بقلم: أدولف موسى
إنني قد ثحدثت مع أناس كثيرين يطالبون بحقوقهم، كانت المشكلة الكبرى لهؤلاء أنهم لم يكونوا يعلمون ما هي حقوقهم الواقعية التي يمكن الوصول إليها؟ ما هي واجباتهم للوصول لحقوقهم؟ هل حقوقهم واقعية ومشروعة؟ هل هم يتابعون شعارات ساذجه ليس لها إلا التعبير عن السخط عن فشلهم في الحياة ويحاولون تبرير فشلهم بالنقم على الآخرين الذين نجحوا؟ كيف يصلوا لهذه الحقوق؟
باختضار شديد.. كيف تلعب لعبة الحياة، وأهم ما فيها كيف تلعب لعبة أخذ الحق كإنسان؟ هذه اللعبه تسمى أيضًا بلعبة السياسة.
إنني أريد أن ابتدئ بالألف لكي أصل إلى الباء ثم هلم جرَّ، لأنني إذا أردت أن أحل أي مشكلة لا بد أن أصل أن أعرف ما هي معطياتها وجوانبها الأولى.
إن أخذت أي مشكلة من النصف أو من الآخر فسوف تسبب لنا مشكلة عدم معرفة أساسها، فيصعب علينا فهمها كوحدة كاملة ويصعب علينا إيجاد الحل السليم لها.
للتعرف على أي مشكلة لا بد لأي إنسان أن يحرر نفسه من أي شيء يؤثر على حيادته في الحكم على من هو الجاني أو من هو المجني عليه. أيضًا أن لا يدع تعاطفه مع جانب ما يتحكم فى قراره مهما كان، لأنه ليس من حقه أن يتعاطف مع جانب فقط لا غير لكونه مثلاً أخوه أو أحد أقاربه أو أحد أتباع معتقده و ينكر حق الآخر.
إن فكره الجاني والمجني عليه ليست إلا فكرة نسبيه، عليه أيضًا أن يُعطي لكل جانب الحق في استعمال كل الأساليب المتاحه للوصول لهدفه.
إن من طبيعة أي كائن حى أن يفعل كل ما في استطاعته لحمايه نفسه أو فكره حتى وإن كان خطأ في نظر كل الناس لكنه يشعر أنه صحيح في نظره هو. لأجل هذا توجد القوانين الحيادية التي تطبق على كل الناس سواسيه والتي تحدد مَن على حق ومَن لا.
السؤال هو: هل من الممكن وضع القرارات السياسه تحت طائلة القوانين التي تطبق على الأفراد؟ الجواب لا بد أن يكون لا. ولنسأل أنفسنا لماذا؟ عندما يذهب طرفي نزاع إلى القانون ليحكم بينهم لا بد لكل منهما أن يضع كل ما لديه أمام القاضي وليس له الحق في إخفاء أي شيء يعرقل عمل القاضي في إصدار الحكم العادل. إن حدث هذا ولم يضع أحد المتنازعين كل ما لديه أمام القضاء وحكم القاضي ضده فلا يستطيع بعد ذلك أن يحاسب القاضي على عدم النطق بالحكم الصحيح.
نعود إلى السياسة.. هل من الممكن في قضية سياسية أن تطرح كل الحقائق أمام قاضيًا على العامة للحكم فيها؟ بالتأكيد هذا شيء مستحيل.
إن الحالات السياسية تتمتع بقدر من السرية التي بإمكانها أن تضر المصلحة القومية لأي بلد إن طرحت أمام العامة.
السؤال الذي لا بد أن يتبعه: هل هذا يعطي الأحقية لكل من يعمل بالسياسة أن يفعل ما يشاء ولا يستطيع أحدًا أن يحاسبه؟ بالطبع لا. لأجل هذا يوجد الشيء المسمى بالبرلمان (أي تجمع ممثلى الشعب)، هذا المكان هو تجمع من أناس مختارون من الشعب ليقرروا ما هو صالح للشعب لكي لا يتحمل إنسانًا واحدًا مسؤولية القرار ولكن أغلبيه ما يمثلون الشعب باختيار الشعب نفسه.
من هو عضو البرلمان؟ هو إنسان له استراتيجية معينة يشعر أنه يمكن بواسطتها خدمه البلد وشعبها، يطرح كل من هؤلاء الناس أفكارهم على المنتخبين وكل من له صوت انتخابي يقرر مَن مِن هؤلاء هو الأقرب لفكره ويختاره لأنه يمثل فكره، بهذه الطريقه يتفادى ضرورة وجود الشعب كله وسماع آراء الشعب كله في كل قرار و يكتفي بممثليه.
ولكن مشكله الشرق الكبرى أن هذا المدعو برلمان لا بد أن يكون مُختارًا بطريقه ديمقراطية، وهذه الخاصيه ليست متاحة هناك. فمعنى هذا أن القرارات التي تصدر عن هذا الذي يدعونه ويسمونه بالعافية برلمان ليس لها صلاحية التطبيق لأنه ينقصه أهم خصائصه وهو أنه ليس مُنتخب بالطريقه المُتفق عليها من كل الشعوب وهي الطريقة الديمقراطية.
ما أريد أن اوصله للقارئ أنه من المستحيل أن تحاسب أو تطلب أي شيء من حاكم أو حكومة قد فقدت أهم عناصر مصداقيتها وهي أنها لم تأتي إلى السلطة بأقل ما هو من حق أي شعب وهو انتخاب من يمثله في أخذ القرار.
الحل: قبل أن تتعب نفسك في التفكير كيف تستعطف أصحاب القرار ليمنوا عليك باعطاءك حقوقك في وطن لا يعرف معنى الديمقراطية وبالتالي لا يعرف معنى إعطاء الحق لأصحابه حتى في اختيار من يمثله لأنه جاء إلى السلطة بانتهاك حق كل مواطن في بلده، لا بد أن تفكر كيف تجبره على هذا.
إن اخترت العنف كطريق فقد أصبحت ممن يهدم بلده ولست أفضل من هؤلاء الذين انتهكوا حقوقك.
ليس من حق أي إنسان أن يذل نفسه لأي إنسان آخر لا يعلم ما هو الحق فقط لا غير للوصول إلى حقه المشروع، إذا أذل إنسان نفسه لكى يصل إلى حقه فليس من حق هذا الإنسان هذا الحق الذي يطالب به لأنه يريد أن يصل له بإهدار كرامته.
من قبل على نفسه بإهدار كرامته حتى وإن كان للحصول على حقه، قد أهدر حقه ككونه إنسان له حقوق ليس لأحد أن يمسها. |