للمرة الثانية على التوالي تقوم مؤسسات اسرائيلية تزعم انّها صحافية بالاعتداء السافر على الديانة المسيحية، فبعد قيام مقدم برنامج في القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي بالتهكم على الديانة المسيحية وانكارها جملة وتفصيلا، رضخت نقابة الصحافيين الاسرائيليين بعد ظهر امس الخميس، للضغط الجماهيري، وقامت بانزال صور فلسطينيات منفذت عمليات فدائية ضد اهداف في الدولة العبرية، واللاتي تم عرضهن بشكل مستفز، داخل مبنى النقابة في تل ابيب.
ووفق المعلومات المتوفرة، فقد قامت مصورتان اسرائيليتان بعرض صور لفلسطينيات نفذن عمليات تفجيرية، وذلك بشكل غريب ومقزز، يعبر عن مدى الصلافة والوقاحة والعنصرية الاسرائيلية. حيث قامت كل من، جاليا بلايخ وليليا تشيك، باستبدال راس السيدة العذراء عليها السلام وهي تحمل السيد المسيح عليه السلام، من صورة ايقونة معروفة، برأس احدى الشهيدات، وذلك ادعاءً منهن بعرض الجانب الاخر للأم، التي من المفترض ان تكون مليئة بالحب والحنان، وليس ان تكون مخربة وحاقدة وكريهة، على حد قولهما.
وتواصل المصورتان ثقافتهما التصويريّة الاسرائيلية، بمساس اكبر عبر تساؤلهما في ما اذا اصبحت الام (السيدة العذراء) بصفتها قديسة، كما يقدس الفلسطينيون شهيداتهن، مليئة بالحقد والكراهية فماذا سيحصل للطفل بالاشارة الى السيد المسيح!.
وعقب المطران عطا الله حنا، رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذوكس، على هذا التصرف مستهجنا ومتأثرا من موضوع المساس بقدسية الدين والشعب الفلسطيني، قائلا: نستهجن التطاول المستمر على الديانة المسيحية ورموزها بل وانما على الشعب الفلسطيني وقضيته، وهو تطاول خطير لا سيما على السيدة العذراء التي لديها مكانتها في الديانتين الاسلامية والمسيحية، ونطالب بان يتم سحب هذه الصور حالا. وحول تصريح مدير صالة العرض الذي افاد انه لم يتوقع ان الصور ستكون بهذا العمق رغم انها قد تثير تساؤلات عديدة لكنه فضل ابقاءها احتراما لحرية الرأي رد الاب عطا الله حنا قائلا: حرية التعبير عن الرأي لا تعني المساس بالرموز الدينية.
وبدوره اكد الشيخ كمال خطيب، نائب رئيس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني ان هذا العمل لا يعبر ابدا عن حرية التعبير، ويجب دوما تجنب الرموز الدينية، لانها فوق المساس بها او الاساءة لها، كذلك حرية التعبير لا تكون مسا واضحا بقدسيّة الشهيدات اللواتي لهن مكانة عالية وسامية عند الله تبارك وتعالى، وعن تعليق المصورتين على انه لا يوجد هدف سياسي بل هدف نفسي انساني رد خطيب قائلا: مما لا شك فيه ان هذه الصور اساءة لكلا الرمزين، السيدة مريم والمسيح عليهما السلام، حيث ان الاخير قد يكون ضحية 'الارهاب' كما يسمونه هم، رغم ان المسيح عليه السلام كان اقرب في زمنه الى ان يكون ضحية ارهابهم (الاسرائيليين) عندما لاحقوه وطردوه ليقتلوه لولا ان نجاه الله ورفعة الى السماء.
يذكر ان صالة العرض كانت ستفتتح الليلة ببيت سوكولوف في تل ابيب بمؤتمر صحافي، حيث كانت ستعرض صور الشهيدات مع صور من العمليات التفجيرية التي وقعت في البلاد في السنوات الماضية.
وكانت مجموعة من الاسرائيليين اقرباء قتلى عمليات استشهادية قد تقدموا ببيان ضد الفنانتين ومنظمي المعرض مطالبين بوقف عرضه بادعاء ان وضع صورة شهيدة مكان السيدة العذراء يمنحها نفس القداسة، في حين ان هذه الشهيدة المخربة وفقا لما يقولون، كانت وامثالها سببا في موت اقربائهم في عمليات انتحارية نفذها فلسطينيون وفلسطينيات. والامر اللافت انّ صحيفة 'يديعوت احرونوت' نشرت على صدر صفحتها الاولى صورة وخبرا عن المعرض عنونته بصور مخربات فلسطينيات تعرض في تل ابيب.
وكانت جهات كنسية رفيعة المستوى متمثلة بالسفير البابوي سيادة المطران انطونيو فرانكو وغبطة البطريرك فؤاد طوال بطريرك اللاتين في القدس والاراضي المقدسة، قد اجرت اتصالات مكثفة مع جهات اسرائيلية رسمية لمنع عرض الصور التي تمس بالسيدة العذراء والسيد المسيح عليهما السلام، واوضح كل من السفير والبطريرك للمسؤولين الاسرائيليين ان استخدام صور مريم العذراء والسيد المسيح هو امر غير مقبول هو ويمس بالمسيحيين وبالرموز الدينية المقدسة.
ومن الواجب المحافظة على الاحترام بين الديانات في هذه البلاد وان هكذا معرض لا يدخل في اطار حرية التعبير وانما يندرج تحت عنوان الاعتداء السافر على المقدسات والديانات. |