بقلم: منير بشاي
أولاد أخي الأكبر الآن رجلين في العقد الرابع من العمر بفارق سنتين بينهما. أحدهما طبيب والآخر مهندس، ناجحان مهنيًا ويحبان بعضهما البعض ولكن عندما كانا ولدين في العاشرة والثانية عشر من العمر كانا مثل بقية الأولاد في سنهما يحبان اللعب مع بعضهما، وأحيانًا كان اللعب اللطيف ينقلب إلى عنيف وقد يصل إلى العراك.
وكانت المعارك بينهما تنتهي عادة لصالح الأكبر فهو الأضخم والأقوى، ولكن صرح لي الأخ الأكبر ذات مرة أنه كانت تأتي أوقات حين كان يشعر الأخ الأصغر أنه قد أهين بما فيه الكفاية وأنه لن يسمح بالمزيد، وكنت تستطيع أن ترى نظرات الغضب واضحة في عينيه. ويكمل الأخ الأكبر قائلاً: أنه عندما كان يرى هذا كان يعلم أنه قد جاوز مداه وأنه لن يقدر على هزيمة أخيه وأنه أمام خيارين إما أن ينسحب ويتجنب المواجهة أو يستمر في العراك كالمعتاد والنتيجة أنه هو الذي ستكون (العلقة) من نصيبه.
ذكرتني هذه القصة بأحوال أقباط مصر، كانت معاملة الدولة للأقباط مثل معاملة الأخ الأكبر للأصغر دائمًا يعتدون عليهم ويسلبون حقوقهم لا لشيء إلا لأنهم الأضعف ولأنهم عادة يقبلون الظلم ولا يتصدون للمعتدين. واستمر الوضع على هذا المنوال إلى أن قرر الأقباط أخيرًا أن السيل قد بلغ الزبى وأن الوضع أصبح لا يحتمل وأنهم لن يقبلوا هذا الظلم فيما بعد، وظهرت علامات الغضب في أعينهم وأحس الطرف الآخر أن الأمر وصل إلى الذروة وأن الأقباط جادين في الحصول على حقوقهم وأنهم مستعدين أن يضحوا في سبيل ذلك بكل شيء حتى بحياتهم، وثار الأقباط.
أمثلة لهذه المواقف التي ثار من أجلها الأقباط وتظاهروا هي:
• أزمة جريدة النبأ وإهانة رجال الدين المسيحي.
• أزمة السيدة وفاء قسطنطين التي طالت زوجة كاهن.
• أزمة تغيير اسم قرية دير أبو حنس القبطي إلى اسم وادي النعناع.
ومن الملاحظ أن الأقباط بعد تظاهرهم أخذوا حقوقهم كاملة في جميع هذه المواقف، ومن الملاحظ أيضًا أنه في هذه الحالات الثلاثة كانت قد مُسّت مقدسات الأقباط ويبدو أن الفيصل عند الأقباط هو مقدساتهم الدينية والقومية. وفيما عدا المساس بمقدساتهم فإن النظام يراهن على أن الأقباط شعب مسالم وصبور ونادرًا ما يثور.
وأن الأقباط يمكن الضغط عليهم مرارًا وتكرارًا إرضاءً للطرف الأقوى والأكثر عنفًا والذي تخشاه الدولة وتعمل حسابه وحفظًا للتوازنات السياسية فالدولة دائمًا ترجح كفة الإسلاميين وتبخس كفة الأقباط.
ولكن كما يقول المثل "احذر غضبة الحليم" فقد فاض بالأقباط الكيل وهذا الحليم الوديع قد وصل إلى نهاية طاقته ولا يستطيع أن يتحمل المزيد.
ولذلك نظمت الكتيبة الطيبية في مصر مظاهرة عامة يوم ١١ سبتمبر للاحتجاج على المظالم التي يعاني منها الأقباط. ونحن نؤيد هذا المجهود ونرجو أن يشارك فيه الأقباط جميعا ومعهم الأخوة المسلمين المتعاطفين الذين يرفضون الظلم والتعصب فيخرجوا جميعًا في تظاهرة قومية قوية من أجل مصر حرة ومن أجل مواطنة غير منقوصة للجميع.
الكتاب المقدس يقول "أغضبوا ولا تخطئوا" أفسس ٤ : ۲٦ فالغضب ليس دائمًا عملاً شريرًا لا يرضى عنه الله. الغضب المقدس دفاعًا عن الحق عملاً أخلاقيًا مشروعًا يتماشى مع مشيئة الله وقد مارسه السيد المسيح حين ثار على الذين حوّلوا بيت الله إلى تجارة (يوحنا ۲ : ١٦) الغضب الذي لا يرضي الله هو الذي يتحول إلى إيذاء الآخرين وإلى الأعمال التخريبية للممتلكات الشخصية والعامة.
لقد آن الوقت أن يخرج الأقباط من صمتهم ويطالبوا بحقوقهم المهدرة كمواطنين أصلاء في أرض آبائهم وأجدادهم.
أيها الأقباط ثوروا... ليس ضد مصر ولكن من أجل إصلاح مصر، وليس ضد إنسان ولكن من أجل حق الجميع في العدالة والمساواة.
Mounir.bishay@sbcglobal.net |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|