بقلم: د. عاطف نوار
بداية أُهنئ أُمنا الكنيسة بعيد النيروز و تذكار تتويج أبنائها الشهداء بأكاليل الشهادة بيد فادينا .. المسيح رب المجد.. إن الجهاد و الإضطهاد
كلمتان متلازمتان أثقلتا آذان الشعوب وأحزنتا القلوب و أكأبتا النفوس.. و كان الجهاد فى سبيل الله تعليلٌِ لما يحدث للأقليات من إضطهاد .. مما دفع الفكر المستنير لبحث هذه القضية و كشف أسرارها و إعلان حقيقتها .. ما هو المفهوم الصحيح للجهاد فى سبيل الله ؟.. إن الجهاد فى سبيل الله هو بذل الجهد و العرق للتبشير باسمه وبقبوله للجميع فى ملكوته .. فالمجاهد هنا وظيفته فقط ان يبلغ رسالة الله بحبه للجميع و دعوته للتاس إلى التوبة .. أما من جهة القصاص فهو يخص الله فقط .. هو الذى يجازى و يعاقب .. إن رسالة الله لمن يخدمونه و يجاهدون فى نشر دعوته هى أن يبشروا فقط به ..
من يقبل فقط نال الخلاص و من لايقبل فعقابه عند الله بعد الممات.. لذلك أوجد الله النار لمن لا يقبل و الجنة لمن يقبل .. إذن فالجزاء و العقاب ليسا من سلطة رجال الدين و لا من يعاونهم فى الجهاد فى سبيل الله .. إذن ما هى حقيقة ما يحدث للأقليات من قتل و إغتصاب و سرقة و هتك أعراض .. هل هذا كله جهاد فى سبيل الله ؟ .. هل الله دعا الذين يخدمونه إلى إرتكاب كل هذه الجرائم لتنجح الدعوة باسمه ؟ حاشا .. إن حقيقة الأمر غير ذلك تماما .. فكل هذه الجرائم البشعة تقع تحت مسمى الإجرام .. و حاشا لله أن يكون خدامه من المجرمين..إن عبارة الجهاد فى سبيل الله هى ثوب الحملان الذى لبسه مدعى التدين مبررين فجورهم مزينين دنائة شهواتهم فى جمع المال و النساء و السلطة حيث شهوة الجسد و شهوة العين و تعظم المعيشة.. إن عبارة" الجهاد فى سبيل الله" تكشف جُبن هؤلاء و تعكس زيف تدينهم .. فهذه العبارة أُطلقت لتبرير جرائمهم ضد الأقليات العُزل من العُدة و العتاد .. فهل يستطيع أولئك الأبطال المجاهدين ان يمارسوا هذه الجرائم العلنية ضد بلاد عُظمى لا تعبد الله كالصين و اليابان ؟.. إن عبارة " الجهاد فى سبيل الله " هى سبيل لاضطهاد خلق الله و النيل منهم .. إن الإضطهاد هو ممارسة التمييز على الأقليات و يصل ذروته إلى أعمال العنف و الهمجية لإجبارهم على ترك مايعتقدون به.. و الحُجة.. أنهم أعداء الله .. لذا فالإعتداء عليهم هو جهاد فى سبيل الله ..
و هذا ما قاله رب المجد " بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله" (يو 16 : 2) .. ثم من هو عدو الله .. الذى يعبده منفذا أوامره فلا يقتل و لا يزنى و لا يسرق و لا يشتهى مال و إمراة غيره ؟.. أم الذى يخالف أوامره فمع سبق الإصرار و الترصد يقتل و يزنى مغتصبا نساء غيره و يسرق مال غيره ؟ .. من هو عدو الله ؟ .. الذى يتعفف عن شهوات العالم ؟ أم الذى ينغمس فى شهوات هذا العالم؟..و فى هذا يحدثنا الله فى الكتاب المقدس" أيها الزناة والزواني ، أما تعلمون أن محبة العالم عدواة لله ؟فمن أراد أن يكون محبا للعالم فقد صار عدوا لله " ( يع 4 : 4 ) و محبة العالم تُعنى محبة شهوات العالم من قتل و زنا .. إلخ .. و عجبا .. أن يُصبح الجهاد فى سبيل الله عدواة لله .. إن إضطهاد الأقليات لهو إعلان صريح عن عجز من يضطهدهم و ضعف حُجته و برهانه.. و ها قد رأينا دقلديانوس و نيرون و رفقائهما بجبروتهم و عُدتهم و عتادهم و قد و قفوا عاجزين عن ثنى آبائنا الشهداء العُزل عن إيمانهم ..
فما كان منهم أن استخدموا معهم أساليبهم الواهية من إضطهاد و تعذيب .. و كانت النتيجة أن توج التاريخ شهداءنا بأسمى درجات المجد و الكرامة و طرح هؤلاء الجبابرة الإرهابيين فى مزبلته.. و من قبلهم فرعون مصر الذى اضطهد شعب الله و أذله فكان مصيره و جنوده و عُدته فى قاع البحر الأحمر اما شعب الله فدخل إلى أرض الكرامة و برية المجد .. إن عبارة " الجهاد فى سبيل الله دفاعا عن دين الله " تحوى إهانة لذات الله و كُفر بمقدرته .. حيث لا يحتاج الله لمن يدافع عنه فهوالذى" يقاتل عنكم و أنتم تصمتون " ( خر 14 : 14 ) .. إن الإضطهاد يُزيد الأقليات قوة فى إيمانهم بفكرهم و معتقدهم .. فالسيف عاجز لا يقدر على قتل الفكر .. و التاريخ يشهد ..
ففى ساحات دقليديانوس كانت دماء الشهداء تُغطى ارجل الخيل و كانت جموع الحاضرين يؤمنون بالمسيح ربا و إلها .. إن الشئ الوحيد الذى يقتل الفكر هو الفكر و هو ما يفتقر إليه من يضطهد الأقليات جهادا فى سبيل الله.. إن الإضطهاد ليس غريبا على الأقليات .. فهو كرامة لهم و تأكيدا على قوة و رصانة معتقدهم .. و رفض الإضطهاد و التنديد به يؤكد شجاعة تلك الأقليات و ثقتهم فيما يعتقدون .. لذا أشد على يد كل من شارك فى إضراب الحادى عشر من سبتمبر الحضارى الذى عبر عن رفض الإضطهاد و التمييز فى شجاعة و جرأة غير مسبوقتين .. إن الجهاد فى إضطهاد الأقلية ضعفا و خسة .. و الجهاد فى رفض إضطهاد الأغلبية قوة و كرامة.
bolapavly@yahoo.com |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|