بقلم: ناهد صبري
وصل إلى يدي كتاب للدكتورة نوال السعداوي وهو "الرجل والجنس" وهو يصنف على أنه من كتب المشورة والنضج الاجتماعي، أعجبني في هذا الكتاب عبارة أثارت فيّض تأملات شتى هذه العبارة هي (إن مجرد تشبيه الرجل بالمرأة (لفظيًا) يعد من أشد الشتائم والإهانات للرجل ومن هنا ندرك كم يصبح النضج الحقيقي شيئًا متعذرًا لكثير من الرجال، وكم يفضل الأغلبية الساحقة من الرجال أن يكونوا كما فرض عليهم المجتمع أن يكونوا بدلاً من أن يكافحوا من أجل أن يكونوا حقيقتهم).
الحقيقة إن النضج مرتبط بقدرة الشخص على التخلص من الفكرة القائلة بتمزيق الإنسان إلى جزأين هما الجسد والنفس، فكلما كان الجسد قويًا مفتول العضلات، خشن الصوت كان أقرب للرجولة منه للأنوثة بينما الرجل الناضج هو الذي لم يعد يخجله أن يبكي تأثرًا، ولم يعد يخفي رقته وحنانه وإنسانيته خوفًا من أن يتهم بأنه كالنساء فقد تصالح فيه الجسد مع النفس وأصبح لا يرى في ذلك حرجًا وإنما يرى فيه نبلاً إنسانيًا ويرى فيه مشاركة وعطاء.
الرجل الناضج يكون مصدر قوته الحقيقية هو صدقه مع نفسه ومع الآخرين فلم يعد الجسد ولا المال ولا النفوذ قوة تستحق التباهي، والإطراء مع أن كل ذلك قد يكون موجودًا فالصدق هو الذي يعطي لكل هذه الموجودات معناها الحقيقي.
الرجل الناضج يبث مشاعر الأمان الحقيقية فيمن حوله، وما أحوجنا للأمان في العصر الذي نعيش فيه، فالرجل الحقيقي هو الذي يشيع أمانًا حقيقيًا لا زائفًا فيمن حوله.
الرجل الناضج قادر على حب من حوله وما حوله.
الرجل الناضج قادر على الإحساس بالجمال في كل شيء.
الرجل الناضج قادر على تحمل المسئولية عن نفسه وعن مًَن حوله، هذه المسئولية مبعثها إرادته الواعية مما يعني وعيه بدوره وقيمته ووعيه بدور وقيمه الآخر وهو يتحمل المسئولية بفهم وحب وعن رضا كامل ويسعد بما يقدمه للآخرين من عطاء.
وأخيرًا فإن النضج الاجتماعي الذي قصدته د.نوال السعداوي وبالمعنى الذي استعرضناه سابقًا لا يتم بغير عامل هام جدًا ألا وهو الخطاب الاجتماعي الموجّه للشخص من المجتمع المحيط به.
فهذا الخطاب قد يساعد الشخص على النمو وبالتالي على بلوغ النضج الاجتماعي أو قد يعطله ويجعل منه ذاتًا هزيلة تتحكم فيها الأهواء والغرائز.
|
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|