بقلم: إسحق إبراهيم
وصف الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية حادث الدكتورة مروة الشربيني بأنه صورة للتعصب الإجرامي البشع، متهمًا السلطات الأمنية الألمانية بالتراخي والتقصير الشديد مما تسبب في الحادث، وأكد شهاب في ملتقى الفكر الإسلامي أن الحكومة الألمانية قدمت اعتذارًا للسلطات المصرية، مشددًا على أن مصر لن تتنازل عن حق مروة الشربيني.
نتفق مع الدكتور شهاب في ضرورة التمسك بحق مروة سواء في محاكمة الجاني بأشد العقوبة أو بالحق المدني والحصول على تعويض مالي يعين أسرتها في تربية أبنها المكلوم، وكذلك نؤكد أن هذا الحادث ناتج عن شخص مريض بالتعصب والكراهية ولا يمثل تيارًا عامًا في ألمانيا التي تتميز بوجود تعددية حقيقية.
لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه دائمًا ومنذ حدوث الواقعة المؤلمة: لماذا الاهتمام بهذه القضية تحديدًا وتكرار الحديث عنها؟ هل لو وقعت الحادثة في دولة عربية كانت ستجد نفس الاهتمام؟ وماذا لو كانت الضحية مسيحية؟
يفتح حديث الدكتور شهاب ملف شائك حول أحوال المصريين العاملين في الخليج والذين يتعرضون لأشد أنواع المعاملة المهينة والتي تحط من الكرامة الإنسانية، بداية من تحكم الكفيل فى مصير المصري -قد يكون طبيبًا أو مهندسًا أو خبيرًا– ومنع انتقاله إلى عمل آخر وعدم السماح له بالسفر والعودة انتهاءً بتلفيق الاتهامات ضده وسجنه. ومنذ شهر تقريبًا قامت الشبكة العربية لحقوق الإنسان بتنظيم مظاهرة أمام السفارة السعودية احتجاجًا على استمرار احتجاز المهندس يوسف العشماوي الذي اختطفته قوات الأمن السعودي يوم 24أغسطس 2008، وقامت باحتجازه حتى اليوم بدون محاكمة أو تحقيق أو اتهام. هذا بخلاف عدد من الأطباء تم احتجازهم وسجنهم دون محاكمة. أليست هذه التصرفات عنصرية وتستحق العناية والاهتمام من الحكومة المصرية؟!
نسأل الدكتور شهاب أيضًا أليس من الواجب أن من ينادي بمعاقبة المجرمين في قضايا ذات صبغة عنصرية أن يلتزم هو نفسه بذات الفعل؟! الاعتداءات الطائفية التي يتعرض لها المسيحيون والبهائيون مؤخرًا، أليست أحداث عنصرية وتستحق وقفة من الدولة أولاً بمحاكمة المسئولين مهما كانت مناصبهم وتعويض الضحايا وحماية أرواحهم وممتلكاتهم؟ ثانيًا ما الفرق بين الاعتداء الفاحش على مروة الشربينى والاعتداءات التي تمت في سمالوط وبمها والإسكندرية والشورانية وغيرها؟.
نعم لا نريد أن تتنازل مصر عن حق مروة، وواجب على كل مسئول أن يسعى إليه، لكن أيضًا من واجبنا أن لا تتنازل مصر عن حقوقنا، وإلا تقيم وزنًا للتوازنات والموائمات والحسابات التي تجيء على أصحاب الحقوق من أجل مصالح ضيقة. |