CET 09:59:07 - 18/09/2009

مساحة رأي

بقلم: أشرف عبد القادر
حادثة الإمساك بـ 150 مفطر في رمضان في أسوان يجب أن لا تمر علينا مرور الكرام، فلأول مرة نسمع أن الشرطة المصرية تلقي القبض على 150 مفطرًا في رمضان، فالمتأسلمون تغلغلوا في كل مؤسسات الدولة بما فيها الشرطة ويسعون لتنفيذ مخططهم الرهيب بتحويل مصر إلى دولة دينية، فالنقابات كلها تقريبًا متخونجة، ولكن المُحزن أن تكون الشرطة أيضًا متأسلمة، فهذا يضر بنا كمسلمين ويضر أكثر بإخواننا في الله والوطن الأقباط، فالمفروض في رجل الشرطة الحياد والنزاهة لكن عندما نراه ينحاز لجماعة “محظورة” بالقانون أو ينحاز لأبناء دينه ضد أبناء وطنه فهو ما لا نقبله منه، لأنه بذلك خرج عن أداء وظيفته.
فلقد ذكرت في أحد مقالاتي في أحداث الفتنة الطائفية في الهجوم الذي حدث على كنيسة في الإسكندرية، أن ضابط الشرطة هو الذي قال للجماهير الهائجة “نحن نحرس الكنيسة من الأمام، اهجموا أنتم من على السور من الخلف”، هذا الضابط وأمثاله كثيرون، وهم الذين سيخربون مصر بفكرهم التفريقي الكريه، وبتواطئهم الإجرامي مع جماعة الإخوان المسلمين الذين تسللوا للتعليم والإعلام وخربوهما.

الحادث لم يكن عفويًا بل كان مقصودًا وما هو إلا بالون اختبار، اختبار لرد فعل الشعب المصري على قيام الدولة الدينية، بالون لمعرفة رد فعل أجهزة الدولة والمثقفين، لأن أذناب عاكف لو رأوا استجابة من الشعب فسوف ينتقلون إلى المرحلة الثانية وهي المرور بعربة الشرطة للقبض على كل من هو جالس على المقهى وقت الصلاة، ثم بعد ذلك أمر التجار بغلق متاجرهم لأداء الصلاة، لتقوم في مصر “شرطة دينية” وتلغي مصر دستورها وقانونها الوضعي، ليحكم هتلر مصر باسم الخلافة والشريعة، وتتحول مصر إلى أفغانستان طالبان أو إلى سودان الترابي أو إلى إيران الملالي حيث الدين عسر لا يسر، وحيث طرد نواب الله على الأرض الله من قلوب المسلمين.

المحزن حقًا هو أن نرى وزير داخلية مصر يختار هو أيضًا العسر على اليسر، وكأنه لا يعرف أن القرآن الكريم لم يفرض على من جاهر بفطر رمضان أي عقاب بدني. بل طالبه فقط بالاحتكام إلى ضميره أي بالكفارة عن صومه تحت رقابة إيمانه الفردي لا غير. قال الإمام محمد عبده: «نحن لا ندافع عن الإسلام بأكثر مما دافع به الإسلام عن نفسه».

لنكن واقعيين، ما هو حال المسلمين في شهر رمضان، فهم بين متكاسل أو متثائب، أو نائم في نهار رمضان... فينهار الإنتاج والإقتصاد، ويزداد الاستهلاك ومعه أمراض الكلى والأمعاء.

ديننا صالح لكل زمان ومكان ولكن بشرط إعمال العقل فيه وعدم الوقوف أمام النصوص صمًا وعميانًا، نحن بحاجة لكل الطاقات الخلاقة والمبدعة، وكل ما يعطل هذه الطاقات باسم الدين يجب أن يكون فيه نظر، لأن المصدر الثالث للتشريع هو “الإجتهاد”، فهل يتسلح فقهائنا بالشجاعة الأدبية والدينية ويصدرون فتاوى تيسر الدين قدوة بالرسول وبصاحابته الميامين، انطلاقًا من “فقه المصالح” للفرد والمجتمع؟ فهل نمتلك هذه الجرأة ونصدر فتوي بأن من لا يقدر على الصوم يفطر، وأن من يؤثر الصوم على إنتاجه يفطر، حتى لا نرى المسلمين في نهار رمضان ما بين نائم ومتكاسل أو متثائب وكأنهم سكارى وما هم بسكارى لكن إرهاق الصيام شديد، ونترك مشاكل السماء من جنة ونار لرب السماء ونحاول حل مشاكلنا على الأرض بالعمل الصالح الذي هو التنمية والتعليم التنويري العقلاني المتجاوب مع حقوق الإنسان، وإعلام الإنارة لا إعلام الإثارة المتأسلم، والمحافظة على البيئة وإعطاء المرأة حقوقها المهضومة، وكذلك إعطاء اخوتنا في الله والوطن حقوقهم الدينية والمدنية المهدورة، خدمة لمصرنا الخالدة التي كانت «أم الدنيا» فجعلناها في آخر أمم الدنيا عندما تركناها للإخوان المسلمين يخرّبونها من الداخل كما تخرّب السوسة حبوب الذرة.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق