ثلاث قضايا شائكة تجري علي لسان الناس منذ فترة طويلة ولم نسمع لها حسما( في حينها) من جانب الحكومة, مما ساعد علي ضياع الحقيقة, وكشف عن التضارب الواضح بين الجهات المسئولة!
في قرية البرادعة بالقليوبية ظهر التيفود فجأة قبل شهرين بعد أن نسينا هذا المرض منذ نصف قرن علي الأقل, وقالوا عن سبب ظهوره إنه اختلاط مياه الشرب بالمجاري هناك! وفي إطار معرفة الحقيقة سمعنا عن مقاول الباطن وضخه لمياه الصرف في مواسير شبكة الشرب!! وقرأنا عن اتهام أبناء القرية الذين بنوا الشبكة بالجهود الذاتية بعد أن يئسوا من انتظار الموارد الحكومية.
وتساءلنا عن رقابة المحليات الغائبة؟ وأين الوزارة المسئولة والشركة المنفذة؟! وفي دوامة الأحداث تركنا تيفود البرادعة, للقيل والقال علي شاشات الفضائيات حتي تراجعت صورتنا50 عاما إلي الوراء, بينما الحل كان في يد الحكومة منذ إعلان هذه القضية! ولمن لا يعلم فإن الحكومة تعلم أن القليوبية هي المحافظة الوحيدة علي مستوي الجمهورية, باستثناء مدن القناة, التي لا توجد بها شركة قابضة لإنتاج مياه الشرب, والتأكد من صيانة الشبكات, وأن هذه المهمة تقع بالكامل علي عاتق المحليات هناك!
وهذا ما أكدته نتائج التحقيقات القضائية والفنية التي أدانت أجهزة المحليات بالقليوبية بصورة مباشرة, ومع هذا لم نسمع عن محاسبة مسئول واحد تم تقديمه للمحاكمة, وكأننا ننتظر تكرار الواقعة مع أخوات البرادعة من القري المحرومة من مياه الشرب, وعددها14 قرية شقيقة!!
* القضية الثانية التي تجري علي لسان الشارع برعب وخوف هي إنفلونزا الخنازير, خاصة مع قدوم العام الدراسي, وإعلان منظمة الصحة العالمية أن العالم أصبح تحت قبضة هذا المرض, وهناك ضحايا بالملايين في الخريف المقبل. برغم تلك التحذيرات الواضحة التي أدخلت الرعب علي كل بيت مصري, فإن حكومتنا الرشيدة مازالت تتحدث عن ضرورة التنسيق بين وزارتي الصحة والتعليم, وتطرح حلولا شكلية بإلغاء إجازة السبت في الجامعات, أو الدراسة علي فترتين في المدارس المكدسة بالزحام, ونست التزاحم بشدة في وسائل المواصلات العامة ومترو الأنفاق, وفي دور العبادة,
وأماكن الترفيه! وإذا كانت وزارة الصحة قد أوكلت إلي مدير المدرسة مهمة المتابعة الصحية للتلاميذ واكتشاف حالات الإصابة المبكرة بالمدارس لإمكان عزلها, فإن السؤال هنا: هل يمكن أن يقوم مدير المدرسة بهذه المهمة في ظل إدارة صحية غير مجهزة؟ وهل المدير قام بمهمته التعليمية بنجاح حتي يسندوا إليه مهمة متابعة إنفلونزا الخنازير بالمدارس؟ ومن هنا نطلب من الحكومة سرعة إصدار قرارها بتأجيل العام الدراسي شهرين علي الأقل حتي يصل المصل الواقي من المرض أوائل نوفمبر المقبل بعد أن وصل عدد المصابن بإنفلونزا الخنازير إلي703 أشخاص, وإلي جانبهم84 حالة بإنفلونزا الطيور.
* وتأتي الزراعة بمياه الصرف الصحي كقضية ثالثة, التي مازالت حديث الناس مثلها مثل فوازير رمضان, علما بأنها ليست فزورة لكنها حقيقة بالأرقام, حيث تنتج مصر نحو6 مليارات من مياه الصرف سنويا بعضها تتم معالجته في مرحلته الأولي لزراعة الأشجار الخشبية بالحزام الأخضر, وبعضها الآخر يذهب في مساره الآمن من خلال ترعة الصف وغيرها من المجاري المائية. وإذا كانت تكاليف حل مشكلات الصرف تصل إلي70 مليار جنيه, كما تقول الحكومة, فإن الضرائب المتعددة علي المواطنين يجب أن يتوجه من حصيلتها جزء كبير لمثل هذه المشروعات الحيوية التي تؤثر علي صحة المواطنين من مياه شرب وصرف صحي!
إن تلك القضايا وغيرها تكشف في النهاية غياب التنسيق الوزاري وقصور التخطيط الحكومي وتؤكد سياسة رد الفعل من جانب الحكومة التي لا تتحرك إلا كرد فعل بدلا من التقاط ما يدور علي لسان الناس في الشارع لتوضيحه قبل أن يصم الشارع آذانه ويفعل ما يريد في مقابل صمت الحكومة.
نقلا عن جريدة الأهرام |