CET 00:00:00 - 18/03/2009

مساحة رأي

بقلم / بولس رمزي
مما لا شك فيه ان المشكلة في مصر تكمن في إستحواز فئة على السلطة وفرضت الهوية الدينية لهذه الفئة على الدولة أيا كانت هذه الفئة سواء كانت أغلبية او أقلية فإنها لا تمثل سوى فئة او شريحة من فئات وشرائح المجتمع المصري ولمناقشة هذا الموضوع سوف نناقشه من خلال المحاور التالية:
المحور الأول: المادة الثانية من الدستور المصري
المحور الثاني: العلمانية هي الحل
إن إقحام الدين في الدولة أمراًَ له تاثيره على المجتمع المصري بأسره وله النتائج السلبية على الجميع سواء كانوا يمثلون أغلبية او أقلية فالخطر يقع على الجميع وفيما يلي مناقشة لتلك المحاور موضوع هذا المقال:

المحور الأول: المادة الثانية من الدستور المصري:
تنص المادة الثانية من الدستور المصري على (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع)
وهنا انا أناقش هذا الموضوع من زاوية أن الدولة شخصية إعتبارية لا يمكن أن يكون لها ديناًَ لأنها لا تصلي ولا تصوم ولن تحاسب في الآخرة ولكنني سوف أخوض في صلب المشكلة السياسية من وراء هذه المادة من خلال ما يلي:

أولاًَ – ما هو الإسلام المقصود فيه نص المادة الثانية من الدستور الذي يلقي إجماع جميع المسلمين في مصر؟ هل هو إسلام الحزب الوطني؟ ام إسلام جماعة الإخوان المسلمين؟ هل هو الإسلام السني؟ وإن كان الإسلام السني هل يقبل مليون شيعي مسلم مصري بأحكامه؟ وهنا يتضح لنا أنه لا يمكن أن نجد على أي صورة سيكون إسلام الدولة كما إنه من المؤكد لا يمكن أن يكون هناك إجماعاًَ بين مسلمي مصر على صيغة معينة لدين الدولة الموضح طبقاًَ لنص المادة الثانية من الدستور المصري.

ثانياًَ - أقباط مصر يمثلون شريحه كبرى لا يستهان بها في المجتمع المصري تم تحييدها سياسياًَ وإخراسها بتهميشها فعندما نجد أن "الإسلام دين الدولة" ونجد أيضاًَ من يرفع شعار "الإسلام هو الحل" فإن الناتج الطبيعي لهذه الفئة الخروج بكامل إرادتها من المعترك السياسي حتى لا تقع في سجالات دينية بدلاًَ منها سياسياًَ لأن هذين الشعارين انهيا تماماًَ أي مشاركة للأقباط سياسياًَ لأنه غير مقبول لأي سياسي يختلف مع هذه الشعارات أن يكون له أي دور فعال في المجتمع، الأمر الذي أخرج الأقباط من الخريطة السياسية للدولة تماماًَ ونظراًَ لأن الأقباط فئة تمثل الإعتدال السياسي داخل المجتمع المصري فئة مؤيدة للسلام الدولي والإقليمي والداخلي فقد أضاع النظام السياسي المصري قدرة سياسية هائلة يمكنها أن تخلق مناخاًَ مؤيداًَ لتوجهاتها في مسيرتها السلمية وأصبح نظام الحكم يقف وحيداًَ بلا أي دعم شعبي في مواجهة من يطالبون بإلغاء إتفاقيات السلام والخوض في حروب جديده مع إسرائيل يدفع ثمنها الشعب المصري بكل فئاته من إهدار دماء وضياع إقتصادي أكثر مما نحن فيه من ضياع.

ثالثاًَ-  هذه المادة أدت إلى تفتيت المجتمع المصري إلى مجموعة من الفئات ذات توجهات دينية مختلفة فمنها المسلم السني ومنها المسلم الشيعي ومنها من يرى بأن نظام الحكم لا يطبق صحيح الدين ومنها من يؤيد النظام ومنها من هو ليس بمسلم ويرفض أن تطبق عليه شريعة دينية تختلف عن شرائعه فعلى سبيل المثال عندما أفتت مشيخة الأزهر بجواز تعدد الأزواج للأقباط كان ذلك إستخداماًَ لهذه المادة التي أعطت مشيخة الأزهر الحق بفرض شرائعها على غير المسلمين الأمر الذي يؤدي إلى تفتيت الطاقة السياسية للمجتمع المصري بدلاًَ من توحدها.

