا مقبولاً في هذا العصر، لكنه في ذات الوقت يعبر عن عدم احترام للقيم السائدة في المجتمع ومؤشر خطير على تراجع دور القانون فى مواجهة المحتسبين.
ويذهب الرفاعي إلى أن قضايا الحسبة تساهم في تشرذم المجتمع وبلبلته، فمن هو هذا المحتسب؟ الذي لا يملك القدر الأدنى من الثقافة لكي يشير إلى هذا المفكر أو ذاك المبدع ويحكم عليه بأن فكره مخالف للعقيدة؟.. فهو هنا يبدو أنه قد قرأ العقيدة فقط لكنه لم يقرأ الأدب الذي كتبه هذا الأديب أو علم العالم ومن ثم يجب إبعاد الدين نهائيًا عن الصراع الدائر الآن من جانب المشايخ الذين يقودون هجومًا على أهل الأدب والفكر لأن هذه الهجمة –على حد وصفه- ردة للخلف ورجوع إلى عصور الإظلام. |