السفير الإسرائيلي السابق لدى القاهرة تسفي مزئيل لـإيلاف:
رفض تسفي مزئيل الاتهامات بأن تكون إسرائيل عملت ضد انتخاب فاروق حسني أمينًا عامًا لليونسكو، خصوصًا بعد تعهّد نتنياهو أمام الرئيس المصري، بعدم العمل على عرقلة انتخاب الوزير المصري، مع ذلك أقر مزئيل أن منظمات يهودية في أوروبا وشخصيات ثقافية يهودية عملت وفق منظورهم واجتهادهم الشخصي في الأوساط الثقافية والدبلوماسية لمنع فوز حسني، الذي يتهمه السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة بأنّه يمثل نظامًا يقمع الحريات ويقمع الثقافة والفن داخل مصر نفسها.
قال السفير الإسرائيلي السابق لدى القاهرة، تسفي مزئيل، في حديث خاص لـ"إيلاف" إن خسارة وزير الثقافة المصري، فاروق حسني في التنافس على منصب مدير عام منظمة اليونسكو، يعود لتمثيله أمام العالم نظاما يقمع الحريات ويقمع الثقافة والفن داخل مصر نفسها. وقال مزئيل إن مصر العربية تحت وزارة فاروق حسني تراجعت من حيث إنتاجها الثقافي على كافة الأصعدة، بدءًا من التراجع الكبير في صناعة السينما والفن والمسرح، وانتهاء بغياب مصر المذهل عن ساحة الإنتاج الأدبي والثقافي إلى درجة الفشل الكبير لمصر في مهرجانات الكتاب الدولي وآخرها في تورينتو إيطاليا في شهر مايو، والتي جعلت النقاد والأدباء في مصر، يحملون بشدة على فشل حسني في منصبه.
ونفى السفير الإسرائيلي السابق، أن تكون إسرائيل عملت ضد انتخاب فاروق حسني لمنصبه، خصوصًا بعد تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو أمام الرئيس المصري، بعدم العمل على عرقلة انتخاب الوزير المصري، مع ذلك أقر السفير مزئيل أن منظمات يهودية في أوروبا وشخصيات ثقافية يهودية لها وزنها في أوروبا مثل الفيلسوف اليهودي الفرنسي برنارد هنري ليفي، عملوا وفق منظورهم واجتهادهم الشخصي في الأوساط الثقافية والدبلوماسية لمنع فوز حسني.
وكشف السفير مزئيل أن وزير الثقافة المصري، فاروق حسني رفض طيلة مكوث مزئيل سفيرًا لإسرائيل في القاهرة، لقاء السفير الإسرائيلي على الرغم من تقدم السفارة الإسرائيلية بطلب رسمي لهذه الغاية، فحسني كان ولا يزال معارضًا لتطبيع العلاقات وخصوصًا الثقافية والأدبية منها مع إسرائيل.
وفي ما يلي نص الحوار مع تسفي مزئيل:
إيلاف: سعادة السفير السابق تسفي مزئيل كيف تفسر خسارة فاروق حسني في المنافسة وما هو الدور الإسرائيلي في هذه الخسارة؟
مزيئيل: لقد طالعت صباح اليوم الصحف المصرية الأهرام الأخبار والجمهورية، وقرأت طبعا كل ما كتب عن أن أوروبا اميركا والمنظمات اليهودية ووراءهم إسرائيل تجندت ضد انتخاب فاروق حسني، وما إلى ذلك، وأعتقد اننا هنا أمام رؤية غير صحيحة للواقع والوضع الحقيقي. أعتقد أنه في العالم العربي، وفي مصر عند وقوع مشكلة أو فشل معين، يتم دائمًا توجيه إلاتهام لإسرائيل لليهود وللغرب وتحميلها مسؤولية الفشل. هذه الرؤية غير مقبولة ففاروق حسني كان مرشحًا مصريًا، كوزير ثقافة، وقد بذلت مصر كل ما في وسعها لضمان انتخابه، وقامت بتحركات سياسية في أوروبا وأميركا. فالحديث هنا عن منصب مرموق له تأثير وهيبة، صحيح أنه في إسرائيل عندما سمعوا أن فاروق حسني مرشح للمنصب ، لم يسروا لذلك فشخص مثل حسني كان معاديًا للتطبيع وخصوصًا في مجالات الثقافة والأدب ، بل إنه دعا في البرلمان المصري على إحراق الكتب الإسرائيلية، ولكن كما نعرف فما حدث هو أن مبارك ونتنياهو اتفقا ألا تعرقل إسرائيل ترشيح فاروق حسني، ألا تعمل لانتخابه ولكن أيضًا ألا تسعة لعرقلة الجهود المصرية.
إيلاف: ولكن منظمات يهودية في أوروبا نشطت ضد انتخاب حسني؟
مزئيل: الواقع أن المنظمات اليهودية على الرغم ما يعتقدونه في مصر، ورغم كونها مناصرة ومؤيدة لإسرائيل، لكنها لا تنشط بأسلوب المؤامرات بالتنسيق مع إسرائيل فلهذه المنظمات موقفها الخاص والمستقل ، وفق الصحف المصرية فقد كانت هناك منظمات يهودية عملت ضد فاروق حسني، ولكن نحن نعلم عن المثقفين والفلاسفة اليهود الفرنسيين : برنار هنري ليفي، ولاتسمان وإيلي فيزل دعوا العالم إلى عدم انتخاب حسني لأنه دعا لمحرقة كتب ولا يليق باليونيسكو أن يكون مديرها قد دعا لإتلاف كتب إسرائيلية كانت ام أخرى، لا أعرف إذا كانت هناك أصوات أخرى، فهذا غير واضح، وإسرائيل كدولة لم تنشط في هذا السياق فقد كان هناك على ما يبدو اتفاق بين نتنياهو ومبارك.