رابعاًَ- هذه المادة أنتجت على السطح خلافات دينية وطائفية فبدلاًَ أن يكون التنافس على خدمة مصالح الدولة فإن الأمر وصل بنا إلى نطاق ضيق أفقدنا الإنتماء إلى الوطن وأصبح إنتمائنا دينياًَ فعلى سبيل المثال وليس الحصر في الماضي القريب عندما نشرت الصحف الدنماركية الرسوم المسيئة إلى الإسلام وجدنا العامة من المسلمين في الكثير من البلدان العربية يتوجهون إلى الكنائس التي يتعبد بها مسيحي تلك البلدان وإحراقها.
وهناك العديد من عمليات القتل التي تعرض لها أقباط مصر بسبب هذه الرسوم المسيئه التي هم ليسوا مسئولين عنها ولا يؤيدونها لكن هذه النعرات الدينية التي تعتبر المادة الثانية من الدستور المصري قمتها حولت المسيحي المصري إلى عدواًَ فعندما ينتقم منه نتيجة تصرف أي دولة ذات أغلبية دينية مسيحية لأننا نسينا مصريتنا والمصلحة القومية لدولتنا وفقدنا هويتنا وتغلبت الهوية الدينية على هويتنا المصرية.

المحور الثاني: العلمانية هي الحل
كثير من الناس يعتقد في العلمانية كفراًَ وإلحاداًَ وهنا قبل أن أخوض في الحل فإنني أود توضيح مفهوم العلمانية:
أولاًَ– قبل كل شيء، نحن لا نقصد علمانية المجتمع المصري ولكننا نقصد من "العلمانيه هي الحل" هو علمانية الدولة وليس الأشخاص فالدولة بطبيعة الحال لا دين لها لأنها شخصية معنوية وليست شخصية طبيعية والأديان نزلت من أجل أشخاص طبيعيين وليس دول وبالتالي فإن الدولة العلمانية لا تتعارض مع تدين الأشخاص.
ثانياًَ– علمانية الدولة المقصود بها حكم الدولة بمجموعة من القوانين المدنية لا تخالف او تخل المباديء والأسس الدينية والأعراف والعادات والتقاليد المتعارف عليها منذ آلاف السنين وأصبحت عرفاًَ لها قوة القانون ويتفق عليها جميع طوائف المجتمع المصري بجميع توجهاته.
ثالثاًَ– أبعاد الأديان وقدسيتها من المهاترات والحيل والأكاذيب السياسية فإن إستغلال الأديان من أجل الحصول على مكاسب سياسية له الكثير من الآثار السلبية على الأديان نفسها.

لذلك فإننا نجد أن علمانية الدولة هي الحل الأمثل لإفراز مجتمع مصري سليم لا يمارس العمل السياسي على اساس الهوية الدينية بل على البرامج السياسية فنجد على سبيل المثال ان الحزب اليساري يتكون من مجموعة من الأعضاء الذين ينتمون لديانات مختلفة لكن فكرهم السياسي هو الذي يوحد إنتمائهم تحت رأية هذا الحزب الذي يوحد إتجاهاتهم السياسية وبالتالي فإن علمانية الدولة سوف تؤدي بالتبعية إلى القضاء على المرض المزمن الذي يجتاح مصر منذ اكثر من خمسين عاماًَ وهو مرض الفرز الطائفي.

أخيراًَ:
في لقاء لي دام اكثر من ثلاثة ساعات مع الأستاذ محمود الفرعوني  وكيل مؤسسي حزب مصر الليبرالي وجدت في هذا الحزب أفكاراًَ رائعة وقررت ان أكون أحد مؤسسي هذا الحزب المصري الرائع وهنا أناشد الجميع مسلمين وأقباط ممن لهم توجهاًَ ليبرالياًَ بالإنضمام إلى هذا الحزب الذي من شأنه إعادة الروح المصرية للمجتمع المصري بإثره دون أية تفرقة بين طوائفه على أساس أي فرز ديني الأمر الذي معه تنشيط الحركة السياسية في مصر والقضاء على سلبيات المجتمع المصري الذي أخلى الساحة تماماًَ لفئات لا تمثل الإجماع المصري في شيء.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق