تولت رابع امرأة المسؤولية في المجالس البلدية في مدينة مراكش في ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ المغرب السياسي، حيث انتخبت جميلة عفيف، رئيسة لمجلس عمالة (محافظة) مراكش، وتنتمي السيدات الأربع إلى حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي تأسس قبل بضعة أشهر.
وقبل عفيف فازت فاطمة الزهراء المنصوري بمنصب عمدة المدينة، في حين فازت ميلودة حازب، برئاسة مقاطعة (بلدية) النخيل، وزكية المريني برئاسة مقاطعة (بلدية) جليز، بيد أن القضاء ألغى انتخابات المنصوري، وتأجلت أمس من جديد جلسة محكمة الاستئناف الإدارية التي تبحث في نتيجة انتخابات مقاطعة (بلدية) المنارة، حيث ينتظر أن تعقد المحكمة جلسة ثالثة الاثنين المقبل.
وجرت عملية انتخاب عفيف، وهي أستاذة في قطاع التعليم الثانوي، رئيسة لمجلس عمالة (محافظة) مراكش الليلة قبل الماضية، بعد حصولها على 32 صوتا من أصل 34. وفازت عفيف برئاسة المجلس ضمن لائحة «مستقلون». ومباشرة بعد إعلان فوزها أعلنت انتماءها إلى حزب الأصالة والمعاصرة. والمفارقة في انتخاب رئيس مجلس محافظة مراكش، هي انتخاب الحبيب بن الطالب، رئيس الغرفة الفلاحية، وينتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، نائبا أول لزوجته جميلة عفيف. في حين انتخب أحمد بنا، من حزب الاتحاد الدستوري، نائبا ثانيا، وعز الدين الزواي، وهو مستقل، نائبا ثالثا، ومحمد بوغربال من حزب الأصالة والمعاصرة، نائبا رابعا، ومبارك ولد الحمرية، وهو مستقل أيضا، نائبا خامسا.
وكانت نتائج عملية انتخاب أعضاء مجلس محافظة مراكش، التي تمت يوم 26 أغسطس (آب) الماضي، أسفرت عن فوز حزب التجمع الوطني للأحرار بستة مقاعد، وحزب الأصالة والمعاصرة بخمسة مقاعد، وحزب الحركة الشعبية بثلاثة مقاعد، وحزب الاتحاد الدستوري بمقعدين، فيما حصدت اللوائح الأربع للمستقلين 15 مقعدا، وذلك من أصل 34 مقعدا يتشكل منها مجلس المحافظة.
وقال حميد نرجس، المنسق الإقليمي لحزب الأصالة والمعاصرة، بجهة مراكش ـ تانسيفت ـ الحوز، لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار عفيف، رابع امرأة على رأس المجالس المنتخبة بمراكش، يتماشى مع توجهات الحزب، الذي قام على أساس استقطاب فئة من الشعب المغربي عزفت عن العمل السياسي، تتكون، أساسا من الشباب والنساء»، مبرزا أن «النتائج التي حصل عليها الحزب، على الصعيد المحلي والوطني تتماشى مع هذا التوجه، وتبين أن هناك توافقا بين الخطاب والفعل».
وحول ترشح عفيف ضمن لائحة «مستقلون»، قال نرجس إن «نظام الاقتراع الذي يفرض تعدد اللوائح، هو الذي جعلها تتقدم ضمن لائحة مستقلين، لكنها محسوبة على حزب الأصالة والمعاصرة مائة بالمائة». واعتبر نرجس اختيار نساء على رأس المجالس المنتخبة شيئا إيجابيا للمغرب. وبشأن بعض التحليلات التي تقول إن اختيار نساء، على رأس المجالس المنتخبة، أملته اعتبارات أخرى غير شرط الكفاءة، قال نرجس: «نحن نستحضر معيار الكفاءة، قبل أي شيء آخر، ومتأكدون أن فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة المدينة، وميلودة حازب، رئيسة مقاطعة النخيل، وزكية المريني، رئيسة مقاطعة جليز، على مستوى مجالس مراكش، وقدمن البرهان على كفاءتهن من خلال انخراطهن في ظرف قياسي، في خطة تغيير جذري لطريقة التدبير وكيفية العمل، وهو ما يقدم الدليل على أننا، في حزب الأصالة والمعاصرة، لا نختار المرأة فقط لأنها امرأة»، على حد قوله. وعبر إدريس الكَريني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، لـ«الشرق الأوسط»، عن أمله في أن يكون انتخاب سيدة رابعة، على رأس المجالس المنتخبة في مراكش، مرتبطا بالكفاءة والخبرة والإمكانات المعرفية، وليس لاعتبارات دعائية.