وما حدث هو فاروق حسني خسر في الانتخابات وعلى الفور خرجت الصحف لتتهم إسرائيل بالمسئولية عن هذه الخسارة، لم يتهموا إسرائيل صراحة بذلك ولكنهم قالوا إنه كانت هناك مؤامرة لمنظمات يهودية تقف إسرائيل من ورائها.
أعتقد أن ما حدث هو مختلف كليا. أعتقد أنه آن الأوان لأن يدرك المثقفون في مصر أن العالم لم يصوت لصالح فاروق حسني ، لأنهم يعتقدون أن فاروق حسني يشغل منذ 22 عامًا وزيرًا للثقافة في نظام يقمع حرية التعبير ولهذا لا يمكن له أن يكون المدير العام لمنظمة مثل منظمة اليونيسكو، المسؤولة عن نشر الثقافة والحوار الثقافي ، هذه هي القضية الرئيسة.
إيلاف: أي أنه خسر الانتخابات لأنه فشل في وظيفته في مصر، ومثل نظامًا لم يطلق الحريات للثقافة والفن وعليه فقد عوقب على ذلك؟
مزئيل: هذا هو رأيي، فأنا أتابع المشهد الثقافي في مصر والعالم العربي، فأنا أعمل اليوم باحثًا في مركز أورشليم القدس للشؤون العامة والدولة، وأكتب مقالات في الجيروزاليم في وسط مواقع أخرى عن مصر ودول أخرى، هذا هو رأيي، وقد قرأت مواد كثيرة عن مصر وعن دور فاروق حسني، ويتضح من المواد أن الكثير من المدونيين المصريين دعوا في مدوناتهم إلى عدم انتخاب فاروق حسني لهذا المنصب، وعارضوا انتخابه لأنه يمثل نظمًا يقمع الحريات والثقافة والفن، وهذه هي المشكلة. صحيح أن هناك سلام بين إسرائيل ومصر، وتعاون في مجالات سياسية وإستراتيجية، ولكن هناك حقائق وهي أن النظام يقمع الحريات، وعندما يتعلق الأمر بمنظمة اليونيسكو فهذان الأمران لا يتفقان معًا وعلى مصر أن تدرك ذلك.
فالناس اليوم يتسائلون عن مساهمة مصر للثقافة العالمية بعد محفوظ والعقاد، ، ما هو حجم الإنتاج الثقافي لمصر وعدد العناوين الصادرة فيها سنويا، 300-400، ففي إسرائيل وحدها يصدر سنويًا 8000 عنوان سنويًا، أكثر مما يصدر في مجمل دول العالم العربي.
سأعطيك مثالا آخر، فقد دعيت لإعطاء محاضرة عن العلاقات بين إسرائيل ومصر بالمناسبة معرض الكتاب السنوي في تورينو حيث كانت مصر الضيف الرسمي للمعرض، وعليه كان يفترض أن تعرض انتاجًا أدبيًا غزيرًا، لكن الجناح المصري، كان بائسًا ويدعو إلى الشفقة ، بدلاً من عرض آلاف الكتب المصرية والمترجمة، مع أن مصر غزيرة ومليئة في الكتب باعوا هناك سجاجيد! ويتضح أن فاروق حسني لم يدرك مغزى ذلك في معرض دولي كان يمكن لمصر أن تعرض ثقافتها منذ مئات السنين وقد أثار ذلك انتقادات في مصر نفسها وكتبت صحيفة الأخبار ضد ما حدث في المعرض المذكور. وخصوصًا غياب الإنتاج الأصلي بالعربية أو حتى الكتب المترجمة، والمسؤول عن هذا الفشل هو فاروق حسني ولا أحد غيره.
لقد فشل فاروق حسني في كل شيء فقد فشل في مصر وهم يعرفون ذلك لكن مصر تخطئ لعدم توفير الفرصة أمام رجالها في كافة المجالات حتى في مجال السينما فالسينما المصرية في تراجع منذ الستينات، وهي تغيب عن المهرجانات الدولية، فيما تبرز أفلام إسرائيل في هذه المهرجانات، مثل فيلم لبنان، وفيلم بوفور وغيرها، أين الإنتاج الثقافي المصري،، أين المسرح، أين الأدب، لقد كنت مستشارًا في سفارتنا في القاهرة في بدية الثمانينات وكنا نذهب للمسرح والسينما، أين هي اليوم، لقد ضاع كل ذلك والمسئول هو طبعا فاروق حسني الذي يتولى منصبه في مصر منذ 22 عامًا، وليست إسرائيل هي المسؤولة لقد صوت العالم ، أو أغلبه ضد ه لهذا السبب.
إيلاف: ولكن مع ذلك ألا تعتقد أن نشاط المنظمات اليهودية في أوروبا لم يساعد في خسارة فاروق مصري لهذا المنصب؟
مزئيل: دعني أحدد ذلك بمقاييس رقمية وأقول أنه إذا كان لإسرائيل أو المنظمات اليهودية تأثير فهو يصل إلى 30% أما الـ70% المتبقية فهي دور العالم.
|