بقلم: إسحق إبراهيم
لا تُعد حالة الصحفية السودانية "لبنى أحمد الحسين" التي أودعت السجن أول أمس بعد رفضها دفع الغرامة التي فرضتها المحكمة عليها لإدانتها بارتداء البنطال، حالة قاصرة على السودان فقط بل هي نموذج متكرر وموجود في مجتمعنا المصري وبأشكال مختلفة.
إذا كانت لبنى تعرض للمحاكمة نتيجة ارتداءها زيًا معينًًا.. فهل كل المصريات يملكن حرية اختيار الزي الذي يريدن ارتداءه؟ الإجابة بالنفي، فالمرأة المصرية تخضع لسلطات وقواعد وتقاليد ضاغطة تفرض عليها نمطًا معينًا للزي. وهنا لا أقصد أن تتعرى المرأة ولكن المرأة المصرية ليست حرة مائة في المائة في اختيار زيها.
الفتاة قبل الزواج تخضع لاختيارات أسرتها ونمط حياتها، هل هي أسرة متشددة أم محافظة أم منفتحة؟ ثم تخضع للقواعد التي تحددها المدرسة والجامعة فيما بعد، وتنتقل سلطة تحديد الزى بعد زواج الفتاة إلى زوجها ورؤسائها في العمل.
لقد كنت شاهد عيان على ضغوط شديدة ومستمرة تعرضت لها زميلة أثناء عملي السابق بوزارة المالية لمجرد أنها لا ترتدي الخمار، يتم ذلك تارة بالترغيب ومحاولة إظهار أن شكلها بالخمار سيكون جميلاً جدًا وسيجذب الشباب لخطبتها، وتارة أخرى بالترهيب وممارسة الضغوط النفسية عليها بأن ما ترتديه يعتبر معصية تستوجب التوبة، وللأسف بمرور الوقت تحول دعاة الفضيلة من طريقة الترغيب إلى الترهيب وكانت النتيجة انتشار الزي المتشدد بشكل غير مسبوق ووجدنا أشكالاً مختلفة بعيدة عن البيئة المصرية منها الإسدال والنقاب ثم النقاب الأعور والباقية تأتي.
كان يمكن اعتبار أن ارتداء المرأة لهذه الأشكال مسألة تدخل في نطاق الحرية الشخصية إلا أن انتشار هذه الأزياء ترتب عليه ممارسات غير مقبولة ومذلة للمرأة وتنتهك كرامتهن، فهذا الزي أصبح يعبر عن الهوية الدينية مما يترتب عليه نوعًا من الفرز والتمييز، إضافة إلى وجود ربط بين الفضيلة ومكارم الأخلاق وبين ارتداء المرأة لهذا الزي انتهاء إلى أنه يمثل اعتداء على حقوق الآخرين وخطر على الأمن القومي، فكثير من المجرمين يهربون من قبضة العدالة نتيجة ارتدائهم النقاب مثلاً والذي يخفيهم عن باقي المواطنين.
نحن في حاجة ماسة إلى التحرك وسريعة للتعامل مع هذا الملف بموضوعية دون أدنى اعتبارات لأي حساسيات، هذا الدور يقع على عاتق الدولة بصورة مباشرة، فهي المسئول عن حماية أمن وأمان المواطنين وصون المجتمع من مظاهر التطرف التي تؤذي الجميع.
Ishak_assaad@yahoo.com |