بقلم- مجدي ملاك وفي الحقيقة لم اكن أنوي التعليق على تلك المذكرات لما بعد قرب إنتهاءها، ولكن حينما قرأت مذكرات هذا العدد قررت البداية في التعليق على تلك المذكرات لما إحتوته من العديد من نقاط الإثارة في حياة الدكتور سعد الدين إبراهيم خاصة أن هذا الاسبوع كتب عن جزء هام من حياته وهو ذلك المتعلق بالفترة التي حُكم عليه فيها بخمسة سنوات سجن ليقضيها في سجن طرة، وهو السجن الذي أطلق عليه الدكتور سعد إنه اصبح سجنه المعتاد حيث سجن فيه من قبل عدة مرات. ولعل هناك عدد من الملاحظات التي يمكن سردها قبل بداية التعليق على تلك المذكرات أهم تلك الملاحظات أن تلك المذكرات تميزت بجراءة معتادة في الدكتور سعد الدين إبراهيم، وهي جراءة ليست وليدة كتابة تلك المذكرت بل وبكل أمانة حينما تقابلت مع الدكتور سعد الدين إبراهيم في أحد المؤتمرات في الخارج رأيت فيه هذه الجراءة. فهو لم يخفي تأييده لوجود الإخوان المسلمين على الرغم من أن المؤتمر الذي كان مدعو فيه يرعاه أقباط المهجر ولكنه لم يخشى أن يعبر عن رأيه بأمانة وبصراحة وبصرف النظر عن إتفاقنا أو إختلافنا معه بخصوص موقفه من الإخوان المسلمون، الملاحظة الآخرى فيما تتعلق بالدكتور سعد الدين إبراهيم ان لديه قدرة كبيرة على الإستيعاب وسماع الآخر دون نفور او إحساس بالضيق مهما كانت درجة إختلافك معه، وهو أمر تعلمت منه كثيراًَ، فلا يمكن ان أنسى كيف كان الهجوم عليه شديداً في كثير من الأحيان وكيف إستطاع الدكتور سعد إستيعابه دون أن يشعر أحد بأنه قد ضاق من منتقديه، لقد كنت غاية في السعادة وانا أراقب كيف يتصرف، وكيف يتعامل مع مختلف الأمور، وعلى الرغم انه في أحد اللقاءت التي أجريتها معه كان بيننا إختلاف كبير ولكنني سرعان ما تذكرت كيف كانت قدرته حينما إختلف مع الآخرين وحاولت تعلم أن لا أضيق بما قاله حتى لو كان ذلك بشكل عنيف او غير مناسب من وجهة نظري. إذا كانت هذه بعض الملاحظات البسيطة فيما يتعلق بالدكتور سعد فتتبقى الملاحظات على تلك المذكرات في حد ذاتها، وبداية تلك الملاحظات يجب أن تبدأ بالسهولة التي كتب بها الدكتور سعد تلك الملاحظات، وحين قرأتها تذكرت نصيحة أحد الصحفيين لي في بداية المشوار الصحفي حين قدم لي نصيحة مازلت أحفظها حتى الآن ألا وهي أن الصحفي يجب أن تكون لغته بسيطة وسلسة يستطيع أن يقرأئها الجميع ويفهمها، وهذا ما رأيته في تلك المذكرات من سهولة في اللغة وبحيث يستطيع الكل الإستفادة من تلك المذكرات. الأمر الأخر في تلك المذكرات هو ما يتعلق بمحتواها حيث إحتوت على الكثير لا أقول من المفاجأت بل الكثير من التفاصيل التي يجب قرأتها بعناية لمعرفة كيف تسير الأمور حين تتعلق بالصدام بين أصحاب المصالح المختلفة، ولا شك أن حياة الدكتور سعد وسجنه كان بسبب صراع المصالح وإصطدامها في كثير من الأحيان بين الدولة والنظام السياسي في مصر الذي يريد أن يقول ويعمل الكل