CET 00:00:00 - 16/09/2009

مساحة رأي

تقديم: نبيل المقدس
مقدمة : إلي الأخوة في الوطن ... أرجو أن لا تأخذوا هذا المقال كإزدراء لعقيدتكم فأنا لا أتدخل في عقائد... بل أنا أبحث عن العصر الجميل الذي كان فيه لا فرق بين عنصري الأمة , كما أبحث في سُبل إسترداد حقوقنا كمسيحيين لكي نستطيع أن نكوّن قوة هائلة معكم لنتقدم بوطنا العزيز أو علي الأقل نردهُ كما كان منذ أربعون سنة خالي من كل حقد وتعصب , ومنها ننطلق به إلي أمجاد مصر القديمة.... مصر النيل والأهرامات ... مصر رائدة علم الفلك وأول من وضع تقويم ثابت لا يتغيّر ... مصر التي خرج منها منها موسي بطريقة إلاهية ... وأحتضنها رب المجد يسوع مع عائلته المقدسة... إلي مصر المستقبل...!!
   
نقلت وسائل الإعلام عن طريق الإنترنت نبأ إنتحار قس ألماني بروتستانتي يبلغ من العمر 73 حرقا ً إحتجاجا ً علي إستمرارية زيادة أعداد المسلمين في البلاد الأوربية ... ويُكمل النبأ بأن كل ما كان يخطط له لوقف هذه الزيادة في الأعداد فشلت.  
هذا النبأ فكرني عندما كنت في المجر للدراسة ,و كان لي صديق مسلم أوقع فتاة مجرية في شباكِه , هي طبعاً لاتفرق بين المسيحية أو الإسلام ... فقد كانت ملحدة مثل باقي جيلها وقتها حيث كانت البلاد الشرقية تتبع السياسة الشيوعية ... وعرض عليها عليها الزواج ... كلمة الزواج بالنسبة لها كلمة كبيرة وأمنية لكل فتاة لأنهن كن لا يتزوجن , فقد كانت كل فتاة لها فتاها لمدة ما .. ثم تنتهي حتي تجد رفيقاً آخر . وفي إحدي الأمسيات وجدتُ صديقة صاحبي هذا تجري نحوي مسرورة وتهتف قائلة ... (همُوته) قصدها [علي حَمُودة صديقي] سيتزوجني في السفارة .. نظرت إلي هَمُوته آسف قصدي حَمُوده , وإذ يقول لي : خلاص (يوديت)  أشهرت إسلامها وسوف يتم الزواج باكر أرجوك تعالي ومعك عبد المنعم ومصطفي لتحضروا كتب الكتاب والدخلة , ( قلت له ضاحكاً ... هو إنت لسه ماكتبتش الكتاب عليها لغاية دلوقتي بعد 6 شهور زواج ) ... ضحكنا وإذ هي فعلاً كانت حامل في الثلاثة شهور الأولي.

 بعد الإنتهاء من دراستنا بعشرة سنوات قابلت صديقي حَمُودة بالصدفة في النقابة وسألته عن زوجتِه ... وإذ به يقص لي قصة غريبة جداً ... حدثت أيام ما كنا في المجر ولم يحدثنا عنها في حِينها من الخجل ... قال لي : أنا طبعا بدأت أشرح لها مباديء ديننا , وعندما شرحت لها أن من حق الزوج أن يكون له أربعة زوجات ... لمحتها أنها فرحت جداً بهذا المبدأ الغريب عليها... وفي إحدي الأيام أتيتُ من الكلية التي كُنا ندرس فيها وجدُتها في وضع غير لائق مع شاب مجري ... طبعا دمي فار ... وقالت لي لماذا أري علي وجهك كل هذا الغضب ... فقد أقنعتُ صديقي هذا بالإسلام ووافق عليه , وتلا الشهادتين بالعربي والمكتوبتين بالأحرف المجرية , وها نحن نمارس الشريعة , فهو من حقِه أن يتزوج أيضا مثلك ... فقد وجدت في إحدي طَيات كُتبك تحتضن إمرأة وتحمل إبنا علي ذراعِك... أليست شريعتكم تقول هذا ؟... أن المُسلم له الحق في مثني وثلاث ورباع !!!! ويكمل صاحبي كلامه : كان لازم أقول لها للرجال فقط لكنني خُفت وقتها لترفض , فأنت تعرف أن هناك لا فرق بين الرجل والمرأة , فأخذتها إلي السفارة وتم تطليقها مني وهي إحتفظت بالإبنة ولا أعرف عنهما شيئا , أكمل صديقي بأنه كان يريدها أم لنصف دستة أولاد لكي يكونوا بذرة في أرض المجر لإنتشار الإسلام  وخصوصاً أن المَجر كانت تحت حُكم العرب قرون طويلة , فهم يتقبلون الإسلام بطريقة سريعة . والغريب أنه كان يتكلم معي بطريقة فيها صراحة زائدة لم يكن يحدثني بمثلها من قبل ... فقد تغيّر آداب الحديث في مثل تلك المواضيع ... وكأنه يتكلم عن موضوع من حقِه عليّ أن أرتضي به وهو فكرة أسلمة المَجر. 

