بقلم: ماجد سمير
غنى الراحل العندليب الأسمر "عبد الحليم حافظ" في أحد أفلامه الشهيرة لسيدة الشاشة العربية "فاتن حمامة" أغنية "حلو وكداب" معبرًا لها عن غضبه بمنتهى خفة الدم عن الموعد الذي "فرقعته" فيه الفنانة الكبيرة ولم تحضر كما سبق وأن اتفقا معًا، وظل "العندليب" ينتظرها في منتصف "كوبري الجامعة" لفترة طويلة منذ الساعة الثالثة عصرًا حتى صرخ "نافوخه" من شده الحرارة وكاد أن يصاب يومها بضربة شمس.
وغفر المطرب الراحل يومها "الزمبة" ولم يحزن ربما لأنه كان يحبها –حسب أحداث الفيلم– أو لأنها شابة وأيضًا جميلة.
ولكن لو كان الموقف مع من لا تمت للجمال بصلة سواء من قريب أو بعيد وتكذب بسرعة 100 كذبة في الصفحية ولا يصلح لها أي عمرة ولا يوجد لها قطع غيار فضلاً عن أنها مفروضة من خاطبة لا تعرف الصدق سيتحول الأمر إلى كارثة، ولو أمد الله في عمر العندليب لصرخ في وجهها -لأنها لا تستحق الغناء- قائلاً: "وحشة وكمان كذابة".
والدنيا كلها بطولها وعرضها تتفق تمامًا مع ما يقوله مثلنا الشعبي الدارج "الكذب مالوش رجلين"، ورغم أن المثل المذكور "كلمة كلمة وحرف حرف" صناعة وتفقيل وتجميع مصري بنسبة 100% إلا أننا كما اخترعنا المثل اخترعنا للكذب رجلين وإيدين وبطن وظهر، وأهم كل ذلك نجحنا بشكل منقطع النظير في تطوير المنتج بإضافة قفا منبسط ومتمدد ومسلطح بوضع ينجح في جذب كل الملهوفين لسماع رنة الضرب على القفا، وطرقعة القلم المزودة بسماعات "دولبي سيستم" تجعل من مجرد لمسة الكف على العضو المسكين والمفترى عليه في جسم الإنسان إنفجار مزلزل وكأنك في دار عرض سنيمائي في أرقى مدن العالم.
ورغم ذلك أن هناك من يحاولوا دائمًا أن يواجهوا الناس بالحقيقة وبالبلدي "بيصعب عليهم الفن" مثل مدير تحرير جريدة وطني عمنا "أحمد صفوت عبد الحيلم" الذي يقوم في عموده الأسبوعي بتحليل ونقد قضايا وهموم وطنية، و"لحظة صدق" العم "صفوت" –اسم عموده الأسبوعي- طرحت بقلم رشيق على سبيل المثال لا الحصر قصة الطبقة الوسطى وتآكلها واختفائها من الوطن، ملقيًا من خلال سلسة مقالات الضوء على خطورة "الكذب" في مجتمع ماتت طبقته الوسطى، وقامت "لحظة صدق" العم الجليل أيضا "بمد" الكذب على رجليه بسن قلمه المتألق في مقال أشار بكل ووضوح إلى كمية الأكاذيب التي عشناها وما زلنا نعيشها عن العصر البائد والعصر الحالي، وانتهى في آخرها إلى أنه يتمنى أن يعيش مرة أخرى في العصر البائد.
ولكن ماذا ستفعل "لحظات صدق" العم الجليل والقلائل ممن يسيرون على دربه عندما تحكم الأمور "عشرة كوتشينة" فقط يفوز فيها من يتمكن من اللعب "بالكومي" أكثر من مرة رغم أن الكوتشينة بها "كومي" واحد، والغريب أن مواجهة الصدق والكذب على مائدة "البصرة " ستنتهي حتمًا للكذب، لأن "زكي بشكها" رغم أنه خسر في فيلم "المليونير" "العشرة" أمام "إسماعيل ياسين" إلا أنه في "العلم" سيفوز دائمًا، فهو ومن على شاكلته يملكون في مواجهة "لحظة صدق" العم صفوت كل "ساعات الكذب". |