كتب: إسحق إبراهيم – خاص الأقباط متحدون
أكد مركز "ماعت للدراسات الحقوقية والقانونية": إن الاهتمام الوطني بخضوع مصر لآلية الاستعراض الدوري الشامل التابعة للمجلس الدولي لحقوق الإنسان لم يتصاعد إلا خلال شهري يوليو وأغسطس فقط وينطبق ذلك على الحكومة أو المجلس القومي لحقوق الإنسان أو غيره من منظمات المجتمع المدني، فالحكومة المصرية لم تتحرك ايجابيًا باتجاه إعداد تقريرها عن حالة حقوق الإنسان في مصر إلا في شهر مايو 2009، حيث أصدر الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتشكيل لجنة حكومية تختص بوضع خطة الإعداد لخضوع مصر لآلية المراجعة الدورية لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
ولم تسع اللجنة الحكومية خلال هذه الفترة إلى إشراك منظمات المجتمع المدني في إعداد تقريرها حتى يصبح تقريرًا وطنيًا كما فعلت بعض الدول التي خضعت للاستعراض في الدورات السابقة، كما أن اللجنة لم تعقد أي فاعلية تستهدف نشر الوعي بآلية الاستعراض الدوري وتعرف المواطنين بأهميتها وما يترتب عليها من نتائج، كما لم تتحرك باتجاه التحاور مع منظمات المجتمع المدني إلا في 3 سبتمبر 2009 باجتماع دعت إليه اللجنة.
كشف التقرير عن أن معظم منظمات المجتمع المدني المصرية اكتفت بإعداد التقارير في غرف مغلقة وبعيدًا عن أي حوار مجتمعي فعال لترتكب نفس أخطاء وخطايا الحكومة المتكررة في تهميش المعنيين وأصحاب المصلحة، كما أن هذه المنظمات لم تهتم بتنظيم فعاليات وأنشطة لنشر الوعي بالآلية المستحدثة بين فئات المجتمع المختلفة وحتى الأنشطة الضئيلة التي عُقدت كالدورات التدريبية لبعض المنظمات جاءت في وقت متأخر جدًا بدرجة لا تكفي لاستفادة المتدربين بنتائج الدورة في التواصل مع آلية الاستعراض الدوري الشامل، وهو ما يجعل مثل هذه الأنشطة عديمة الجدوى وإهدار للموارد الحقوقية المحدودة بالفعل.
وأصدر ماعت تقريرًا عن موقف مؤسسات المجتمع الحكومية والصحفية والأهلية من خضوع مصر لآلية الاستعراض الدوري الشامل جاء تحت عنوان "اختبار الاستعراض الدوري الشامل الاستيقاظ متأخرًا والرياء الحقوقي شعارات المرحلة" مشيرًا إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان هو المنظمة الوحيدة التي بدأت في الاستعداد لآلية الاستعراض الدوري الشامل في وقت مبكر، حيث قام المجلس بتشكيل لجنة للاستعراض الدوري الشامل كما دشن موقعًا الكترونيًا خاصًا بآلية الاستعراض الدوري.
كما أكد التقرير عن أن آلية الاستعراض الدوري الشامل وخضوع مصر لها لم تلقىَ اهتمامًا كبيرًا من منظمات المجتمع المدني إلا في بداية شهر يونيو 2009 وتصاعد هذا الاهتمام خلال شهري يوليو وأغسطس، حيث بدأت بعض المنظمات تعلن عن نيتها لتقديم تقارير إلى آلية الاستعراض الدوري الشامل أو الدخول في تحالفات مع بعضها البعض وخلال شهري يوليو وأغسطس 2009 بدأت خريطة التحالفات التي تم الإعلان عنها في الاتضاح والتشكل، كما ظهرت تحالفات جديدة على الساحة لم يتم الإعلان عنها خلال شهر يونيو 2009.
أظهر التقرير من خلال تحليله للصورة العامة لخريطة التحالفات التي ظهرت خلال هذه الفترة أن معظم التحالفات لم يتم الدعوة لها إلا في شهر أغسطس وهي فترة غير كافية على الإطلاق للاتفاق على أسس منهجية ووضع آليات لإعداد التقرير ومن ثم فهناك شكوك عمّا إذا كان التقرير يأتي معبرًا عن وجهة نظر منظمات التحالف ككل، وبدت معظم التحالفات وكأن مَن يحركها ويسيطر عليها منظمة واحدة فقط هي الداعية للتحالف بينما المنظمات الأخرى ليس لها دور جوهري وملموس في إعداد التقرير ولم يعرف ما هي الآلية التي ستقوم بإعداد التقرير وكيف سيتم الاتصال بين الشركاء.
ولم تهتم معظم المنظمات بنشر استعداداتها للاستعراض الدوري الشامل وتحالفاتها ومحتويات تقاريرها على مواقعها الالكترونية، بل إن معظم المواقع الالكترونية للمنظمات الحقوقية لم تحتوي على أي مادة منشورة متعلقة بالاستعراض الدوري الشامل.
أوصىَ التقرير بحتمية العمل على نشر الوعي بالآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان عمومًا وآلية الاستعراض الدوري الشامل تحديدًا ورفع قدرات الإعلاميين وقادة الفكر والرأي في هذا المجال والعمل على بناء آليات وطنية لمراقبة مدى وفاء مصر بالتزاماتها الدولية.
وكذلك بتوجيه طاقات المجتمع المدني وإمكانية نحو تحقيق الأهداف الحقوقية الأكثر إلحاحًا والعمل على تحسين كفاءة توظيف مواردها في أنشطة يكون لها مردود ايجابي على الفئات المستهدفة لأن العمل على نحو غير الذي ذكرناه لا يمكن أن يسمى إلا "رياء حقوقي" وما أحوج الحركة الحقوقية الآن إلى التخلص من هذا الرياء. |