ما يريده هو، وبين اصحاب الرأي والرسالة الذين يروا فيما تعلموه هو الرسالة التي يجب توصيلها للمجتمع من أجل إحداث تغيير حقيقي داخل المجتمع ليكون المجتمع هو المستفيد بتلك التغييرات وليس النظام السياسي فقط الذي يريد أن يحقق ما يجعل الشعب يستجدي باقي مستحقاته. الدكتور سعد الدين أوضح في أخر حلقة من مذكراته أن زيارة سفير الولايات المتحدة الأسبق ديفيد ولش له في سجن طرة تضمنت سؤال السفير عن صحته، وعن أن بلاده لن تتركه حتى تنتهي تلك القضية. وأن حكومة بلاده قد حزنت لصدور الحكم ضده بخمس سنوات، وكيف انه كان يخبر الأمور بكل ما يدور في تلك اللقاءات طواعياً حيث أوضح الدكتور سعد انه في الأغلب كانت تلك الزيارات تسجل من قبل إدارة السجن، ولهذا كان يقوم هو بإخبارهم بما كان يدور في تلك الأحاديث. أما أخطر ما ذكر في الحلقة الأخيرة من تلك المذكرات هو ما يتعلق بتعليق ما يقرب من 150 مليون دولار من المعونة الأمريكية لمصر، وخروج إشاعات أن الرئيس الأمريكي جورج بوش قام بتعليق تلك المساعدات نتيجة الحكم على الدكتور سعد الدين إبراهيم بخمس سنوات، وهو ما جعل الرئيس مبارك مبارك يغضب عليه غضب شديد إلى الحد الذي إعتقد فيه الكثيرين أن الإفراج عن الدكتور سعد أصبح في حكم المستحيل خاصة بعد ما تردد أن أعضاء الحزب الوطني سيقومون بحملات لتشويه صورة الدكتور سعد الدين إبراهيم بعد إنتشار هذا الخبر. والأغرب في تلك الأنباء كما ذكر الدكتور سعد أن الكثير من المسجونين معه بعد إنتشار هذا الخبر إعتقدوا انه مقرب جداً للرئيس جورج بوش مما جعل الكثير من المسجونين يطلبون مطالب شخصية منه مثل مساعدتهم في إستخراج فيزا إلى الولايات المتحدة لأبنائهم أو مساعدة أولادهم في الحصول على منح دراسية داخل الولايات المتحدة، وهو ما جعله يتقبل طلباتهم بمقولة "حينما أخرج سوف أفعل كل ما تريدونه". الحلقة الأخيرة أيضاًَ تضمنت ذكر للعديد من الوزراء الذين رافقوا الدكتور سعد الدين إبراهيم ومنهم محي الدين الغريب وزير المالية السابق، ووزير السياحة الأسبق، ووصف الدكتور سعد كل منهم بأنه متواضع في حين وصف المستشار ماهر الجندي محافظ الجيزة الأسبق بأنه كان متكبر ويريد أن يعامله الكل على أساس إنه مازال في الوزارة مما جعل الكل ينفر منه ويبتعد عنه حتى انه إشفق عليه وتردد عليه من فترة لآخرى وأعطاه الإحترام الوجب لعل ذلك يخفف من الوحدة الذي أصبح يعاني منها بعد إبتعاد الناس عنه. مذكرات الدكتور سعد تحمل ميراث من الألم والكفاح في ذات الوقت، وتحمل معها أيضاً العديد من الدروس التي يجب أن نتعلمها في حياتنا، فهي تمثل ليست فقط ذكريات ومذكرات ولكنها دروس يجب علينا دراستها وتحليلها وإستخلاص العبر منها حتى نستطيع أن نفهم كيف يكون الصراع، وكيف يمكن إدارته بين الإدارات المختلفة.
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت | عدد التعليقات: ٣ تعليق |