بقلم: ماجد سمير
هناك ارتباط نفسي يجمعني مع السودان، ربما لأني أرى أننا في مصر امتداد جغرافي لهم ونشرب من نفس النهر فضلاً عن عشقي الشديد لأصحاب البشرة السمراء، وجمعتني الصداقة فترة من حياتي بعدد من الشباب السودانيين الذين يدروس بالجامعات المصرية، وفي يوم قابلت فتاة من جنوب السودان تدعى "مارجريت" قال لها أحد الأصدقاء على سبيل الدعابة أني أريد التزوج منها فكان ردها بمنتهى البراءة، عليّ أن أذهب إلى أبيها في القبيلة القريبة من مدينة "واو" بجنوب السودان وأطلب يدها من والدها، وإذا وافق يجب أن أقوم فورًا بشراء "مية بقرة" أي مائة بقرة مهرًا لها، وبالطبع لم تتم قصة الزاواج بسبب عدم قدرتي توفير كمية البرسيم المناسبة، لزوم التغذية الكافية "لمهر" العروس.
والسودان البلد الجميل الذي أكاد أن أكون سودانيًا من عشقي له ولأهله أصحاب القلوب البيضاء شديدي الطبية وقع منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي في فخ الدولة الدينية، ووهبها الله حكومات وحكام تصورا أنهم مسئولون عن دخول الشعب إلى الجنة، وتطورت الأمور وأصبحت أخصب أراضي العالم مرتع للتدين الظاهري الذي نتج عنه "أسوأ محاكمة في التاريخ"، وهو اللقب أو العنوان الملائم والمناسب لمحاكمة الزميلة الصحفية السودانية "لبنى حسين" بسبب إرتدائها سروال أو بنطلون حريمي رأت السلطة السودانية أنه مثير للشهوات فضلاً عن أنه من وجهة نظر أولي الأمر في السودان الشقيق غير محتشم.
ورغم أني أعتقد أن "الزول" السوداني وكلمة الزول باللهجة السودانية الجميلة تعني الرجل، مثل كل "زولات " العالم لا يهتموا بالبنطلون، ولا أعلم إن كانت كلمة زول جمعها الصحيح زولات، وإن كنت أعتقد أن جمع المؤنث سالم غير معترف به في السودان لأنه من المؤكد غير محتشم مثل بنطلونات.
وقصة البطلة "لبنى حسين" تناقلت أخبارها كل وسائل الإعلام في العالم بشكل مفصل بدءًا من توقيفها مرورًا بالحكم عليها بالجلد ورفضها العفو الرئاسي ومنعها من السفر ودعوتها "لحفل" جلدها كما أطلقت عليه، حتى الحكم المخفف بالغرامة ورفضها الحكم، قصة كئيبة تؤكد أن الوضع في السودان وغيرها من الدول التي تحلم بالدولة الدينية لا نهاية له، والشعب السوداني الطيب الذي سقط في الفخ وتم ضربه بالتدين الظاهري هو نفس الشعب الذي رفض مشجعوا وإدارة نادي المريخ –أحد أكثر أندية السودان شعبية مع منافسه الهلال– وضع "هلال" أعلى المسجد الخاص بناديهم. |