تصادفت مع شخص في مكان عام, هاجر إلي بلدة أوربية من زمن حسب قوله, لكنه دائما يتنقل بين جميع القارات والبلدان لظروف عمله, وقص لِي أنه يُوجد شخص في هذه البلدة التي يتخذها ملاذاً له بعد سفرياته الطويلة يَطلقون عليه أو ربما يكون إسمه الحقيقي بـ (الشيخ حسن زوربا) ... يمتلك الشيخ زوربـا جهاز تعداد أنا لا اعرف بالظبط كيفية شرح عمله ... يقول عنه هذا الشخص أن زوربا هذا يأتي كل يوم جمعة بعد الإنتهاء من الصلاة , يذيع عدد زيادة المسلمين في البلدة الذي يعمل فيها كإمام مسجد. ويتباهي أن عدد المواليد في هذا الأسبوع يصل إلي خمسة أطفال ... ثم تسمع جمهور المسجد وبصوتهم الجهوري ( الله أكبر الله أكبر زود عبيدك في بلاد الكفرة أكثر وأكثر) . 

من قراءاتي ما بين المواقع أدركت أنه يُوجد عامل من عوامل كثيرة يدخل في زيادة عدد مُسلمي أوربا , ويصير كلام الحاج أو الشيخ زوربا علي حق. هذا العامل هو الديموغرافي DEMOGRAPHY وهو ما نُطلق عليه النسبة السكانية في بلدة ما . يقول الدارسون للأوضاع السكانية أن أوربا أصبحت منذ فترة طويلة حتي قبل الحرب الثانية قارة عجوزة ... فهي تستهلك ثروتها السكانية دون أن تنتج المزيد من البشر ... فأصبحت مُعدّلات الأعمار في أوربـا أغلبها من الأعمار المسنة ... أما عواقب الحرب الثانية فقد كانت أسوء حتي أنها جعلت نسبة تعداد المرأة أقل من الرجال ... مما دَعت الدول الأوربية إلي قبول مبدأ الهجرة بأعداد عشوائية من دول شمال أفريقيا ومن الدول العربية والآسوية... كذلك ومن مُنطلق مبادئها الديموقراطية فتحت صدرَها لكل من يلاقي تعذيب أو إضطهاد سياسي في الدول الإسلامية أن يلجأ إليها ... هذا جعل تعداد المسلمين يتزايد لأن طبقاً لعقيدتهم يميلون إلي زيادة النسل بطريقة رهيبة  عكس مبدأ أصحاب البلاد الأوربية والمتمثلة في عدم الميل إلي الإنجاب الكثير للحفاظ علي مستوي معيشتهم العالية. 
فعلاً في كل زيارة لي من حين إلي حين لبلدة أوربية ألاحظ زيادة نسبية في وجود مظاهر إسلامية مما يدل علي أنهم يتزايدون علي مر السنين في هذه البلدان ... منذ 30 عاما كنت لا ألاحظ  وجود مسجد ... أو يلفت نظري سيدة تلبس الحجاب . لكن الآن تجد الجوامع في كل منطقة ... وتجد الكثيرات من السيدات تلبسن الحجاب ... وتزداد أكثر هذه المظاهر عندما يأتي  شهر رمضان أو عيد من أعيادهم , حتي تشعر انك في بلدة إسلامية عربية . وبالرغم أنهم أقلية جداً بالنسبة لباقي الأجناس والأديان الأخري ,إلآً أننا نشعر بوجودهم ,لأن لهم هوية هم يخلقونها بأنفسهم عن طريق التمسك بعاداتهم ولبسهم وإظهار تدينهم ( طبقاً لضمير كل واحد فيهم) . 

منذ 40 سنة في مصر كان المسيحي له هوية خاصة تدل علي مسيحيته , بالرغم من أن تعداد المسيحيين وقتها كان قليلاً جداً لا يتعدي كما تقول الإحصائيات غير المؤكدة أنها حوالي  10 % . وعندما ندرس لماذا نحن كمسيحيين أصبحنا بدون هوية وأصبحنا علي هامش الأحداث ... أقولها صراحة أن السبب الأصلي فينا ... فنحن بقدرة قادر تقوقعنا في أنفسنا من أول تجربة صعبة قابلتنا, ولم نواجها في مهدها ... كان لا بد أن نحافظ علي هويتنا المسيحية ... فمثلا كان لزاماً علينا أن نستمر بخروج الشباب في ليلة أحد السعف في الشوارع التي تحيط بها كنيستهم ومعهم أحدي الكهنة ... كما كنا نفعل من قبل. لماذا توقفت بعض الكنائس في يوم أعيادها توزيع الحلوي علي الأخوة في الوطن والساكنين حول الكنيسة ؟... فقد كنت أنا وجيلي من الشباب نخرج من الكنيسة ونقف علي بابها ممسكين بعلب الحلوي والبالونات , ونقدمها إلي كل شخص يمر علينا أمام الكنيسة ... وكم كانت فرحتهم بهذه المشاركة. لماذا توقفت الكهنة والقساوسة عن تقديم العزاء لإخوتنا في الوطن كما كان يفعلون من قبل ؟! . كانت لفتة جميلة إنك تري بإستمرار كاهناً جالساً في مآتم إخوتنا في الوطن ... كان الشخص المسيحي له هوية قوية في نظر الأخرين. لذلك كانوا يقفون بجانبنا عندما يُسلب أي حق من حقوقنا. كانوا يتمنون مشاركتنا معهم في أعمالهم ... كانوا يفتخرون بنا لحضور أفراحهم , ومجالستهم وضيافتهم في بيوتهم. ربما الآن هذه العادات موجودة نوعا ما , لكنها كنوع من مخلفات الماضي . تركنا لهم المنتديات والنوادي ... فاصبحت يمتلكونها لوحدهم .. فمن ضمن السلبيات التي إتخذناها وأنا من ضمن هؤلاء المتسببين فيها , هي إنفصالي أنا وزملائي المهندسين المسيحيين من ذهابنا إلي كافيتيريا النقابة والذي كان يقع في شارع رمسيس لمجرد أننا فوجئنا أن الذي هيّمَن علي النقابة هم من المحظورة ... لأننا وقتها إستهترنا في أن نذهب إلي النقابة لكي نرشح نقيبها الجديد وأعضائها. أخذنا بعضينا وأخرجنا أنفسنا من جميع مزايا النقابة , حتي الذهاب إلي النادي إعتبرناه فقط للأخوة المسلمين وليس من حقنا ... وبسبب عدم وجودنا علي الساحة بدأت مظاهرعقيدتهم تظهر رويداً رويداً حتي أصبح النادي والذي إنتقل علي الكورنيش في شارع أبو الفدا بالزمالك حكراً لهم ... لقد تنازلنا لهم عن حقوقنا المشتركة بيننا من أول مواجهة ......!!!! والأمثلة كثيرة حتي أصبحت الهجرة هي هدف كل واحد من مسيحي مصر. 

لماذا لا نشترك في أي حزب من الأحزاب التي تدعو إلي الحيادية مثل الحزب الوطني والليبرالي والوفد أو أي حزب آخر له مباديء سياسية و وطنية سامية ومتعادلة. وقد تكلمت حول هذا الموضوع في مقالات سابقة الكثير والكثير ... ألم تكن هذه الأحزاب بالنسبة لنا كمنابر تعلوا من عليها المطالبة بطلباتنا والمناداة بحقوقنا المهضومة وفرصة للمناقشة والحوار مع المؤسسات النيابية والشوري والحكومية ؟؟!!.
.......... نعم ............. إذا كانت أوربــــــــا بالعدد تتأسلم ..... فإننا في مصـــــــــر بعدم جديتنا نتألم . !!!!!!!!!!.....

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٣ صوت عدد التعليقات: ٣٢ تعليق