ويرى الكريني أن «رد الاعتبار للعمل المحلي لا ينبني بالضرورة على إعطاء المرأة المسؤولية، بل فتح المجال أمام مختلف الكفاءات، كيفما كان جنسها، ومواجهة الفساد بصرامة»، مشددا على «ضرورة إعطاء الأولوية للكفاءة، وليس للنوع» في تقلد مختلف المسؤوليات.
إلى ذلك، تواصل يوم أمس مسلسل تأجيل النظر في الحكم القاضي بإلغاء انتخابات مقاطعة المنارة، حيث ينتظر أن تعقد محكمة الاستئناف الإدارية جلسة ثالثة يوم الاثنين المقبل.
وقال المحامي أحمد أبادرين، من هيئة دفاع العمدة فاطمة الزهراء المنصوري لـ«الشرق الأوسط» إن التأجيل جاء بناء على طلب جميع الأطراف لإعداد المرافعات الشفوية، بعد أن توصلت الأطراف المستأنفة بأجوبة يلزم الاطلاع عليها، مضيفا أن «الجميع اعتبر الملف جاهزا للمرافعة يوم الاثنين المقبل».
وبخصوص الحكم المنتظر، قال أبادرين إن «دفاع كل طرف يعزز جوابه بالقوانين والاجتهادات القضائية ويرى الحق بجانبه، ولذلك يصعب التنبؤ بموقف المحكمة، التي تبقى لها الكلمة الأخيرة، لكننا نستطيع القول إننا متفائلون». وكانت المحكمة الإدارية بمراكش ألغت، في وقت سابق، نتائج انتخابات مقاطعة المنارة، وأصدرت حكما بإعادة الانتخابات فيها، وهو ما يعني إلغاء انتخاب فاطمة الزهراء المنصوري عمدة لمدينة مراكش، لأنها نجحت في هذه الدائرة ضمن اللائحة الإضافية (لائحة النساء) والشيء نفسه بالنسبة لعدنان بنعبد الله، رئيس مقاطعة المنارة، التي ترشح فيها وكيلا للائحة الأصالة والمعاصرة.
وجاء الحكم بإلغاء انتخابات مقاطعة المنارة بناء على شكوى تقدم بها ربيع الكوثري، وكيل لائحة حزب جبهة القوى الديمقراطية بالمنارة، طعن من خلالها في انتخابات هذه الدائرة، وقال إن «أوراقا للتصويت تسربت خارج مراكز الاقتراع كما أتلفت محاضر اقتراع ووجود اختلافات بين عدد المصوتين وعدد المشاركين».
وكان من تداعيات قرار الإلغاء الذي أصدرته المحكمة الإدارية إعفاء منير الشرايبي، والي (محافظ) جهة مراكش ـ تانسيفت ـ الحوز، من مهامه، بعد أن خلص التقرير الذي أنجزته لجنة من وزارة الداخلية، برئاسة سعد حصار، الوزير في وزارة الداخلية، في شأن الحيثيات المتعلقة بالعملية الانتخابية بمقاطعة المنارة بمراكش، إلى وجود مخالفات كبيرة على مستوى التنظيم والتنسيق بين المصالح الإدارية للولاية. |