كتب: إسحق إبراهيم – خاص الأقباط متحدون
كشف تقرير صادر عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن السبب الرئيسي في انتشار الفقر يكمن إلى عدم المساواة الإقتصادية بين الأفراد، أي التفاوت في توزيع الثروات والدخول، وأن نسبة الفقر قد تجاوزت كل حد لدرجة أن النسبة الأكبر من الشعب المصري يعيشون تحت خط الفقر، وأرجع التقرير ذلك إلى السياسات الإقتصادية المتبعة التي لا تعمل على مبدأ العدالة في توزيع الثروات، مما أدى إلى زيادة تفشي ظاهرة الفقر وارتفاع معدلات التضخم، يُضاف إلى ذلك النتائج العكسية المترتبة على عمليات الخصخصة.
وانتقد التقرير تتضارب الإحصائيات والأرقام فيما يخص معدلات الفقر في مصر، إذ تؤكد تقارير وزارة التنمية الإقتصادية أن نسبة السكان تحت خط الفقر قد تراجعت من حوالي 24 % عام 1990 إلى 19 % عام 2005، ومن المستهدف الوصول بالمعدل إلى 12 % عام 2015. في حين أن وزير التنمية الإقتصادية قد كشف تراجع معدل الفقر في مصر إلى 16 % من إجمالي السكان وفق نتائج بحث الدخل والإنفاق الذي تم إجراؤه خلال شهر فبراير 2009. كما أعلن خروج أكثر من 12 % ممن كانوا فقراء عام 2005 من تحت خط الفقر، والذي قدر خلال العام الماضي 2008 بدخل شهري 167 جنيهًا مقابل 120 جنيهًا شهريًا خلال عام 2005 بدعم من زيادة معدلات النمو الإقتصادي خلال الثلاث سنوات الماضية. فيما أفاد تقرير التنمية البشرية العربية للعام ٢٠٠٩ أن معدلات الفقر في مصر تبلغ ٤١% من إجمالي عدد السكان، وجاءت مصر في المرتبة الثانية بعد اليمن. أما تقارير البنك الدولي فقد كشفت أن نسبة الفقر في مصر سجلت عام 2008 ضعف المعدلات المثيلة في دول الشرق الأوسط، وبلغت أكثر من 25% من مجموع السكان الذين يصل دخلهم إلى أقل من دولارين يوميًا.
وربطت المنظمة المصرية بين الفقر والخدمات المقدمة للمواطنين مشيرة إلى تدهور الوضع الصحي في مصر، فوفقًا لتقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) الصادر في 2009، هناك ما يقرب من نصف الأسر المصرية تعاني من سوء تغذية نتيجة لتدني مستوى الدخل لدى هذه الأسر. ومن بين تداعيات الفقر الأخرى نجد ظاهرة الزواج المبكر للقاصرات في سن الطفولة من رجال أكبر منهم سنًا في أغلب الأحيان هربًا من الفقر بالمجتمع.
أما التعليم فتشير الإحصائيات الأخيرة للجهاز المركز للتعبئة العامة والإحصاء التابع لمجلس الوزراء والصادر في العام 2006 إلى أن أعداد المتسربين من التعليم الأساسي بعد التحاقهم به فيما بين سن 6 إلى 18 سنه قد بلغ 4.24%، في الوقت الذي قدرت فيه نسبة الذين لم يلتحقوا بالتعليم الأساسي من الأصل 10.41% وتتركز السواد الأعظم من هذه الأعداد في صعيد مصر والمناطق الريفية التي يعانى قاطنيها من فقر مدقع، الأمر الذي أجبر معه هؤلاء الأطفال على هجر التعليم والاشتغال بحرفة لضمان سد حاجه الأسرة لا سيما وأن منهم من هو يعد رب الأسرة والمسئول عنها.
أما العمل.. ففي دراسة أعدتها وكالة بلومبرج الألمانية للأنباء عام 2009 عن احتلال مصر المركز السابع والخمسين من بين 60 دولة في دراسة تشمل معدلات التضخم والاستهلاك والبطالة وتدهور مستوى الأجور وعدم تناسبها مع حركة الأسعار.
ولا تقتصر آثار الفقر على الجانب الإقتصادي فقط، لكن تأثيراته الإجتماعية واسعة. فعندما تزايد الفقر في المجتمع المصري تزايدت العشوائيات التي تحد من تطور المجتمع، فوفقًا لدراسة حديثة صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء يبلغ إجمالي عدد المناطق العشوائية في محافظات مصر 1171 منطقة عشوائية يسكنها ما يقارب 14.8 مليون نسمة، وبما يصاحب ذلك من انعدام المرافق والخدمات الأساسية من مياه وصرف وكهرباء وخدمات صحية.
وخلصت المنظمة في نهاية تقريرها إلى أن الفقر شكل من أشكال الإقصاء والتهميش ويمسّ بكرامة الإنسان، ومن ثمّ فهو انتهاك لحقوق الإنسان.
وطالب التقرير أن تقوم استراتيجية مكافحة الفقر على عدة محاور رئيسية من أبرزها الإسراع من وتيرة النمو الإقتصادي كأساس لتقليص الفقر، وتحسين تنافسية الإقتصاد والحد من تبعيته للعوامل الخارجية. وكذلك تنمية الموارد البشرية والنفوذ إلى البنية التحتية الأساسية. وإعادة هيكلة منظومة الأجور في مصر حتى تتماشى والحد الأدنى الذي يتوافق وتوفير حياة كريمة للمواطن المصري وتلبي له كافة احتياجاته الأساسية، والعمل على تفعيل دور المجلس الأعلى للأجور في هذا الصدد، وإصدار تشريع يربط بين تحسين الأجور ووضع حد لارتفاع الأسعار.
صدر تقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تحت عنوان "مصر بين توغل الفقر وسراب التنمية" وبالتزامن مع مداخلة للمنظمة ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان تحت عنوان "الفقر انتهاك للكرامة الإنسانية" أمام الجلسة الـ12 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال الفترة 14 سبتمبر - 2اكتوبر 2009. |