CET 11:48:11 - 13/09/2009

مساحة رأي

بقلم: منير بشاي
التراشق بالاتهامات ظاهرة متفشية حاليًا في الوسط القبطي للأسف الشديد. الأصابع تشير إلى هذا وذاك على أنه إما وطني غيور أو خائن مارق، وأحيانًا نفس الشخص يمدح ويلام طبقًا للشلة التي تدور في فلكه أو الشلة التي تناهضه.
وأعترف أنني مثل الكثيرين قد سئمت هذا الأسلوب الذي لا يخدم القضية بل يعرقلها وأتمنى أن تتوقف الاتهامات الشخصية التي لا تؤيدها الأسانيد، ولكني أعلم أن هذه أمنية صعبة التحقيق طالما أن هناك نوايا وأهداف ليست دائمًا خالصة.
ولكنني قد انتهيت إلى القناعة أن أبتعد قدر الإمكان عن القيل والقال والحكم على أي إنسان لمجرد سماع شائعات دون دليل وبدلاً من الحكم على الأشخاص ينبغي أن نركز على الأفعال والتصرفات. وبناء عليه يجب أن يكون السؤال: هل هذا القول أو الفعل أو التصرف لصالح القضية أم لهدمها؟ أما مَن يروج هذا القول أو الفعل فأهميته تقع في الدرجة الثانية، فمن المحتمل أن يكون هذا الإنسان خائنًا وعميلاً وقد يكون مخلصًا وحسن النية والحكم عن حسن أو سوء نية الإنسان أمر ستكشفه الأيام إن كان غامضًا علينا الآن. ولكن ما يهمنا هو فضح الأعمال والتريث في فضح الناس حتى تتضح لنا الأمور بما لا يقبل مجالاً للشك المعقول. Beyond reasonable doubt 

وقد ظهرت على الساحة مؤخرًا محاولات لإعادة توجيه مسار الحركة القبطية باقتراح حلول معينة واستبعاد حلول أخرى، من أمثلة هذه الاتجاه الذي يناديث بأن الحل للقضية يمكن أن نحققه عن طريق صندوق الانتخابات وحده، وكما ذكرت ليس هدفي هنا نقد أشخاص ولكن مناقشة فكر ومعرفة صدقه وأهدافه وهل سيؤدي فعلاً إلى حل القضية أم طرحها في دوامة من الضياع لا طائل منها.
وكما ذكرت مرارًا أكرر أنني لست ضد اشتراك الأقباط في الانتخابات بل أؤيده من كل قلبي وأشجع كل الجهود للتسجيل والحصول على البطاقة الانتخابية والمشاركة في الانتخابات، وأرى أن الصوت القبطي المتحد يمكن أن يكون له فاعليته الكبيرة إذا استخدم لترجيح كفة المسلم المعتدل ضد المتعصب حتى في هذا الوقت الذي يصعب فيه انتخاب المسيحي، ولكنني ضد فكرة اختزال القضية القبطية في خطوة واحدة معجزية مثل الانتخابات. فيجب التنوع في الأساليب والخطط والمرونة في تغيير هذه الخطط حسب ما يمليه سير المعركة.

نعم يجب أن لا ننسى أبدًا أننا في معركة مع النظام من أجل الحصول على حقوقنا وأن أسلحة العدو كثيرة ومنها إقناعنا بتبني خططًا فاشلة وبث الإشاعات الكاذبة وخلق الفتنة والخصام وزرع العملاء وسطنا حتى من بين الأقباط أنفسهم، والمهمة الصعبة التي تواجهنا هي كيف نميز بين الغث والثمين، بين ما هو لصالحنا وما هو ضدنا.
نأتي لهذه الفكرة التي تدعونا أن نترك كل شيء ونكف عن كل عمل ونركز على أخذ حقوقنا كلها (كاملة غير منقوصة) عن طريق صندوق الانتخابات. تفتكروا مين له مصلحة أن يقول مثل هذا الكلام؟ الإجابة واضحة وهى أنه شخص يريد أن يؤجل تقديم الحلول للقضية القبطية قدر ما يستطيع ويريد أن يرمى بالقضية وراء ظهره وينساها أكبر فترة من الوقت. موش كده ولا إيه؟

وبشيء من التفكير الهادئ المتزن دعنا نفحص ما هي احتمالات أن يستطيع القبطي أن يأخذ حقوقه ويصحح أوضاعه عن طريق صندوق الانتخابات وحده.
خذ مثلاً هذه المشاريع لقوانين (إذا أمكن وضعها أمام الناخب المصري أو للمناقشة في مجلس الشعب):
·مشروع قانون بإلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
· مشروع قانون باعتبار مصر دولة علمانية لا تحكم بمرجعية دينية إسلامية.
· مشروع قانون بإلزام الدولة تمثيل الأقباط في جميع الوظائف العليا تمثيلاً عادلاً.
· مشروع قانون يلغى الخط الهمايوني والشروط العشرة ويعطي الأقباط حرية بناء الكنائس وترميمها.
· مشروع قانون يعطي العابرين من الإسلام للمسيحية حق تغيير الدين وعدم الملاحقة الأمنية.
· مشروع قانون بإزالة كل النصوص في المناهج التعليمية التي تشير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى أن المسيحيين  كفار.
فيه مشاريع كتيرة تاني ممكن نفكر فيها... بس كفاية كده!!

والسؤال لو وضعت مشاريع القوانين هذه أمام الناخب المصري الذي يتكون من ١٥% مسيحيين و٨٥% مسلمين تفتكروا إيه احتمال أن هذه القوانين أو بعضها ينجح في ظل التعصب الديني المتفشي في مصر حاليا؟ وماذا ستكون نتيجة مناقشتها في مجلس الشعب في ظل التمثيل القبطي الحالي الضعيف في المجلس؟  بل ما هو احتمال نجاح قبطي في انتخابات مجلس الشعب أو المجالس المحلية إن لم يكن مؤيدًا بواسطة الحكومة؟ وهذا المؤيد من الحكومة لو نجح ترى لمن سيكون ولائه؟

المشكلة يا سادة قد خلقها النظام ولن يحلها غير النظام. والحل في يد النظام ويستطيع أن يصحح الكثير منه بجرة قلم إذا أراد... ولكن الواضح أنه لا توجد إرادة للنظام لحل مشاكل الأقباط. وما يريده النظام هو التسويف...والتسويف... والتسويف، والمزيد من التسويف حتى نتعب ونيأس ونسلم بالأمر الواقع أو إعطائنا بصيصًا من الأمل الكاذب الذي لن يتحقق في يوم من الأيام، وهل توجد وسيلة للحكومة أسهل لتحقيق هذا من إقناع الأقباط بحل مشاكلهم عن طريق الانتخابات وحدها (وموت يا...على ما يجيلك...ده اذا جه!). والحكومة تفعل هذا ليس لأنها عندها عداء شخصي مع الأقباط بل لأنها تعتقد أن حل مشاكل الأقباط سيغضب الغالبية المسلمة، وسياسة الموازنات تتطلب من الحكومة أن ترضي هذه الغالبية الأقوى والأخطر حتى ولو كان هذا على حساب غضب الأقلية القبطية، فغضب الأقلية القبطية مقدور عليه.
والآن.. وظيفتنا هو كيف نجعل غضب الأقباط أمر صعب على الحكومة أن تتغاضاه... هذه هي المشكلة.. وتعالوا نفكر في الحلول...

Mounir.bishay@sbcglobal.net

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق