بقلم : جرجس بشري
لقد صُدِم الرأي العام المصري ولن أكون مُبالغاً إذا قلت والعالمي أيضاَ بسبب الحملة التي قامت بها وزارة الداخلية المصرية مؤخراً والتي بموجبها تم القبض على عدد من الأشخاص الفاطرين في نهار شهر رمضان الجاري فيما عُرف بحملة المُجاهرين بالإفطار الغريب أن كان من بين المقبوض عليهم أقباط ( مسيحيون ) والسؤال المطروح هنا بشدة هو : هل يجب على وزارة الداخلية المصرية أن تكون وصية على مُمارسة الأفراد لفرائض الإسلام ؟!!وهل أصبحت مصر دولة دينية ( إسلامية ) تقوم فيها هذه الوزارة بدور الحارس لشعائر الإسلام ؟!! وهل الإسلام كدين في حاجة إلى قيام الداخلية المصرية بحماية شعائره بقوانين بشرية وفرضها على المواطنين بالقوة الجبرية حتى كان من بين هؤلاء المواطنين من لا ينتمون إلى الإسلام؟
لقد دارت هذه الأسئلة في ذهني عقب فضيحة قبض ضباط شرطة على مُجاهرين بالإفطار في نهار رمضان وبمُباركة من وزارة الأسلمة الجبرية ، أقصد" وزارة الداخلية ".
والحقيقة أن هذه الحملة لها دلالات مُرعبة تؤكد ( لا يدع مجالاً لشبه شك ) على عِدة حقائق جوهرية من أهمها أننا نعيش في دولة دينية بحتة تتخفى فيها جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر وراء إسم " وزارة الداخلية "، بعد أن تثـَبَت لنا دور هذه الوازارة الجُهنمي في محاولات الأسلمة الجبرية لشباب وشابات مسيحيات ، وكذا تغييرها لديانة وأسماء الأطفال الذين أشهر والدهم إسلامه إلى أسماء إسلامية بعد أسلمتهم دون إرادتهم ، ونزع حضانتهم من والدتهم المسيحية، أما الحقيقة الثانية التي تنطوي عليها هذه الحملة فهي إظهار الإسلام للعالم على أنه ديانة مظهرية تـُفرض شعائرها ( وتحديداً هنا شعيرة الصوم ) على المؤمنين بها فرضاً ، ولو بقوة القانون !!
مع أننا نعرف أن الأديان جميعها وحتى الوضعية منها تنظر للصيام على أنه فضيلة يـُقبل عليها الإنسان بإرادته الحرة ، حُباً في الخالق سبحانه ، وليس للمظهرة والنفاق ، فكم من أناس صائمين عن طعام الجسد ولكن في الحقيقة قلوبهم تنفث حقداً وغضباً وكراهية لمخلوقات الله تعالى ، كما أن العجيب في هذه الحملة ، هو القبض على أقباط "مسيحيين " بتهمة المُجاهرة بالإفطار في نهار رمضان ، وكأنه مفروض على المسيحيين أن يجاهروا بصوم رمضان في الشوارع بأمر الداخلية.
وهذا إستهتار بحقوق مواطنين مصريين وتدخلاً سافراً في حرياتهم الشخصية ، فإن كان المسيحيون لا يأكلون ولا يشربون أمام الصائمين المسلمين خلال شهر رمضان ،فإنهم يفعلون ذلك بإختيار وليس بفرض ، وإن كانت الداخلية تفرض على المسيحيين عدم المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان فعليهم أن يأكلوا ويشربوا.
إن الكارثة التي تظهر جلية على خلفية هذه الحملة هي ملاحقة الحكومة المصرية للمجاهرين بالإفطار ومعاقبتهم ، في الوقت الذي تُجاهر فيه الحكومة ذاتها بدون حياء بإضطهاد الأقباط ، وعدم معاقبة المجاهرين بالخيانة ممن قالوا " طز في مصر " والتساهل مع المجاهرين بالتحريض على الأقباط من شيوخ الفضائيات ومنابر الزوايا وبعض المساجد.
أنني أطالب من على هذا المنبر الحقوقي وزارة الداخلية المصرية أن تقدم إعتذاراً عن هذه الحملة ، وكذلك مُحاسبة مُساعد وزير الداخلية للإعلام بسبب تصريحاته التي أدلى بها مؤخراً لجريدة الشروق ، والتي هاجم فيها المنظمات الحقوقية التي هاجمت الحملة وطالبها بأن تتعلم الحياء !
وهو بلا شك أسلوب غير لأئق عند الحديث عن منظمات حقوقية تدافع عن حقوق الإنسان ، وعلى الداخلية المصرية أن تبين للرأي العام القوانين أو المواد الدستورية التي إستندت إليها في القبض على بعض ممن جاهروا بالإفطار في رمضان ، وإن كانت بالفعل هناك قوانين إستندت أو قرارات سرية أو شفوية إستندت عليها الداخلية في ذلك فيجب إلغاؤها فوراً ، قبل أن تتحول مصر إلى طالبان !! |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|