CET 21:05:03 - 22/10/2012

مقالات مختارة

بقلم: د عصام عبدالله

 بمناسبة مرور خمسين عاما علي " الأزمة الكاريبية " رفعت الولايات المتحدة السرية عن العديد من الوثائق المهمة لتلك الحقبة، فضلا عن صدور العديد من المؤلفات التي تناولت بعضا من خباياها وطرائفها أيضا ومنها كتاب " دروس في القيادة والحياة " الصادر في مايو الماضي 2012 عن دار " هاربر كولينز "، تأليف " كولن باول " وزير خارجية أميركا الأسبق في عهد الرئيس جورج بوش الإبن بين عامي 2001 و2005، وأول أمريكي أسود يتولي هذا المنصب، كما شغل عدة مناصب رفيعة منها منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي وقائد الجيش الأمريكي ورئيس هيئة الأركان.

روسيا أحتفلت بيوبيل " الأزمة الكاريبية " علي طريقتها، فقد حملت صحيفة " كومسومولسكايا برافدا " هذا العنوان المثير: " نهاية العالم .. كادت أن تكون "، وتناولت علي صفحاتها إحدي أهم وثائق هذه الأزمة، وهي نداء وجهه الرئيس الأمريكي " جون كينيدي " في شهر أكتوبر عام 1962 حول غزو كوبا. وتؤكد الصحيفة – حسب موقع روسيا اليوم - أن خطة الغزو تضمنت توجيه 500 ضربة جوية محددة للأراضي الكوبية وإنزال 90 ألف جندي أمريكي على الجزيرة واستخدام الأسلحة النووية كوسيلة نهائية. وكان ذلك سيؤدي – كما تقول الصحيفة- إلى ضربة جوابية مؤكدة من قبل الاتحاد السوفييتي، لينتهي العالم بعد ذلك.

الأزمة الكاريبية أو أزمة " خليج الخنازير " بدأت في الرابع عشر من أكتوبر عام 1962 عندما اكتشفت الولايات المتحدة وجود صواريخ سوفيتية متوسطة المدى على الأراضي الكوبية. كانت ردا على نشر الولايات المتحدة لصواريخ في شمال تركيا. لكن " كينيدي " اقترح على " خروتشوف " إزالة الصواريخ مقابل تعهد بعدم الهجوم على كوبا وإزالة الأسلحة النووية من حدود الاتحاد السوفييتي. فتم ذلك في الثامن والعشرين من شهر أكتوبر من نفس العام.

لكن يبدو أن يوم 25 أكتوبر عام 1962 كان يوم الحسم بالنسبة لهذه الأزمة العالمية، وذكري لا تنسي للدبلوماسية الأمريكية، فقد نجح السياسي المخضرم " أدلي ستيفنسون " مندوب أمريكا الدائم في الأمم المتحدة في اقناع العالم بخطورة الصواريخ النووية السوفييتية التي نصبتها في كوبا. دخل " ستيفنسون " قاعة مجلس الأمن وعلي وجهه علامات الغضب والتجهم وهو يسأل نظيره الروسي الشهير " فاليريان زورين " أمام أعضاء المجلس وأنظار العالم: " هل تؤكد أنكم لا تنصبون الصواريخ في كوبا؟ " وعندما تردد " زورين " في الإجابة بحجة انه ليس في محكمة، " أسقط في يد " ستيفنسون الذي نصب أسلحته وكانت عبارة عن صور فوتوغرافية كبيرة التقطت بالأقمار الاصطناعية للصواريخ وأماكنها والخبراء الذين يشرفون على إدارتها، وأحتبست أنفاس كل الأعضاء في القاعة، وخرج قرار دولي موحد نجحت إرادة مجلس الأمن في تطبيقه بالتوازي مع اتفاق غير معلن أنجزه كل من شقيق كينيدي ومستشاره لشؤون الأمن القومي مع موسكو.

" كولن باول " يذكر هذه اللحظة التاريخية الفارقة (والحنكة الدبلوماسية لستيفنسون) في كتابه " دروس في القيادة والحياة "، في سياق حديثه عن لحظة شبيهة عاشها هو نفسه مع الخطاب "السيئ السمعة" – كما عنون به أحد فصول كتابه - الذي ألقاه في 5 فبراير 2003 في الأمم المتحدة، حيث قدم رسميا ما تم الكشف في وقت لاحق عن انه تضليل فادح عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، قبل الحرب بأسابيع قليلة.

يقول " باول " : " كنت منزعجا فعلا، ولكنني لم أصل إلي درجة القلق والتوتر. خاصة وأننا لا نبدأ من نقطة الصفر. فلدينا تقييم هيئة الاستخبارات القومية – NIE ووكالة الاستخبارت المركزية – CIA وبعض المواد الخام لأسلحة الدمار الشامل ( عثر عليها المفتشون من قبل ) التي يمكن الاستفادة منها. هذا من ناحية، من ناحية أخري لدينا سابقة مهمة وخبرة في التعامل مع هذا النوع من القضايا. نحن أمام لحظة مشابهة لما فعله السياسي الأمريكي " أدلي ستيفنسون " في الأمم المتحدة خلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، عندما أثبت للعالم بما لا يدع مجالا للشك خطورة الصواريخ النووية التي حاول الاتحاد السوفييتي السابق نصبها في كوبا."

ما يؤكد أن " الدبلوماسية " أيضا ( خدعة ) مثل الحرب تماما، سواء سبقت الحرب – كما هو الحال مع العراق عام 2003، أو ( منعها ) قبل خمسين عاما 1962 – 2012.

dressamabdalla@yahoo.com

نقلًا عن إيلاف

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع