CET 00:00:00 - 08/09/2009

كلاشينكوف

بقلم: فيولا فهمي
كان مسترخيًا بين النوم واليقظة، ورائحة أشهى الماكولات الساخنة تداعب أنفاسه وتوقظ خلايا العقل المسئولة عن إحساس الجوع لترسل إشارات الإستغاثة إلى المعدة، فلقد كان صائمًا طوال اليوم ولم يعد قادرًا على الاحتمال فقرر استبدال القلق والانتظار بالنوم والاسترخاء لحين موعد إطلاق مدفع الإفطار، وعندما كانت أحلام اليقظة تداعب خياله برسم صورة لمائدة مستطيلة تمتلئ بأشهى الأطباق والحلويات والمشروبات الرمضانية، انحشر في جزء من تلك الصورة الخيالية مشاهد متعددة ظلت تبرق في خياله وسريعًا ما تختفي، وكأنها أشبه بأضواء الكاميرا التي تظهر وسريعًا ما تنطفئ..
بالرغم من التأثير السلبي لتلك المشاهد عليه لأنها أفسدت متعة انتظار اللحظات الأخيرة قبل الانقضاض على الأكل وجذبت تفكيره بعيدًا عن شهوة التفكير في مذاق الأطعمة، إلا أنها استطاعت أن تقضي على الوقت دون أن يشعر بملل أو جوع..
طوال 15 يومًا كاملين مضوا سريعًا من الشهر الكريم وهو حريص بالتعاون مع زملائه في العمل أن يجلسوا على مكاتبهم دون أن يمارسوا أعمالهم أو حتى ينجزوا الحد الأدنى من المهام الخاصة بهم، والحجة الجاهزة وقت اللزوم أو الاتهام بتعطيل مصالح المواطنين هي.. رمضان كريم إحنا صايمين، بالرغم من أن العمل عبادة!!
وفي طريق العودة من العمل الصوري يتزاحم ويقاتل من أجل الحصول على مكان في وسيلة مواصلات، ولا يراعي اعتبارات كبار السن أو المرضى أو أصحاب الاحتياجات الخاصة، والرحلة بالتأكيد لا تخلو من استخدام العنف والشتائم بحجة الإرهاق من الصيام، بالرغم من أن الدين رحمة ومودة!!
طوال فترة الصيام الصباحية لا يصمت لسانه لحظات معدودة إلا وينطق بالعبارة الشهيرة "أللهم إني صايم" كلما شاهد فتاة جميلة أو أفيش لفيلم سينمائي في الطريق أو أي مشهد آخر، وكأنه يتباهى بالصوم ويلوم الآخرين على أفعالهم، بالرغم من أن ثوابت الدين تدعو إلى الإحسان وكسر روح الكبرياء!!
جلسات نميمة تُسمى مجازًا بالفضفضة وكراهية للآخر ودعوة لازدراء أصحاب الديانات الأخرى تعتبر تسلية مُباحة في الصوم، وتصرفات شاذة وعنيفة وعصبية يبررها الانقطاع عن الطعام!
وفي ذروة انشغاله بتلك المشاهد التي يقوم بها يوميًا باعتيادية جاء موعد إطلاق مدفع الإفطار ليصحو من غيبوبته الضميرية على صوت الآذان وصورة المائدة يصطف عليها أشهى الأطباق، وعبارة صومًا مقبولاً وإفطارًا شهيًا، ليتاكد من شكل المأكولات ورائحتها الشهية أنها سوف تكون إفطارًا شهيًا ولكن مسألة الصوم المقبول قد يكون مشكوكًا فيها!!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق